التداعيات الجيوسياسية والاقتصادية لكورونا

نواجه كورونا أم نظريات المؤامرة عن كورونا؟

عندما تقرر منظمة الصحة العلمية أن فايروس كورونا بات وباءً عالميا، كتوصيف طبي له آثار وتداعيات تتعدى الواقع الصحي إلى الاقتصادي والاجتماعي وصولا إلى السلوك النفسي المجتمعي، ذلك يعني أن الوضع الدولي بات في خطر شديد، كما أن السلم والأمن الدوليين ينذر بمخاطر لا تقل آثارها عن حروب إقليمية وعالمية طاحنة.

ثمة من يرصد انتشار الأوبئة ربطا بمرور القرون، وهي بالمناسبة ظاهرة ملفتة لكن ليس لها تفسير منطقي. ففي العام 1720 ضرب الطاعون مدينة مرسيليا الفرنسية وحصد فيها مئة ألف ضحية، وبعد مئة عام، إي في 1820 ضرب وباء الكوليرا في الفيليبين وتايلند واندونيسيا وراح ضحيتها أكثر من مئة ألف ضحية. ثم جاء العام 1920 وكان الموعد مع كارثة بشرية أخرى تمثلت بالأنفلونزا الاسبانية الذي ذهبت ضحيتها مئة مليون وسط عجز عن مواجهتها. اليوم في العام 2020 يغزو فايروس كورونا العالم ويضرب المجتمع الأكبر عالميا الصين ويمتد إلى 124 دولة حتى ألان، وباء عالمي يضرب كل قرن وبالتحديد العام 20، وسط عجز كامل عن تفسير ذلك. هل كورونا حرب بيولوجية أطلقت لأهداف محددة، وبالتالي يثار السؤال عن مصدر إطلاقه وتصنيعه والمستفيد منه. في الواقع الحرب البيولوجية تعتبر أقذر الحروب، إذا لا يرى العدو لمواجهته، ومن يطلقها يتحكم بنتائجها لجهة قدرته على تصنيع المضادات واللقاحات والأمصال لها، لكن السؤال يمتد إلى ماذا لو أدت إلى نهاية البشرية؟

فمع انطلاق فايروس كورونا من الصين عادت نظرية المؤامرة لتطل من جديد، على قاعدة الهمّ الأميركي لمواجهة الصين في حرب غير تقليدية، فبعد تثبيت العلماء لهذا الفايروس بأنه انتقل عبر الخفافيش أو الأفاعي وعبر المعامل البحثية الأميركية الهدف منه القضاء على التفوّق التجاري الصيني وإضعافها في أي مفاوضات قادمة محتملة، كما إن الأمر سينسحب على روسيا لاحقاً كهدف محدد ثان، كما ويعتبر كسلاح جيو سياسي الهدف منه القضاء على التنين الصيني؛ وفي نفس السياق أيضا وضمن هذه الفرضية ثمة من يدعي بأن واشنطن التي تطور فيروسات جينية في مختبرات جورجيا وأوكرانيا وأوزباكستان هي الأخطر، باعتبار أن هذه الفيروسات خطرها عرقي وهدفها القضاء على أعراق محددة كالصينيين والروس، وتم أطلاقتها من مدينة يوهان الصينية التي تحتضن مركزا علميا للتجارب على الفيروسات للتغطية عمليا على ما تديره واشنطن.

في المقابل سرت فرضيات أخرى مقامها سؤال افتراضي عن احتمال تسرب هذا الفايروس من المختبرات الصينية في يوهان والذي لم يتمكن من السيطرة عليه.فرضيات أخرى انطلقت على قاعدة أن الفايروس وراءه شركات أدوية تجارية تهدف إلى جني المليارات من وراء الوباء. وما عزز فرضيات نشوء الفايروس في المختبرات، براءة الاختراع الأميركية في العام 2018، الذي يتشابه تركيبته مع فايروس كورونا، وإنتاج فيلم سينمائي عرض قبل ثلاثة أشهر من انطلاق الفايروس الذي أطلق أيضا من مدينة صينية. أما الدليل الاقتصادي لأصحاب نظرية المؤامرة هو المكاسب التي حققها موقع أمازون خلال دقيقة واحدة والتي تبلغ 13 مليار دولار بعد الهلع الذي أصاب موقع علي اكسبريس الصيني، علاوة على ذلك، ما نشره علماء هنود على ما توصلوا إليه من أن الفايروس منشئ مختبري وفيه أربع سلالات من فايروس الايدز.

وبصرف النظر عن صحة نظرية المؤامرة من عدمها، ثمة وباء يجتاح البشرية وجعل دولها محميات مغلقة بعدما تغنّت لسنوات بالعولمة وفوائدها، ثمة مئات مليارات الدولارات خسائر أولية لضمور الإنتاج والتجارة العالمية والتي ستتحول إلى ركود وكساد كبيرين، تؤدي إلى خلق منافسات غير منضبطة تؤدي إلى نزاعات بين دول سرعان ما ستتحول إلى حروب إقليمية ودولية واسعة. فهل سيتمكن فايروس كورونا ذات الحجم الذي لا يتجاوز 150 نانومترا، من الكرة الأرضية التي تبلغ مساحتها 500 مليون كيلومترا مربعا. ربما يكون الأمر كذلك.