الجوف تودع مؤرخ شعرائها

الشاعر خالد الحميد أحد كبار شعراء منطقة الجوف، وهو يعد من الرعيل الأول حيث جاهد كثيرا ليحصل على التعليم في الكتاتيب.
الشاعر الراحل عمل مديرا لمكتب جريدة الجزيرة لمدة 38 عاما، وكان عضوا في عدد من الجمعيات الخيرية والتعاونية، والنادي الأدبي
ضم في كتابه الموسوعي "شعراء من الجوف" فصولا شعرية لعدد من الشعراء المرموقين بمنطقة الجوف

الجوف (السعودية) ـ رحل في مدينة سكاكا الجوف الشاعر الكبير خالد بن عقلا الحميد (أبو عبدالواحد)، وذلك فجر السبت 3 ذي القعدة 1440 هـ الموافق 6 يوليو/تموز 2019، عن عمر ناهز التسعين عاما.
والشاعر خالد بن عقلا بن حميد الضويحي الخالدي أحد كبار شعراء منطقة الجوف، وهو يعد من الرعيل الأول حيث جاهد كثيرا ليحصل على التعليم في الكتاتيب، قبل إنشاء المدارس النظامية في مدينة سكاكا، وكان من أوائل المتعلمين في جيله وحفظ القرآن الكريم، ثم التحق بأول مدرسة نظامية عام 1362 هـ - 1942، وأمضى شطرا من حياته موظفا في جهات حكومية عديدة حتى طلب إحالته للتقاعد عام 1397 هـ - 1977.
ويقول الحميد في حديث صحفي سابق: تعلمت بالكتاتيب على يد الشيخ فيصل، فلم يكن هناك مدارس ثم التحقت بالمدرسة عند افتتاحها عام 1362هـ. ويزيد الحميد استمررت بدراسة القرآن الكريم عند الشيخ فيصل، لافتا أن من يحفظ القرآن تلك الأيام يعد كمن حصل على الدكتوراه بالبلد ويُعمل له حفل ويهنأ بهذه المناسبة.
ومن قصيدة طويلة قالها الشاعر خالد الحميد حينما هاجه الشوق إلى الجوف وأهل سكاكا الجوف:
العين مشتاقة على شوف حيها ** أهل السخاء والجود والتبذير
دار تسمى الجوف يا جاهل بها ** كم لي بها خل وكم عشير
دار تعز الضيف واللي عنا لها ** واد النفاخ ان كنت به غرير
سقاه غاد المزن واحيا جوانبه ** من مرزمات ماطره غزير
ومن أبرز قصائد الشاعر، قصيدة شهيرة يمدح بها منطقة الجوف، ومنها:
سقى الله بلاد الجوف من وابل مدرار
مْحِنٍ مْرنٍ مرزمٍ ضافيٍ سيله
على نقرة الجوبة على راف لين أشغار
يحدّر على ابو أرواث لين المعيزيله
سقاها من الوسمي حقوق المطر تكرار
صباح ومساء يسقيه صادق هماليله
يربِّع سهلها والوعر بس خط القار
شبيه الزوالي يوم عينك تراعي له
في كل روضٍ ينبت الفقع فيه اكثار
تشوف الزبيدي بينات دحاميله

ومن مساجلات الشاعر الحميد مع أصدقائه هذه القصيدة التي أرسلها إليه الشاعر الراحل محمد العويضة الخالدي:
الله يجـمـل صبـرنـا يـاهـل طـريـف عـزي لنـا يــا ساكنـيـن الحـمـادي
مـي هـمـاج وغـالـي بالمصـاريـف وقلب المشقى ما يجي له مرادي
لو التأسـف ينفعـن قلـت يـا حيـف مـار الله اللـي جابنـي مـن بـلادي
ورد عليه الشاعر خالد عقلا الحميد بهذه الأبيات:
مسرور لاجـل اليـوم جانـي مظاريـف من اللي على فرقـاه مالـي جـلادي
ابــو خويـلـد مـكـرم الـجـار والـضـيـف هـو وابـن راجـي يشتكـون النـكـادي
دنيـاك مـا تاتـي علـى غـايـة الكـيـف ومـن يـا مـن الدنيـا بـلا شـك غــادي
ان كــان شكـواكـم فــراق الموالـيـف مـا فـي عليكـم عنـد الاحبـاب بــادي
كلٍ شكـى مـن بُعـد جـال المراهيـف حسبي على سلمى وهند وسعادي
هــذا ونــا بـطـلـت نـــط المـشـاريـف تـالـي زمـانــي مـــا يـقــدح زنـــادي
ومن رثائياته رثاءه لوالدته، ومنها هذه الأبيات من قصيدة طويلة:
الله من دنيا كثير مصايبه * كم فرقت بين المحب وحبايبه 
لو أضحكت يوم وحيد وسرتك * لا بد ما تبكيك زايد نوايبه 
الأيام ماتبيك عن سر غيبها * ما يوم الا شايفين عجايبه 
العين لو جادت بمكنون دمعها * معذورة لو هل موقه سكايبه 
ورثاؤه لصديقه الشاعر عيد النعيم رئيس النادي الأدبي بالجوف سابقا: 
قالوا علامك قلت تعبٍ ومهموم على صديقٍ راح وقْفَتْ ضعونه
الشيخ ابو يوسف من الرب مرحوم عسى جنان الخلد ما تصك دونه
آمين يا منزِل سباء وقاف والروم المعتلي كل الخلايق وكونه
ياجاعلٍ رزق المخاليق مقسوم ياخيّر كل الملاء يرتجونه 

Death of writers
ياجاعلٍ رزق المخاليق مقسوم ياخيّر كل الملاء يرتجونه

وحرصاً على استمرار الصداقة التي تربط  الشاعر خالد بن عقلا الحميد بأصدقائه فقد كان يتبادل معهم الشعر كهذه القصيدة التي أرسلها الشاعر الحميد لصديقه الشاعر الراحل محمد بن سليمان العويضة، وقد كانا يبعثان لبعضهم البعض بين حينٍ وآخر بقصيدة لتجديد الصلة وتنشط العلاقة.
وكان الفقيد أول صحفي في منطقة الجوف، وقد عمل مديرا لمكتب جريدة الجزيرة لمدة 38 عاما، وكان عضوا في عدد من الجمعيات الخيرية والتعاونية، والنادي الأدبي، وله كتاب موسوعي بعنوان "شعراء من الجوف" ضم فيه إلى جانب ديوانه وأشعاره، فصولا شعرية لعدد من الشعراء المرموقين بمنطقة الجوف.
وقد كتب الشاعر الحميد في جميع أغراض الشعر، وهو شاعر جهبذ، وتتداول قصائده في شتى المناسبات، ووثق كتاب "شعراء من الجوف" قصائد ومساجلات الشاعر خالد بن عقلا الحميد، وصدر الكتاب في منطقة الجوف عام 1426هـ- 2005 وعدد صفحاته 455 صفحة. وتصدَّر الغلاف شعر شعبي يقول:
من يزور الجوف يلقى ما يريده
وين ما يلفي مضافات وكرامه
عادة ما هي على الديره جديده
مدركين امجادنا ورث وشهامه
واحتوى الكتاب على مقدمة المؤلف ثم الجوف شعراً ونثراً، وكان القسم الأول: قصائد المؤلف ومساجلاته مع الشعراء ثم القسم الثاني: قصائد مختارة لشعراء من الجوف ومنهم الشاعر الأمير عبدالرحمن السديري والشعراء إبراهيم العريفي ودابس المرخان  وسهو العجاج، وعيد بن نعيم السهو، وخالد المسعر البليهد، وعبدالهادي بن مريزيق النصيري، وعيد بن عقلا الخمعلي، وجزع البديوي، ومحمد التيماني، وعبيد الله القنيفذ، وخلف عيسى الشاعل، ومحمد المعيقل، وغالب السراح، ومفضي العطية، وشهاب الجنيدي، وعبدالمصلح البديوي.
والشاعر خالد الحميد هو والد كل من نائب وزير العمل بالمملكة (سابقا) الدكتور عبدالواحد بن خالد الحميد، وبدر بن خالد الحميد خبير الموارد البشرية، والدكتور منير بن خالد الحميد نائب أمين عام الندوة العالمية للشباب الإسلامي، والشيخ ناجي بن خالد الحميد الباحث والمعلم في مكة المكرمة، والشيخ الدكتور عبدالحكيم بن خالد الحميد رئيس كتابة عدل سكاكا، وفوزي بن خالد الحميد وهو معلم ومثقف، وله أيضا 3 بنات يعملن في سلك التعليم.