التلذذ بالألم يصنع الموسيقى في 'ميلوديا المورفين'

المخرج المغربي هشام أمال يمزج بين الموسيقى والسينما ويستعين بالممثل المتمرس هشام بهلول ليقدم رؤيته المغايرة عن اقتران الإبداع الفني بالألم.
'ميلوديا المورفين' ينافس في مسابقة آفاق السينما العربية بمهرجان القاهرة
هشام بهلول من أبرز الممثلين في المغرب

القاهرة - في أولى تجاربه الروائية الطويلة "ميلوديا المورفين" يمزج المخرج المغربي هشام أمال بين الموسيقى والسينما ويستعين بالممثل المتمرس هشام بهلول ليقدم رؤيته المغايرة عن اقتران الإبداع الفني بالألم.
وإذا كان الراسخ في الأذهان عند التطرق لهذه الثنائية هو الألم النفسي أو المعاناة التي قد تدفع المبدع لإخراج أفضل ما عنده فإن المخرج قدم نموذجا لملحن موسيقي يستعذب الألم الجسدي لصنع موسيقاه.
الفيلم بطولة ياسمينة بناني وحسن بديدة وتنطلق أحداثه من حادث سير يتعرض له الملحن الموسيقي وعازف الكمان سعيد الطاير فيصاب على أثره بفقدان مؤقت للذاكرة بسبب الصدمة لكن الطبيب يطمئنه أنه سيستعيد ذاكرته سريعا.
يتحقق تشخيص الطبيب ويسترد سعيد معظم ذكرياته لكنه يكتشف أنه فقد موهبة التلحين بعدما طلبت منه شركة تجارية وضع موسيقى لأحد إعلاناتها فيعجز طويلا عن أداء المهمة وتخفت نجوميته فيحاول الانتحار عدة مرات لكنه يفشل.
ينتقل سعيد إلى غرفة حقيرة للعيش فيها وبينما يستعد لمحاولة جديدة للانتحار يكتشف أن من بين ما نسيه والده الذي كان يعالج من مرض عضال بالمستشفى لكن تم طرده لعدم الوفاء بتكلفة العلاج لتزيد مشاكل الملحن التعس وأعباؤه.

وفي أحد الأيام بينما كان سعيد يحلق ذقنه يتذكر كيف كان يستلهم ألحانه سابقا فقد كان يذهب إلى المستشفى ليضغط على ورم أبيه وكلما صرخ وتألم انسابت الألحان في خيال الابن، وبالفعل تعود الأمور إلى سابق عهدها تدريجيا ويلمع نجم الملحن من جديد.
ورغم أن مخرج الفيلم برر سلوك البطل مع أبيه بلقطة أوضح فيها أن الأب كان السبب الرئيسي لتعاسة ومعاناة الابن في الطفولة لأنه كان سكيرا ومهملا مما دفع الأم للتخلي عن الأسرة فإن نهج البطل بعد وفاة الأب في استلهام الألحان ظل غير مألوف.
رحيل الأب أعاد سعيد إلى الفشل من جديد فلم يجد سوى نفسه ليعذبها وبدأ في إيذاء نفسه ووجد أنه كلما قفز من سطح بناية أو كسر ساقا أو يدا يهبط عليه الإلهام فأدمن هذا النهج.
وينافس فيلم (ميلوديا المورفين) بمسابقة آفاق السينما العربية في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الذي يتحدى كورونا في دورة استثنائية تنعقد في الفترة من الثاني إلى العاشر من ديسمبر/كانون الأول.
وبعد عرضه السبت في المسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية قال المخرج هشام أمال إن هذا الفيلم جاء وليد فكرتين شغلتاه طويلا ورأي دمجهما في فيلم روائي طويل.
وقال "الفيلم هو مزيج لفكرتين منفصلتين، فكرة عن شخص يعيش في غرفة واحدة مع أبيه المريض بمرض عضال، والأخرى هي فكرة الإبداع في الكتابة لأني بدأت مشواري كسيناريست وكانت دائما لدي مشكلة مع الورقة البيضاء وماذا سأكتب فيها".
وأضاف "في إحدى المرات كنت أشارك في ورشة كتابة ست كوم (مسلسل كوميدي) ومن المفترض أن هذا النوع من الأعمال بسيط لكني تأخرت كثيرا في موعد التسليم ومن هنا اخترت أن يكون البطل مؤلف موسيقي تتعطل موهبته".

 مهرجان القاهرة يتحدى كورونا في دورة استثنائية
مهرجان القاهرة يتحدى كورونا في دورة استثنائية

بينما تنطلق أحداث الفيلم من حادث سير تعرض له البطل وفقد الذاكرة جزئيا بسببه تصادف أن الممثل المؤدي للشخصية هشام بهلول تعرض أيضا لحادث سير مروع في الواقع.
وقال بهلول الذي حضر عرض الفيلم بمهرجان القاهرة "هناك نقاط التقاء كثيرة جمعت بين أحداث الفيلم وما حدث لي في الواقع. فبعد الحادث الذي تعرضت له حدث لي شرخ كبير في الذاكرة وكان المخرج يذكرني بالكثير من الأشياء لاستكمال العمل".
وأضافت "أيضا بعد تصوير جزء كبير من الفيلم شعر أبي ببعض الآلام وبعد زيارة الطبيب اكتشفت أنه مريض بالسرطان وفي مرحلة متأخرة، ثم توفي لاحقا".
وبهلول (47 عاما) من أبرز الممثلين في المغرب وتشمل أعماله أفلام (المطمورة) و(القلوب المحترقة) و(الماضي لا يعود) كما قدم العديد من المسلسلات التلفزيونية الناجحة.