حفرة النووي الإيراني

طهران ستجلس على طاولة المفاوضات من دون أوراق وكأنها في ملعب كرة قدم يوجد فيه مرمى واحد هو المرمى الايراني!

منذ الايام الاولى من تأسيسه، شكل نظام ولاية الفقيه بعد إيران مشكلة للمنطقة بشكل خاص وللعالم بشكل عام، وعين المشكلة كانت ولازالت في نهجه المثير للجدل والذي يقوم بصياغة وتوجيه سياساته في ضوئه، ولئن كان هذا النظام وبصورة عامة مصدرا للقلق للمنطقة والعالم، لكن أكثر ما كان يقلق بلدان المنطقة بصورة خاص والعالم بصورة عامة، تدخلاته في بلدان المنطقة الى جانب برنامجه النووي.

من الضروري هنا الإشارة الى أن هذا النظام قد بدأ بتدخلاته في بلدان المنطقة بعد أن فرض نفسه على إيران بإستخدام الممارسات القمعية ضد الشعب عموما والقوى السياسية الايرانية المختلفة خصوصا، والبرنامج النووي قد شرع به النظام بعد أن تمكن من أن يضع الاساس لتدخلاته في المنطقة من لبنان، وتحديدا خلال عهد الرئيس الايراني الاسبق محمد خاتمي، وهذا يعني بالضرورة القهرية إن هناك علاقة وترابطا بين هذه الامور الثلاثة ومن دون شك فإن البرنامج النووي وبعد أن ثارت الشكوك ولازالت حول نوايا طهران لإنتاج القنبلة النووية، كان المصدر الاكبر للخوف والقلق في المنطقة ولاسيما بعدما صار واضحا بأن إيران نووية يعني فيما يعني إن خياراتها في المنطقة ستصبح أكثر قوة ومناعة من السابق، ولذلك فإن عين بلدان المنطقة كان ينظر بقلق الى هذا البرنامج وما يمكن أن يتداعى عنه مستقبلا.

أكثر ما أثار القلق والتوجس لدى المنطقة والعالم من البرنامج النووي الايراني هو الطابع السري الذي ما زال يتميز به ولاسيما وإن الذي حدث من تطور لهذا البرنامج بعد إنسحاب الولايات المتحدة منه وتحديدا بعد رفع مستوى تخصيب اليورانيوم ووصوله الى مستويات عالية بحيث يمهد للتسريع أكثر في إنتاج القنبلة النووية، جعل المخاوف تزداد أكثر من ذي قبل، ولكن يجب هنا التنويه بأن البرنامج النووي الايراني وبقدر ما كان مصدر خوف وقلق للمنطقة والعالم فإنه كان بؤرة للأزمات والمشاكل المختلفة التي تفاقمت من جراء تكلفته العالية من جهة ومن جراء الضغوط والعقوبات الدولية المتزايدة على إيران بسبب منه، وقد انعكس كل ذلك سلبا على الشعب الايراني وجعله يئن تحت وطأة أوضاع إقتصادية ومعيشية بالغة السوء خصوصا إذا ما علمنا بأن البرنامج النووي قد كلف لحد الان ما يمكن أن يزيد عن ترليوني دولار، ولم يقدم من خدمات نوعية مفيدة للشعب الايراني سوى إنه تمكن من توفير 2% احتياجات إيران للطاقة الكهربائية.

الصراع المحتدم بين الغرب عموما والولايات المتحدة خصوصا وبين طهران، كان ولازال سببه الاساسي عدم الثقة بالنوايا الايرانية والتوجس ريبة منها، ومع إن هذا الصراع قد شهد فصولا عديدة ولكن لم تكن أي منها كالفصل الحالي الذي نشهده في ظل سياسة الضغط الاقصى التي أعلنها ترامب ضد إيران، وكذلك التهديدات التي وجهها لها من خلال تصريحاته ورسالته الاخيرة لخامنئي، ويبدو أن طهران وبعد أكثر من 3 عقود من ماراثونها النووي قد وصلت الى منعطف يشير الى طريق ذي إتجاه واحد، والمميز في ذلك إن طهران ستجلس على طاولة المفاوضات من دون أوراق وكأنها في ملعب كرة قدم يوجد فيه مرمى واحد هو المرمى الايراني!