الجزائريون يلوحون بالعصيان المدني لكسر عناد السلطة

الأزمة في الجزائر تنفتح على المزيد من التصعيد مع رفض السلطة الانتقالية وقيادة الجيش مطالب الحراك الشعبي وتصنيفها في خانة "الإملاءات".

شعارات مناوئة لقائد الجيش الجزائري
المحتجون يرفضون الحوار مع "عصابة الحكم"
لا مؤشر على تهدئة قريبة تخرج الجزائر من عنق الزجاجة
هيئة الحوار تبدأ عملها رغم اعتراضات الشارع عليها
السلطة المؤقتة ترسخ حكم الأمر الواقع بغطاء من الجيش

الجزائر - شارك متظاهرون بكثافة في الجزائر العاصمة الجمعة في المسيرة الـ24 على التوالي ودعوا للمرة الأولى إلى "العصيان المدني" في أعقاب رفض الجيش مطالب إجراءات التهدئة وإبقاء القوات الأمنية على انتشارها الواسع على هامش التحركات الاحتجاجية.

وظهر الشعار الجديد الجمعة بعدما هتف به المتظاهرون في وسط العاصمة الذي تحيط به القوات الأمنية "العصيان المدني راهو جاي (آت).

وفي ظل استحالة تقييم الأعداد بسبب غياب تعداد رسمي، بقي الحشد كبيرا رغم الحر وتراجعه مقارنة بالأسابيع الأولى للحراك الذي بدأ في 22 فبراير/شباط. وتفرّق المتظاهرون مساء من دون حوادث.

وبرزت أيضا الدعوات إلى العصيان المدني في مدينتي قسنطينة وعنابة، ثالث ورابع مدن البلاد، وأيضا في مدينة برج بوعريريج (150 كلم جنوب-شرق الجزائر العاصمة)، إحدى معاقل الحركة الاحتجاجية، وفق صحافيين محليين.

وكما حدث في الأسابيع الماضية، تم ركن العديد من عربات الأمن على جانبي طرقات وسط العاصمة التي يفترض أن يسلكها المحتجون ما حدّ من المساحة المتروكة للمتظاهرين. كما قطعت عربات منافذ عدة شوارع تؤدي إلى وسط العاصمة.

وانتشر مئات الشرطيين بالزي أو باللباس المدني في محيط مبنى البريد المركزي وسط العاصمة ونشر آلاف في باقي العاصمة.

وردد المتظاهرون هتافات ضد النظام وضد قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح الرجل القوي في البلاد منذ استقالة الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة في الثاني من أبريل/نيسان 2019.

كما رددوا "لا حوار مع العصابة" رفضا لمباحثات اقترحها الرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح في محاولة لإخراج البلاد من المأزق السياسي والدستوري الذي تواجهه.

وكان تم إلغاء الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في الرابع من يوليو/تموز بسبب عدم توفر مرشحين ما أدى إلى إبقاء بن صالح على رأس الدولة بعد انتهاء مدة الرئاسة المؤقتة كما حددها الدستور.

وإزاء حركة الاحتجاج التي تطالب برحيل رموز نظام بوتفليقة وبينهم قائد الجيش والرئيس المؤقت قبل أي اقتراع، اقترحت السلطة حوارا لتحديد إجراءات الانتخابات الرئاسية بهدف ضمان أن تكون منصفة وإخراج الجزائر من الأزمة.

وتم تشكيل هيئة وطنية للحوار لكن اتهمها عدد من الشخصيات المؤهلة لتمثيل حركة الاحتجاج، بأنها موالية للسلطة ورفضوا الانضمام إليها.

وقالت المتظاهرة أسماء (طالبة، 25 عاما) "هل يتصور أعضاء الهيئة أنهم يمثلون مختلف توجهات حركة الاحتجاج؟ كيف يمكنهم البقاء في الهيئة حين يملي عسكري القواعد؟".

وبعد نحو أسبوع من تشكيلها، فاقمت هذه الهيئة من الاحتجاجات ضدّها بعدما تخلت الخميس عن "إجراءات التهدئة" التي كانت طالبت بها بنفسها قبل "أي حوار".

وبعد يومين من رفض قايد صالح "الشروط المسبقة شكلا ومضمونا" والتي وصفها بـ"الإملاءات"، أعلنت الهيئة شروعها "فورا" في عملها.

وبين إجراءات التهدئة تخفيف الانتشار الأمني أيام التظاهر وإزالة الحواجز في العاصمة ووقف القمع الأمني للتظاهرات.

وعلاوة على الانتشار الأمني الكبير، تعرقل حواجز الطرق بشكل كبير الوصول إلى العاصمة. وكانت السلطة أظهرت طيلة الأسبوع تصميمها على عدم الرضوخ لأي من شروط حركة الاحتجاج والهيئة الوطنية للحوار.

وفي حين طلبت حركة الاحتجاج بالإفراج عن المعتقلين من المتظاهرين، رفض القضاء طلب الإفراج المؤقت عن لخضر بورقعة (86 عاما) وهو من قيادات حرب التحرير من الاستعمار الفرنسي ومتهم بالإساءة للجيش وموقوف منذ نحو شهر.

ويعتبر محتجون بورقعة من "مساجين الرأي" ويرون أن سجنه كان بسبب نقده الشديد لقايد صالح، وطالبوا بالإفراج عنه وعن موقوفي الاحتجاجات.

وردا على مطالب بوقف قمع وسائل الإعلام، قال وزير الاتصال الأربعاء إنّ على الصحافيين أن "يمضوا في اتجاه جهود المؤسسات الوطنية وأسلاك الأمن في مجال الدفاع عن صورة البلاد ومصالحها".

وتساءل التاجر حسين سليماني (67 عاما) "لماذا يرفض قايد إجراءات التهدئة؟ لماذا يبقي شبانا في السجن؟ كيف يكون الحوار ممكنا في هذه الظروف؟".