البريد الالكتروني المشفر .. هل هو الحبر السري لتنظيم بن لادن؟

واشنطن - من جاي دورتي
يمكن تلقي اية رسائل مشفرة داخل الطائرات

ربما لا تعني مصطلحات مثل "إخفاء المعلومات" و"التشفير" الكثير للشخص العادي، إلا أنها تمثل التكنولوجيا التي يزعم أنها ساعدت أسامة بن لادن وغيره ممن يشتبه في أنهم إرهابيين في تنفيذ عملياتهم الارهابية.

ويستخدم المصطلحان "إخفاء المعلومات" و"التشفير" للاشارة إلى وسائل برامج شيفرة متاحة مجانا يمكنها أن تغير أو تخفي الاتصالات الالكترونية. ولا يمكن للسلطات اختراق الرسائل التي تبعث باستخدام هذه الشيفرة.

وقال بينيامين أوكيفي المتخصص بأمن الانترنت والمقيم في مريلاند "يمكن لاي شخص أن يخفي الاتصالات على الانترنت ببساطة ودون أي مخاطرة في أن ينكشف أمره". وأضاف "ولا حاجة لان تكون إرهابيا لتحصل على الوسائل التي تحتاجها".

والوسائل التي يشير إليها اوكيفي تسمح بإرسال رسائل سرية على الانترنت سواء عن طريق البريد الالكتروني أو مرفقة بملفات تحتوي على رسوم (جرافيك).

ويعتبر برنامج "بريتي جوود برايفسي" أكثر البرامج شهرة ووثوقا لتشفير البريد الالكتروني. والبرنامج موجود منذ سنوات، ويستخدم "لتشويش" رسائل البريد الالكتروني بحيث لا يمكن فهمها. ويضع المرسل "مفتاحا" أو كلمة سر، وحتى يستطيع المرسل إليه قراءة البريد عليه أن يعرف ويستخدم نفس المفتاح.

وتعمل وسيلة "إخفاء المعلومات" عن طريق السماح للمستخدمين بأن يرفقوا رسائل مشفرة بملفات صور أو صوت أو غيرها من أشكال البيانات الرقمية التي يبدو أن لا علاقة لها بالاتصالات المكتوبة.

وإجمالا فإن هذا النوع من التكنولوجيا العالية للتشفير يمكن أن يستخدم لمنع أي نوع من أنواع أنشطة المراقبة المستخدمة الان. وعقب الهجمات الارهابية على نيويورك وواشنطن في 11 أيلول /سبتمبر ذكر أن الولايات المتحدة اتصلت بالعديد من خبراء التشفير لمساعدتها في اكتشاف كيف كان بن لادن وأتباعه يستخدمون الانترنت ومثل برامج التشفير هذه للاتصال.

ويشير البعض إلى أن تكنولوجيا وسائل التشفير تساعد السلطات بنفس الصورة التي تساعد بها المجرمين. فإن واجهت هذه الوسائل ما يعرضها للخطر، مثلا إذا أعطيت المفاتيح للرسائل المشفرة وأصبحت الرسائل المحملة على ملفات الرسوم يمكن اكتشافها، فإن إجراءات المراقبة الالكترونية من الحكومات وغيرها من السلطات الشرعية ستصبح عرضة لمهاجمة الارهابيين كذلك.

ودافع خبير التكنولوجيا في صحيفة "واشنطن بوست" جون ايبوليتو قائلا "أي هجوم أميركي على خصوصية الاتصالات الشخصية يمكن أن يعرقل بصورة غير مقصودة المقاومة الاجنبية للانظمة الاستبدادية التي تميل لرعاية الارهاب في المقام الاول".

على الرغم من ذلك فإن أفعال وأقوال مسئولي الولايات المتحدة في أعقاب الهجمات الارهابية توضح أن مهمة وسائل تشفير البيانات ستلعب دورا ذو أهمية متزايدة في جهود إحباط الكوارث في المستقبل. وأن الاستخدام المزعوم لبن لادن وأتباعه لاخفاء المعلومات سيعني أن شبكة المراقبة الالكترونية في المستقبل ستضطر للاتساع لتحتوي كافة أشكال البيانات وليس البريد الالكتروني فحسب.

وتعتبر الحرب ضد التشفير ضخمة، على الاقل، بالنسبة للسلطات، حيث أن برامج "إخفاء المعلومات" متاحة مجانا على الانترنت، كما أن غالبية البرامج المتاحة على الشبكة لتشفير الرسائل أو لتحميلها على ملفات الرسوم أو ملفات البيانات الاخرى مجانية أيضا.

ولكن هل هذا يعني أن وسائل التشفير المتاحة مجانا على الانترنت ساعدت الخاطفين الذين هاجموا الولايات المتحدة في 11 أيلول /سبتمبر الماضي؟

البعض وافق على هذا، فقد قال مارك انجر الذي عمل في السابق بوكالة الاستخبارات الجوية التابعة لسلاح الجو الامريكي لوسائل إعلام مطلعة عقب وقوع الهجمات أن بن لادن اعتمد على "إخفاء المعلومات" لنقل رسائله لمعاونيه في أرجاء العالم.

ويذكر أن واحدة من كبرى أجهزة المخابرات الامريكية وهي وكالة إن.إس.أيه المعنية باستكشاف المعلومات عن الاعداء المحتملين للولايات المتحدة كانت تتبع استخدام بن لادن لبرامج إخفاء المعلومات خلال السنوات الخمس الماضية.

وفي الولايات المتحدة دفعت هذه الانباء النائب الجمهوري جود جريج في أعقاب هجمات 11 أيلول/سبتمبر الارهابية لان يقترح إرغام مصممي البرامج في المستقبل على أن يقدموا للسلطات مفاتيح برامج التشفير التي يبتكرونها.

غير أن آخرين سارعوا للاشارة بأن الانشطة الارهابية ولدت قبل انتشار استخدام الانترنت بفترة طويلة. ولكن دافع آخرون بأن بن لادن لم يعتمد فقط على وسائل التشفير المتاحة مجانا وإنما على البرامج التي ابتكرها مبرمجون من أوروبا الشرقية ولم تكن جاهزة. ولذلك فحتى إذا أجبرت القوانين كتاب البرامج الشرعيين بالافصاح عن الشفرات للسلطات فإن مطوري البرامج في بعض المناطق سوف يجدون منفذا من القانون أو يتجاهلونه.

ويتخذ اوكيفي موقفا معاديا من فكرة أن وسائل التشفير يجب أن تصبح غير قانونية أو أن أسرار المواد المشفرة يجب أن تعرض على السلطات.

وقال "لا أعتقد أننا نرغب في أن نسمح للارهابيين بانتهاك الحريات المدنية". وقال أن "الحكومات لا يجب أن يكون لها الحق في التصنت على ما نقوله ما لم يكن هناك سببا لذلك".