الإمارات تحارب كورونا بأقنعة وجه بالطباعة ثلاثية الأبعاد
أبوظبي - أثمرت البيئة الداعمة للتكنولوجيا التي أسست قواعدها إمارة دبي في إيجاد شركات ناشئة صغيرة متخصصة في قطاعات تواكب متطلبات العصر وتتخصص في أنشطة تتماشى مع طبيعة الحياة فيها وطموحاتها أن تكون عاصمة الاقتصاد العالمي الجديد.
وفي الوقت الذي تكثف فيه دبي حاليا جهودها في مواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19"، ظهرت شركات صغيرة ومتوسطة أبدت رغبتها في دعم تلك الجهود بحلول ومنتجات مبتكرة من شأنها المساهمة في تعزيز القدرة على التصدي للجائحة العالمية التي ألقت بظلالها على أغلب أوجه الحياة حول العالم، وبالاعتماد على التقنيات الحديثة، لاسيما وأن هذا التحدي يتطلب تعاون الجميع وتكاتف كافة الجهود والمبادرات.
ومن بين تلك الشركات، قدمت شركة "بروتو21" والتي تأسست في دبي في العام 2018 وتخصصت في مجال الطباعة ثلاثية الأبعاد، إسهاما متميزا بتوظيف خبرتها في هذا المجال بإنتاج أقنعة حماية الوجه والتي تعد من الأدوات التي تكفل مستوى أعلى من الحماية للعاملين في خطوط الدفاع الأولى والأكثر عرضة لإمكانية العدوى نتيجة لاتصالهم المباشر سواء مع المرضى من أصحاب الحالات المؤكدة إصابتها بالفيروس أو تلك الحالات المشتبه فيها، حيث توفر تلك الأقنعة حماية لكامل الوجه بما في ذلك العينين والفم والأنف، وهي القنوات الثلاث التي يمكن انتقال الفيروس من خلالها حال التعرض لرذاذ المريض نتيجة العطس أو السعال.
"بروتو21"، التي اختار رائد الأعمال الباكستاني بير أرقم أن يطلقها من دولة الإمارات وتحديدا من إمارة دبي، بالشراكة مع "مجموعة جوزيف" ومقرها دبي، تقدم العديد من المنتجات المصنعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد لطيف واسع من الصناعات.
رائد الأعمال أرقم استلهم فكرة الشركة الناشئة من رؤية الحكومة بجعل دبي مركزا عالميا لتكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد، والتي تشكل اليوم طفرة كبيرة في العديد من المجالات الحيوية، حيث بات هذا النوع من الطباعة يخدم العديد من القطاعات، فيما سخرت الشركة معرفتها وخبرتها في هذه التكنولوجيا تصنيع الأقنعة الواقية للوجه، وكذلك بعض المكونات والصمامات المستخدمة في أجهزة التنفس الاصطناعي.
وانطلاقا من حرصها على المشاركة في دعم جهود دبي لمكافحة فيروس كورونا المستجد وتعزيز حماية الأبطال المكلفين بهذه المهمة في الصفوف الأولى لمواجهة الفيروس، تعاونت شركة "بروتو21" مع القيادة العامة لشرطة دبي لتصنيع وتوفير 1000 قناع واق للوجه بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد من أجل حماية ضباط وأفراد الشرطة ضمن الخطوط الأمامية في المواجهة الميدانية مع الجائحة، ممن تتطلب طبيعة عملهم التواجد على القرب من المصابين أو الحالات المشتبه بها، ولضمان مستويات أعلى من الحماية لهم.
كما تنتج الشركة أسبوعيا آلاف أقنعة حماية الوجه لإمداد الفرق التابعة لجهات أخرى في دبي ضمن خطوط الدفاع الأولى وفي مقدمتهم الأطباء وطواقم التمريض، مستخدمة في إنتاجها مواد متوافقة عضويا وعلى درجة عالية من قوة التحمل وفق أفضل المعايير العالمية في هذا المجال.
كما تبرعت الشركة بتقديم مكونات خاصة بالأقنعة الكاملة للرأس والمستخدمة من قبل جانب من الأطقم الطبية العاملة في عدد من المستشفيات وجهات الرعاية الطبية في دبي وأبوظبي بالمجان، التزاما من الشركة بالمسؤولية المجتمعية في هذه المرحلة الاستثنائية، واستشعارها لمسؤوليتها في تقديم يد العون لأناس اختاروا أن يكونوا في الصفوف الأولى من أجل حماية المجتمع وجميع أفراده من هذا الوباء.
ويعد نجاح شركة "بروتو21" دليلا على مدى جاذبية دبي للأنشطة الاستثمارية القائمة على المعرفة والمعنية بالتكنولوجيا المتطورة، حيث تمكن الشركة من مضاعفة مساحة مقرها الرئيس في دبي ثلاث أضعاف خلال فترة لم تتجاوز العامين، وكيف أن توجه دبي الرامي إلى تحقيق الريادة في بناء صناعات المستقبل، وما واكبه من إرساء البنية التحتية والتشريعية الداعمة لهذا التوجه، أمور تمنح رواد الأعمال فرصة نموذجية لمباشرة تحقيق أحلامهم وطموحاتهم انطلاقا من دبي.
ويقول رائد الأعمال بير أرقم، مؤسس شركة بروتو21 ورئيسها التنفيذي.
"دبي توفر البيئة النموذجية للمستثمرين الطموحين الراغبين في اللحاق بركب النجاح الذي حققته دبي على مدار عقود، وأصحاب الأفكار المبتكرة الراغبين في إطلاق مشاريع نوعيه تواكب التوجهات الاقتصادية العالمية".
واضاف "كنا محظوظين بإطلاق أعمالنا من هذه المدينة الطموحة والتي نستلهم منها العديد من الدروس المستفادة في مجال عملنا، كما إننا سعداء بالعمل مع العديد من المؤسسات والمشاريع الكبرى والجهات الحكومية في دبي ودولة الإمارات عموما".
وإضافة إلى خدمة السوق المحلية في دولة الإمارات، تمكنت الشركة الفتية من الدخول إلى مجال التصدير وفتح أسواق لها في المنطقة والعالم، حيث تصدر منتجاتها المصنعة بواسطة تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد وتحمل شعار"صنع في دبي" إلى أسواق عديدة عربية وعالمية.
وكان "مرصد دبي للاستثمار" قد أوضح أن دبي حققت تقدما ملحوظا في جذب مشاريع التكنولوجيا المتقدمة والمواهب المتخصصة، إذ أشارت بيانات المرصد إلى نمو نسبة المشروعات المستخدمة للتكنولوجيا الفائقة والمتوسطة في الإمارة، إذ بلغت نسبتها 47% من إجمالي المشروعات الاستثمارية فيها خلال النصف الأول من 2019، بحسب بيانات المرصد والتصنيف المعتمد عالميا من منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي.
وجاءت مشروعات التكنولوجيا الفائقة والمتوسطة في صدارة المشروعات التي تخلق الوظائف الجديدة بحصة بلغت 48 بالمئة من إجمالي 24 ألفا و294 وظيفة جديدة استحدثتها مشروعات الاستثمار الأجنبي المباشر خلال النصف الأول من 2019.
واوضح تقرير صدر عن "فاينانشال تايمز أف دي آي ماركتس داتا" نهاية العام 2018 أن اقتصاد دبي شهد قفزة نوعية في استقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر القائم على المعرفة لتتصدر بذلك المرتبة الأولى عالميا آنذاك في حصة الاستثمار الأجنبي المباشر في نقل التكنولوجيا.