الجنس والكحول يفتكان بصغار المشردين في روسيا

هرب ميتيا ابن الثلاثة عشر ربيعا والاشعث النحيل القامة من رفسات زوج والدته وضربات حزامه للانضمام الى الآلاف بل الملايين من صغار المشردين الذين يجوبون شوارع روسيا الجديدة.
ويمضي ميتيا متدثرا بمعطفه الرث اياما كاملة وهو يتجول في محطات القطار في موسكو ينهكه التعب واحيانا الكحول لكنه لا يتمدد على مقعد في المقصورة الاخيرة من خط مترو "كولستو" الذي يدور تحت المدينة ليلفها باكملها.
ويرد ميتيا بنظراته الزائغة وبشراسة على من يتقرب منه من البالغين، ويشعر فجاة حسب اقواله بان الامر "يتعلق بسرقة ما" لكنه يؤكد بسحنة الانذال انه "يعرف كيف يفعل اي شيء من اجل المال" ما اثار ضحك رفيقيه الشاحبين والنحيلين مثله.
ويسكن ميتيا المتحدر من سولنيتشنوغورسك التي تبعد 70 كم شمال- غرب موسكو في عربة مهجورة مع رفيقيه منذ اشهر عدة، وقال بصوت جلف "لا اريد العودة الى المنزل مقابل اي شيء في الدنيا فهناك لا يفعلون شيئا سوى السكر وضربي، سينتهي بهم الامر الى قتلي".
ومن جهته قال فولوديا، احد رفاق ميتيا، انه يخشى "اكثر من اي شيء اخر من هم بلا مأوى. فهم يضربوننا ويسرقوننا دون ان نتمكن من اخذ شيء منهم لانهم لا يملكون اموالا".
ويبلغ عدد الاطفال المشردين من امثال ميتيا ممن يجوبون الارصفة حوالي المليون رسميا الا ان المؤسسة الخاصة التي تعني بشؤون الطفولة في روسيا اعتبرت ان الرقم اقل مرتين من الحقيقة.
و90% من هؤلاء تخلى عنهم اهلهم اي بمعنى اخر هربوا من منازلهم دون ان يتخذ اهاليهم اجراءات لاعادتهم.
وقد دق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخرا جرس الانذار اخذا في الاعتبار حجم المشكلة التي تهدد "الرخاء الاقتصادي والاجتماعي في روسيا" حسبما قالت نائب رئيس الوزراء فالنتينا ماتفينكو.
واضافت في مقابلة مع شبكة "او ار تي" العامة للتلفزيون "يجب الاعتراف بان هناك خطبا ما في العائلات الروسية" مقرة بعجز الحكومة عن "تسوية هذه الازمة".
ومن جهته، اكد مدير منظمة "لا للكحول والمخدرات" غير الحكومية اوليغ زيكوف انه "لهذا السبب نتمسك بانقاذ العائلات واخراج الاهل من تعلقهم بالكحول او المخدرات وهي الاسباب الرئيسية لانتشار ظاهرة الاطفال المشردين".
واضاف ان "ثلثي اطفال الشوارع يرغبون في العودة للعيش مع عائلاتهم" وانتقد زيكوف الذي يحارب منذ اعوام عدة دور الايتام هذه "الاماكن المنحدرة من نظام توتاليتاري يرمي الشبان في الشوارع".
وتؤكد الحكومة الروسية ان دور الايتام التي تعاني من نقص في التمويل وزيادة في اعداد سكانها لا تستطيع استيعاب سوى ثلث الطلبات. وقد فر حوالي عشرة آلاف طفل من دور الايتام العام الماضي مما زاد في اعداد صغار المشردين الذين باتوا فريسة للقوادين وعالم الاجرام.
وصغار المشردين هم السبب في انتشار ظاهرتين لم تكونا معروفتين ايام الاتحاد السوفياتي اي الاجرام ودعارة الاطفال.
وسجلت السلطات الروسية العام الماضي 146 الف حالة من الجرائم والجنح التي ارتكبها اطفال بينها حالات ارتكبها صغار المشردين الذين تستخدمهم العصابات كناقلين للمخدرات.
اما شبكات دعارة الاطفال في روسيا والتي غزت افلامها اوروبا واميركا الاعوام الاخيرة، فقد لجأت غالبا الى تجنيد "ممثليها الشبان" بين صفوف اطفال الشوارع.