الاصل الإيراني والفرع معا

تتحول المطالب الدولية من إيران من العموميات مثل التقليل من النفوذ إلى التخصيص عبر ربط الخطوات بإجراءات حل ميليشيات بعينها وتقييد أفعال.

تتزايد التكهنات والتوقعات المطروحة على طاولة البحث بخصوص نهج الولايات المتحدة في المفاوضات المحتملة مع إيران، ومع التباين والتنوع اللافت للنظر فيها، فإن هناك قاسم مشترك يجمع بينها كلها وهو جدية الادارة الاميركية هذه المرة وتصميمها على أن لا تخرج من المولد الايراني بدون حمص.

ردود الفعل الايرانية وإن أظهرت نوعا من التشدد والرفض الصارم بوجه النهج الاميركي، إلا إنها ووفق لما سائد ومعروف عن النهج الايراني في التعامل مع الحالات الجدية التي تتضمن خطرا وتهديدا جديا، تعمل في الخفاء على نهج مغاير يضمن بقاء النظام الحاكم إضافة الى إضفاء مسحة مناسبة على التنازلات الايرانية المقدمة بما يخفي حجمها المهول.

قطعا ليس هناك من وصف دقيق ومعبر مثل ذلك الذي يأتي من أصحاب الدار فهم الأدرى بما فيه وبالذي يحدث في داخله، وبهذا السياق وفي خضم التكهنات حول نهج الولايات المتحدة في المفاوضات المحتملة، كشف حسن كاظمي قمي، السفير السابق للنظام الإيراني في العراق وأفغانستان وأحد القادة البارزين في قوة القدس، عن أبرز مطالب الطرف الأميركي، إذ صرح خلال مقابلة له في 5 نيسان الجاري قائلا: "ما يطلبه الأميركيون منا يتجاوز مجرد وقف التدخل في المنطقة. إنهم يطالبون بحل الهياكل الدفاعية لما بعد الثورة، بما في ذلك الحرس الثوري، ودمجه في الجيش. كما يشددون على ضرورة تقليص مدى الصواريخ الإيرانية إلى 200 كيلومتر، وأن يتم نزع سلاح وحل جميع فصائل المقاومة الإقليمية التي يعتبرونها وكلاء". وأضاف أيضا: "هذه الإجراءات، من وجهة نظر الأميركيين، تعد مقدمة لإصلاح هيكل الحكم في الجمهورية الإسلامية. وهم يعلنون صراحة أن إيران لا ينبغي أن تمتلك قوتين عسكريتين منفصلتين، ويريدون إزالة جميع المؤسسات التي نشأت بعد الثورة الإسلامية".

ما صرح السفير الايراني السابق في العراق وأفغانستان، ليس كأي كلام آخر عن هكذا موضوع مهم وبالغ الحساسية، إذ أننا وطوال الـ46 عاما المنصرمة كنا نجد هناك مطالب إقليمية ودولية تتمحور حول النفوذ الايراني في المنطقة والمطالبة بتحديدها وعدم تهديدها للأمن والاستقرار، ولم يكن هناك من أي مطلب يتعلق بالنظام وهيكليته، صحيح إن المجلس الوطني للمقاومة الايرانية كان قد دعا المجتمع الدولي الى إدراج الحرس الثوري ضمن قائمة الارهاب لكن لم يكن هناك من مطلب بحل جهاز الحرس والتدخل في هيكلة القوات الايرانية، إذ أن هذا يدل على أن هناك خلف الابواب المغلقة الكثير من الامور والمواضيع المثيرة فيما يتعلق بالمطالب الاميركية من طهران.

بالأمس كان هاجس المنطقة والعالم، وكلاء إيران في المنطقة وضرورة كف أياديهم عن بلدان المنطقة والمصالح الدولية فيها، بمعنى إن الحديث كان يرتبط بوكلاء النظام في المنطقة الذين هم بمثابة فروع له، وكما هو معروف ومتداول قانونيا فإن الوكيل كالأصيل، ولذلك فإن دل كلام كاظمي قمي آنف الذكر على شيء، فإنه يدل على إن موضوع الاستهداف قد بدأ يتجاوز الفروع ويمس الاصل ذاته!