الاحتجاجات الشعبية تدفع الحريري للاستقالة

لبنان ينفتح على موجة عنف غير مسبوقة بعد اقتحام ميليشيات حركة أمل وحزب الله الشيعيتين مقر الاعتصام بوسط بيروت والاعتداء بالعصي والحجارة على المحتجين وحرق خيام المعتصمين.

الحريري يضع استقالته بين يدي عون
الحريري: مقتنع بضرورة 'إحداث صدمة إيجابية' وتشكيل حكومة جديدة
الحريري يقرّ بوصول جهوده لحل الأزمة لطريق مسدود
ميليشيات حزب الله وأمل تعتدي على المتظاهرين وسط بيروت
لبنان ينفتح على المجهول بعد استقالة الحريري
هل تعيد استقالة الحريري لبنان إلى دائرة الفراغ والعنف
نصرالله رفض في السابق استقالة الحكومة واسقاط العهد والانتخابات المبكرة

بيروت - أعلن رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري اليوم الثلاثاء استقالة حكومته بعد وصول جهوده لحلّ الأزمة الراهنة إلى طريق مسدود على ضوء خلافات سياسية وحراك شعبي عابر للطائفية لم يهدأ مطالبا برحيل منظومة الحكم القائمة على المحاصصة الطائفية.

وجاء اعلان الحريري الذي من المقرر أن يتوجه إلى قصر بعبدا لتقديم طلب الاستقالة للرئيس ميشال عون فيما هاجمت ميليشيات حزب الله وحركة أمل الشيعيتين المتظاهرين في مقر اعتصامهم بساحة رياض الصلح والشهداء وسط بيروت، في تطور ينذر بانفتاح المشهد اللبناني على أسوأ موجة عنف.

وقال الحريري في مؤتمر صحفي من مقر إقامته في 'بيت الوسط' في العاصمة بيروت، "حاولت كل هذه الفترة إيجاد مخرج نستمع من خلاله لصوت الناس ونحمي البلد من المخاطر الأمنية والمعيشية"، مضيفا "لا أخفي أني وصلت إلى طريق مسدود لحل الأزمة ويجب القيام بصدمة ايجابية للشارع".

وتابع "سأذهب إلى القصر الجمهوري في بعبدا لأقدم استقالة الحكومة للرئيس ميشال عون"، مضيفا "استقالتي أضعها بتصرف رئيس الجمهورية واللبنانيين واليوم يقع علينا جميعا مسؤولية لحماية لبنان وللنهوض بالاقتصاد وفي يدنا فرصة جدية".

وقال مصدر بالرئاسة اللبنانية إن الرئيس ميشال عون يدرس خطاب استقالة رئيس الوزراء ذوإنه لن يطلب من الحكومة الاستمرار في إدارة شؤون البلاد بصفة مؤقتة اليوم الثلاثاء.

ويرى محللون أنه بإمكان رئيس الجمهورية ميشال عون عدم قبول الاستقالة طبقا للقانون، وقد يطلب من الحريري أن يتمهل.

وكانت مصادر لبنانية متطابقة قد ذكرت أن الحريري يتجه صوب الاستقالة وقد يعلنها الثلاثاء أو الأربعاء، في حين يشهد لبنان احتجاجات لا تهدأ على وقع أزمة اقتصادية وسياسية واستشراء الفساد.

وأفادت مصادر إعلامية بأن الشارع اللبناني يشهد احتفالات وسط العاصمة بيروت في صفوف المعتصمين بعد إعلان الحريري استقالته.

وجاءت استقالة الحريري في اليوم الثالث عشر للاحتجاجات الشعبية في مختلف المناطق اللبنانية للمطالبة برحيل النظام وتشكيل حكومة كفاءات بعيدا عن نظام المحاصصة الطائفية.

ولم يمض وقت طويل على خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الذي وجه فيه يوم الجمعة الماضي تهديدات للحراك الشعبي حتى اقتحم مناصروه ومناصرو حليفته 'حركة أمل' اليوم الثلاثاء مقر الاعتصام في ساحتي رياض الصلح والشهداء وسط بيروت وسط بيروت واعتدوا بالعصي على المتظاهرين وأحرقوا خيامهم وحطموا المنصّات في تطور ينذر بموجة عنف غير مسبوقة على وقع انقسامات سياسية وغضب لم يفارق الشارع منذ نحو عشرة أيام وشلل تام للمصارف والمؤسسات.

وكان نصرالله قد أعلن رفضه لاستقالة الحكومة وإجراء انتخابات نيابية مبكرة أو إسقاط عهد الرئيس ميشال عون، مروجا في الوقت ذاته لوجود مؤامرة تستهدف "لبنان الدولة والمقاومة" وأن أطرافا من الداخل والخارج تمول الاحتجاجات وتؤجج الحراك الشعبي، محذرا من موجة عنف في رسائل تهديد مضمونة الوصول للمحتجين ولخصومه السياسيين أيضا.

وأفاد شهود عيان بأن عددا من أنصار الحزبين أضرموا النار في شعار "القبضة" الذي نصبه المعتصمون في ساحة الشهداء.

كما اعتدوا على الأطقم الصحفية في الساحتين، وفق ما أعلنته قناة الجديد المحلية، فيما وقفت الأجهزة الأمنية عاجزة عن ردعهم.

وقبل توجههم إلى ساحتي رياض الصلح والشهداء، هاجم أنصار الحزبين نقطة تظاهر 'جسر الرينغ' وسط بيروت وأوقعوا 6 إصابات في صفوف المتظاهرين، وفق ما أفادت وكالة الأنباء الرسمية.

كما حطم المهاجمون خيام الاعتصام وهاجموا طاقم قناة 'أم تي في' المحلية، ما أدى إلى انقطاع بثها.

 وفيما ردد المتظاهرون النشيد الوطني اللبناني، قابلهم أنصار 'حزب الله' و'حركة أمل' بهتافات تمجّد أمين عام الحزب حسن نصرالله ورئيس الحركة الشيعية نبيه بري، بحسب المصادر.

وتدخلت قوات مكافحة الشغب وأبعدت المتظاهرين عن نقطة التظاهر، فيما عمل مناصرو حزب الله وحركة أمل على رشقهم بالحجارة.

والخميس والجمعة الماضيين، أصيب متظاهرون في اعتداء مناصري حزب الله على المتظاهرين في ساحة رياض الصلح وسط بيروت.

ويعترض مناصرو الجماعة الشيعية على شعار "كلن يعني كلن" (أي جميعهم متورطون) الذي يرفعه المحتجون اللبنانيون منذ انطلاق المظاهرات في 17 أكتوبر/تشرين الأول.

وتأتي التحركات كردّ فعل على قرار الحكومة زيادة الضرائب في إطار إعداد موازنة العام القادم، لا سيما فرض رسوم على تطبيق واتساب، ما اعتبره المحتجون "القشة الذي قصمت ظهر البعير".

ومنذ اليوم التالي لاندلاع المظاهرات، أقفلت معظم المؤسسات الرسمية والخاصة في لبنان، على رأسها المؤسسات التعليمية والمصارف، في ظل إضراب عام يفرضه المتظاهرون عبر قطع الطرقات الرئيسية خاصة الطريق السريع الساحلي الذي يربط المدن الرئيسية ببعضها.

وكان متوقعا على نطاق واسع أن حزب الله المتوجس من فقدان ثقله الميداني والسياسي على وقع الاحتجاجات العابرة للطائفية والرافضة أصلا للمنظومة السياسية الحاكمة القائمة على المحاصصة الطائفية، لن يبقى مكتوف الأيدي خاصة بعد أن توسعت الاحتجاجات إلى معاقله الشيعية وتخللها سيل من الشتائم لنصرالله.

ويخشى حزب الله وحلفاؤه (التيار الوطني الحرّ الذي يتزعمه جبران باسيل صهر الرئيس ميشال عون) فقدان الأغلبية التي انتزعوها في الانتخابات التشريعية التي جرت في مايو/ايار الماضي ويتوجسون من سيناريو الانتخابات النيابية المبكرة، فلا شيء فيها مضمون في ظل انفتاح المشهد اللبناني على رفض شعبي للمنظومة السياسية برمتها وللنظام السياسي القائم على المحاصصة الطائفية منذ اتفاق الطائف في ثمانينات القرن الماضي.

أعلنت جمعية المصارف اللبنانية، مواصلة إقفال أبواب البنوك، الأربعاء، في انتظار عودة الاستقرار إلى البلاد.

والبنوك اللبنانية مقفلة منذ 18 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ثاني يوم على انطلاق الاحتجاجات الشعبية اللبنانية.

وقالت جمعية المصارف، في بيان الثلاثاء، إنها مستمرة في بذل الجهود الممكنة للتخفيف من وطأة الأزمة على المواطنين، في ظل استمرار التحركات الشعبية وانقطاع الطرق وصعوبة انتقال المواطنين.

وطمأنت الجمعية المواطنين، باستمرار أعمال الصيرفة الإلكترونية، وإلى جهوزية مكاتب الاستعلام، للإجابة على استفسارات العملاء.

كما أكدت "حرص المصارف على تأمين رواتب موظفي القطاعين العام والخاص، وعلى توفير السيولة اللازمة لهذا الغرض".

وجاءت تحركات اللبنانيين، كردّ فعل على قرار الحكومة زيادة الضرائب في إطار إعداد موازنة العام القادم، لا سيما فرض رسم على تطبيق واتساب، ما اعتبره المحتجون "القشة التي قسمت ظهر البعير".