التهديدات الإيرانية تخفّض حدة التوتر بين واشنطن والرياض
الرياض - تكثفت خلال الآونة الأخيرة مساعي الولايات المتحدة والسعودية لتخفيف حدة التوتر بينهما وتجاوز خلاف علني نشب العام الماضي وأدى إلى فتور العلاقات، في وقت يتشارك فيه الغرب والخليج مخاوف من تصاعد التهديدات الإيرانية في ظل تعثر المباحثات النووية واستمرار طهران في نهجها الاستفزازي.
وزار وفد أميركي رفيع المستوى السعودية قبل أيام لإجراء محادثات دفاعية مع الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي الذي يتخذ من الرياض مقرا، بعدما تأجلت المشاورات من أكتوبر/تشرين الأول إثر غضب واشنطن من حليفتها السابقة عندما قررت مجموعة أوبك+ التي تقودها السعودية وتضم روسيا خفض الإنتاج النفطي بنحو مليون برميل بدلا من زيادته.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد تعهد في نوفمبر/تشرين الثاني بفرض "عواقب" على السعودية لانحيازها إلى موسكو.
وقال كريستيان كوتس أولريتشسن أستاذ العلوم السياسية في معهد بيكر بجامعة رايس "مجموعات العمل توفر مخرجا للولايات المتحدة للتواصل مع الشركاء في الخليج بشأن قضايا تحظى باهتمام مشترك بعيدا عن الصخب السياسي"، مضيفا أن استخدام روسيا لطائرات مسيرة إيرانية في حرب أوكرانيا استرعى اهتماما من عواصم مجلس التعاون الخليجي بطريقة لم يثرها على الأرجح الغزو الروسي لأوكرانيا في بدايته.
وقاومت السعودية والإمارات ضغوطا غربية للمساعدة في عزل روسيا التي تربطها بهما علاقات اقتصادية ولتقييد العلاقات مع الصين شريكتهما التجارية الأساسية التي التقى رئيسها مع قادة الخليج في الرياض في ديسمبر/كانون الأول.
وحتى قبل ذلك كان تحالف الولايات المتحدة مع السعودية يشهد توترا تحت إدارة الرئيس جو بايدن الذي يتخذ موقفا صارما من ملف الرياض الخاص بحقوق الإنسان، لكنه زار المملكة الصيف الماضي للدفع من أجل زيادة إمدادات النفط.
وأكد دبلوماسيان في المنطقة أن محادثات الولايات المتحدة مع الخليج تظهر أن الطرفين يريدان تخطي الموقف والمضي قدما خاصة على المستوى المؤسسات.
وقال المحلل السعودي عبدالعزيز بن صقر، متحدثا عبر قناة "الإخبارية" الحكومية، إن دخول الطائرات المسيرة الإيرانية في الحرب الروسية على أوكرانيا أعطى زخما جديدا في وقت كانت تتشكك فيه دول الخليج بشأن التزام واشنطن تجاه المنطقة، مشيرا "هنا بدا التغيير حقيقة حينما استشعر الغرب أن أمنه مهدد من قبل دعم إيران لروسيا".
ولطالما حذرت السعودية وحلفاؤها من قدرات إيران الصاروخية وطائراتها المسيرة وشبكة وكلائها في المنطقة خاصة بعد الهجمات على منشآت نفط سعودية في عام 2019.
وركز الوفد الأميركي الذي ضم المبعوث الأميركي الخاص لإيران على الدفاع الجوي والصاروخي المتكامل للمنطقة والأمن البحري وإيران ومكافحة الإرهاب.
وصرحت دانا سترول نائبة مساعد وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط للصحفيين بأن المناقشات غطت كل التهديدات الإيرانية في المنطقة وزيادة التعاون العسكري بين إيران وروسيا في أوكرانيا.
وقالت إن المباحثات بشأن الدفاع الجوي والصاروخي المتكامل تطرقت إلى زيادة تبادل المعلومات الاستخباراتية والإنذار المبكر و"دفاع جوي أكثر فعالية"، مضيفة أن التقدم يعتمد على الوتيرة التي تكون كل دولة على استعداد للتحرك بها.
ويعد الأمن أمرا بالغ الأهمية لمنتجي الطاقة في الخليج الذين يعتمدون بشكل كبير على مظلة الأمن الأميركية مع سعيهم لاستقطاب رأس المال الأجنبي لتنويع اقتصاداتهم في منطقة مضطربة.
لكن السعودية والإمارات تشعران بالاستياء إزاء الشروط الأميركية لمبيعات الأسلحة، بما في ذلك ربطها بحرب اليمن التي تضع تحالفا داعما للشرعية تقوده السعودية في مواجهة جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران.
ومع التشكيك في الدور الأميركي بالمنطقة تسعى دول الخليج بشكل متزايد إلى تحقيق مصالحها الوطنية بما في ذلك التطلع إلى تنويع شركائها الأمنيين والاقتصاديين.
وقال صقر "النظام الدفاعي المتكامل فكرة جيدة حينما تكون كل الأطراف تحت قيادة واحدة ولكن السؤال هل ما زالت الثقة موجودة في الوعود الأميركية".
وذكر دبلوماسي ثالث ومصدر خليجي أن العلاقات بين الولايات المتحدة والإمارات في وضع أفضل بكثير بالنظر إلى تركيزها على المسائل الأمنية، رغم أنها تعرضت هي الأخرى لاختبار العام الماضي بعد ما اعتبرته أبوظبي ردا أميركيا متلكئا على هجمات شنها الحوثيون بالصواريخ والطائرات المسيرة على البلاد.
كما تتعاون الولايات المتحدة والإمارات، التي تستضيف مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 28) هذا العام، في العمل من أجل مكافحة تغير المناخ.