التحديات تتغلب على حماسة اللاجئين السوريين للعودة الى بلادهم
جنيف - أكدت المديرة العامة لمنظمة الهجرة الدولية إيمي بوب، أن الأوضاع في سوريا "ما تزال هشة للغاية" وتشهد "جيوباً من القتال". ما يجعل عودة اللاجئين السوريين من دول الاتحاد الأوروبي إلى سوريا بشكل واسع "غير ممكنة" حاليا، وهو ما يؤكده العديد من اللاجئين الذي عادوا من دول الجوار.
ومنذ سقوط الرئيس السابق بشار الأسد، عاد آلاف اللاجئين الى بلادهم بعد غربة دامت سنوات. وأحصت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين حتى مطلع الشهر الجاري، عودة أكثر من 372 ألف سوري من دول الأردن وتركيا ولبنان والعراق ومصر، وغيرها من دول الجوار.
لكن سرعان ما تراجع الحماس وشعر الكثير من العائدين بالندم، بسبب الظروف المعيشية القاسية بعد حرب استمرت 14 عاما تقريبا، والوضع الكارثي في البلاد وشكاوى الافتقار إلى خدمات التعليم والرعاية الصحية.
وفي مقابلة مع موقع يورأكتف، قالت بوب إن "الوضع في سوريا لم يستقر بعد"، بعد مرور ستة أشهر على سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، مشيرة إلى أن "هناك مناطق لا تزال غير آمنة، ولا يمكن العودة إليها".
وأضافت أنه "نعلم أن هناك حماسة كبيرة لدى مجتمعات السوريين في أوروبا للعودة والمشاركة في إعادة بناء بلادهم، لكننا نريد أن تتم العودة بشكل آمن".
أحداث الساحل الأمنية ساهمت بشعور بعدم الأمان لدى كثير من اللاجئين، كما أن طرد مئات آلاف العاملين في القطاعات العامة ساهم في تدهور الوضع الاقتصادي
وأوضحت مديرة منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة، أن المنظمة "تتماشى حالياً مع موقف مفوضية اللاجئين الرافض للعودة الجماعية"، مشيرة إلى أنه "نحن نعتمد على تقييم المفوضية التي قالت حتى الآن إن الظروف غير مناسبة، ولا يمكننا تنفيذ عودة جماعية".
وذكرت المفوضية في تقرير سابق أن 80 بالمئة من اللاجئين في الدول المحيطة بسوريا والبالغ عددهم أكثر من خمسة ملايين لاجئ يتطلعون للعودة إلى بلدهم في وقت قريب، وفق نتائج مسح إقليمي أجرته المفوضية.
وأعربت بوب عن قناعتها بأن "نجاح الحكومة الانتقالية في سوريا يشكل جزءاً حيوياً من النجاح الذي يسمح لمزيد من السوريين بالعودة إلى ديارهم بأمان"، لكنها أكدت أن "هذا النجاح يعتمد على عوامل كثيرة، بما في ذلك رفع العقوبات وعودة رؤوس الأموال إلى البلاد للمساهمة في إعادة الإعمار".
وشددت المسؤولة الأممية على أن "الأسئلة الأمنية والسياسية تبقى حاسمة"، لافتة إلى أن "النجاح لن يكون فقط في التمويل، بل في تحقيق الأمن والاستقرار".
وشجعت بوب دول الاتحاد الأوروبي على السماح بما سمّته زيارات "اطّلع بنفسك"، وهي زيارات قصيرة تسمح للاجئين السوريين بزيارة سوريا وتقييم الأوضاع هناك من دون فقدان وضعهم القانوني في دول اللجوء.
وذكرت أن منظمة الهجرة الدولية تعمل عند المعابر الحدودية في لبنان وتركيا والأردن، وتوفر الدعم للذين يرغبون بالعودة أو التحقق من الوضع في مناطقهم الأصلية.
وقالت بوب إنه "يمكننا أن نساعد من يريد العودة طوعاً ليذهب ويرى ما إذا كان من الآمن اصطحاب عائلته"، مشددة في الوقت نفسه على "أهمية أن تفهم الدول الأوروبية طبيعة مجتمعات السوريين لديها، خاصة أن كثيراً منهم أعادوا بناء مجتمعات متماسكة في مدن أوروبية محددة".
وأضافت أن "الكثير منهم يريد أن يكون جزءاً من إعادة بناء سوريا. هم ملتزمون، ومعظمهم من المهنيين، ويملكون مهارات لم تُستثمر بعد في أوروبا".
وأكدت مديرة منظمة الهجرة الدولية أن "المشكلة ليست أن الناس لا يريدون العودة، بل أنهم لا يريدون العودة ليجدوا أنه لا أمل ولا مستقبل. هذا ما يصنع الفرق بين سياسة ناجحة، وأخرى قد تفشل أو تأتي بنتائج عكسية".
ويتحدث ناشطون عن وجود أسباب كثيرة تمنع أعدادًا كبيرة من اللاجئين من العودة إلى سوريا، حتى أن آلاف السوريين خرجوا من البلاد بعد سقوط النظام السابق.
وأكد هؤلاء أن عدم عودة اللاجئين حتى الآن يعود إلى تردي الخدمات وتدهور الوضع الاقتصادي في البلاد وعدم وجود فرص عمل حقيقية، بالإضافة إلى عدم شعور الناس بالأمان بسبب تدهور الوضع الأمني.
وساهمت أحداث الساحل الأمنية بشعور بعدم الأمان لدى كثير من اللاجئين، ما تسبب في عدم عودتهم، كما أن طرد مئات آلاف العاملين في القطاعات العامة وعدم وجود فرص عمل حقيقية في القطاع الخاص، بالإضافة إلى غياب الاستثمارات، ساهم في تدهور الوضع الاقتصادي.