'الإنسان والعلم والإيمان' يصنف الأخطاء العلمية ويبرز خطورتها

كتاب خالد مفتاح يتطرق الى الوجه العكسي للنظريات العلمية والى الفروض الخاطئة غير المقصودة والتدليس العلمي والعلم الكاذب والعلاقة المتوترة لرجال الدين بالعلم.
رجال دين يحرمون العلوم التجريبية

صدر عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بالقاهرة كتاب "الإنسان والعلم والإيمان"، للكاتب خالد مفتاح في العام 2020.
 وقد تتطرق المؤلف إلى التاريخ العلمي للعرب بكافة المجالات إلى أن وصلت الريادة العلمية للغرب عقب الثورة الصناعية 1776 ثم حفر أول بئر عام 1854 بولاية بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأميركية وخاصة عندما نجح الألماني "رودولف ديزل" في اختراع آلة احتراق تعمل بالهواء المضغوط، عام 1893م.
وما تلا ذلك من اختراعات فائقة التخصص بداية من الذرة حتى تكنولوجيا التشفير الرياضي الحالية.ويمثل البعد الاقتصادي محركًا هامًا للتطوير الاكتشافات العلمية.
الوجه العكسي للنظريات العليمة: وهو النتائج العلمية التي تنشأ عكس الأنماط التطبيقية القائمة، وقد أثبتت الاكتشافات أن هناك نمط تطبيقي جديد على خلاف بعض النظريات القائمة.
 فعلى سبيل المثال تشير الهندسة "الإقليدية" إلى أن المستقيمين المتوازيين لا يلتقيان مهما امتدا، ويمكن أن تشأ هندسة أخرى يلتقي فيها المستقيمان المتوازيان. 
فبالنسبة للأسطح المستوية زوايا المثلث تتكون من 180 درجة، بينما رسم المثلث على الأسطح المحنية أو الكرة تزيد الزوايا عن 180 درجة.
ورغم أن الصيغة القانونية التي تثبت زيادة حجم الغاز مع زيادة درجة حرارته المطلقة عند ثبات الضغط قاعدة حاكمة، إلا أن العلماء قد لاحظوا عند التطبيق أن هذه القاعدة لا تصلح إلا مع الماء الذي يضخ في "المواسير"، ولا تصلح عند ضخ السوائل الأخرى، نظرًا لاختلاف اللزوجة، وهذا يتسبب في حدوث انفجارات أو تسريبات.
الفروض الخاطئة غير المقصودة: رغم أن العلم هو أمل البشرية في الارتقاء والتقدم، إلا هناك بعض الأخطاء نتيجة للمدخلات الخاطئة. ومن أشهر هذه الأخطاء هي ما وقع فيه العالم الكبير أينشتين، عندما أضاف عاملا لا داعي له، وليس له أصلاً تجريبًا، لمعادلته في النظرية النسبية العامة، لكي تتسق هذه النظرية مع فكرة أن الكون ثابت الأبعاد لا يتمدد، إلا ان العالم الفلكي هابل أثبت بمشاهدته عام 1929 أن الكون يتمدد ويتسع، ونجومه ومجراته تتباعد.
التدليس العلمي: وهي نوع من الأخطاء المقصودة، وقد حدث ذلك في عام 1989م بالولايات المتحدة، عندما أعلن العالمان بونز  وفليتسمان عن نجاح تجربتهم في تطبيق عملية الاندماج النووي البارد بدون حرارة، وهذا عكس النمط السائد.
 وظهرت الحقيقة فيما بعد، حيث تم تزوير التجربة التي شاهدها الصحفيون، وكانت عبارة عن مرور تيار كهرباني في خلية كهروكيميائية، وقد لجأ العالمان إلى هذه الحيلة، لأن بعض المعلومات قد أشارت إلى العالم جونز المشرف على أبحاثهم النظرية في هذا المجال، قد توصل إلى  نتائج معملية حول الاندماج النووي البارد، فأردا أن يسبقاه بهذا الإعلان الزائف، وإثبات هذا الشرف لنفسيهما.  
العلم الكاذب: يمثل الروسي "ليسنكو" نموذجًا من الدجل والحماقة، فقد ألغى علم الوراثة في النباتات، وكانت بدايته بتقدم بحث نظري إلى أحد المؤتمرات في 169 صفحة عن الزراعة، دون أن يكون هذا البحث مصحوبًا بتجارب معملية، وذلك حول تأثير انخفاض درجات الحرارة على النباتات، ورغم أن ذاك ليس بجديد، تم استضافته في مؤتمر عن الحصاد بالكرملين عام 1935م، وذكر أرقاما مزورة ونتائج غير حقيقة، ووصف معارضيه من العلماء بأعداء الثورة، واستمال بهذا الحديث الثوري الزعيم السوفيتي ستالين، والذي نهض مصفقًا يقول "برفوا أيها الرفيق لينسكو".
 ورغم أن إنتاجية الولايات المتحدة من الذرة، قد بلغت نحو 220 مليون طن عن طريق الذرة التهجين ظلت القيادة السياسية تدعمه تحت حجة أن إسقاط هيبة عالم الثورة من إسقاط هيبة الزعيم، وظهر كذبه بدرجة لا لبس فيها عندما احتلت ألمانيا أوكرانيا ذات الحقول الخصبة، وحدثت ندرة في الغذاء، وتيقن الجميع بأن أراء العلماء الذين أعدموا أو سجنوا بسبب معارضة أرائه كانت صحيحة.
 فتم عزله بعد سقوط ستالين ولكنه عاد للعب بعقل الزعيم السوفيتي الجديد خروتشوف، فأعاده مرة أخرى ليشرف على مشروعات وهمية مثل: قمح لينسكو، دجاج ليسنكو، أبقار ليسنكو، وكلها مشروعات فاشلة.
الدرس من هذه المشكلة أن الأيدولوجية يجب ألا تسيطر على الحقائق العلمية، وخاصة بالمشروعات ذات الطابع الإنتاجي حتى لا يتم عرقلة التنمية.
رجال الدين والعلم: تبرز تلك المشكلة عندما يعتري بعض رجال الدين عدم الفهم، بتحريم العلوم التجريبية، وهذا النهج كان قائمًا في العصور الوسطى،عندما تم وضع رقاب بعض العلماء تحت مقصلة الكنيسة، والحكم على أصحاب العقول المبدعة بالهرطقة، ثم حبسهم أو إعدامهم لمجرد أنهم يفكرون.
 وفي عالمنا العربي مازال البعض يفتي بدون علم، فعلى سبيل المثال وجدة فتوى في عام2006 على الإنترنت نسب فيها إلى الذهبي أنه قال: "والعلم الذي يحرم تعلمه ونشره: علم السحر والسيمياء والكيمياء والشعوذة".  
المشكلة أن وضع الكيمياء كعلم أساسي في صناعة الدواء وغيرها ضمن المحرمات لا علاقة له بالدين، لأن الشريعة الإسلامية لاتحرم ما يفيد البشر، وهذا النوع من التراث يجب تنقيته، سواءً كانت هذه الأخطاء مورثة أو مدسوسة قديما، أو حديثًا.