الحرب على غزة تقلب حياة اليهود الإثيوبيين

الكثير من الإثيوبيين - الإسرائيليين يعانون من محدودية الدخل والتعلّم ويتوقون إلى أحباء لهم ما زالوا في جبال منطقة أمهرة في إثيوبيا.

القدس - تسلّط الحرب التي تشنّها إسرائيل على حماس منذ أكثر من خمسة أشهر الضوء على مصير 170 ألفا من السكان المتحدّرين من أصول إثيوبية.

هاجرت يغبال أياليو مع ابنها في عام 2012 من إثيوبيا إلى إسرائيل حيث نشأ في وطنهما الجديد وكبر ودخل الخدمة العسكرية إلى أن قُتل في هجوم حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

باكية تقول المرأة التي فقدت ابنها الجندي البالغ 21 عاما، إنه كان "يحترم الجميع"، لافتة إلى أن ما تتمناه من السلطات الإسرائيلية هو أن تسهّل انتقال أقارب لها ما زالوا في إثيوبيا إلى الدولة العبرية للم شمل العائلة.

ويكرَّم الجنود الذين يقتلون دفاعا عن وطنهم، في مؤشر يدل على نجاح جهود تبذل على صعيد الدمج في الثقافة والمؤسسات الإسرائيلية.

وفي الوقت نفسه، يعاني كثر من الإثيوبيين - الإسرائيليين من محدودية الدخل والتعلّم ويتوقون إلى أحباء لهم ما زالوا في جبال منطقة أمهرة في إثيوبيا.

ولطالما أثارت الخدمة العسكرية لمارو عالم، نجل يغبال، خشية لديها وقالت يغبال المتّشحة بالسواد "كان يقول لي يا أمي أين المشكلة؟ أنا ذاهب للعمل من أجل بلدي. إن لم نحم إسرائيل فلن تكون إسرائيل محميّة".

وكشفت أن الأمر الوحيد الذي يمكن أن يواسيها هو انتقال عائلتها وأقاربها من إثيوبيا للعيش في إسرائيل وأضافت "أدعو السلطات الإسرائيلية لنقلهم إلى هنا بعون الله"، موضحة "سيكون من الجيد أن تساعدني السلطات الإسرائيلية في هذا الأمر... لقد وهب ابني حياته لهذا البلد".

ومعظم اليهود الإثيوبيين انتقلوا إلى إسرائيل في ثمانينات القرن الماضي ووأوائل تسعيناته إبان مجاعة وحروب في منطقة القرن الإفريقي. وتطلق على هؤلاء تسمية "بيتا إسرائيل" والمقصود فيها يهود الحبشة.

ومن بقوا في إثيوبيا غالبا ما تطلق عليهم تسمية "فلشمورا"، وهو مصطلح يعني "الضالين" لتسليط الضوء على أنهم من أصول يهودية إنما اعتنقوا المسيحية، كثر منهم بالإكراه، في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.

وراهنا يعتبر هؤلاء أنفسهم يهودا إلا أن السلطات الحاخامية لا تعترف بهم على هذا النحو كما لا يحق لهم الهجرة بموجب قانون العودة الذي يمنح الجنسية الإسرائيلية لكل اليهود.

وبدلا من ذلك تنظَّم لهؤلاء رحلات جوية إلى إسرائيل تحت شعار لم شمل العائلة، لا يمكن ان يستفيد منها إلا من يعيش فرد من عائلته في إسرائيل.

آلاف من الـ"فلشمورا" مدرجة أسماؤهم في قوائم الانتظار في إثيوبيا، على أمل أن توافق السلطات الإسرائيلية على انتقالهم إلى الدولة العبرية حيث يأملون ببدء حياة جديدة أكثر ازدهارا.

وتُعتبر يغبال وابنها من الـ"فلشمورا"، إلا أن مارو الذي كان في التاسعة عندما وفد إلى إسرائيل كانت ظروفه أفضل مقارنة بوالدته إذ تعلّم العبرية وتمكّن من نسج صداقات مع إسرائيليين.

وقالت الدكتورة في كلية بيت بيرل الإسرائيلية ليات ياخنيش التي تجري أبحاثا حول عائلات المهاجرين والمهاجرين الشبان العرضة لمخاطر، إن هذا الواقع يسود في كثير من العائلات الإثيوبية - الإسرائيلية وأوضحت "ألتقي شبانا كثرا نشأوا في عائلات وكانوا يعتبرون ذويهم ضعفاء".

وأضافت "أعتقد أنهم يثمّنون عاليا قدرة التحمل، وكيف تعايش ذووهم مع الهجرة. لكن في الوقت نفسه، تعيّن عليهم مجابهة الحياة في إسرائيل بمفردهم"، من دون دعم عائلي كبير.

ويقول نشطاء إثيوبيون - إسرائيليون إن التحديات التي يواجهونها تشمل التمييز على يد الشرطة، وهو ما أثار احتجاجات عنيفة في عام 2019. 

لكن ياخنيش لفتت إلى أن جهود الدمج عموما أحرزت تقدّما وقالت "إنهم يهود وهم إسرائيليون ويشعرون بأنهم ينتمون إلى هذا المجتمع" وأضافت "يمكن ان يؤذيهم المجتمع، لكنهم يشعرون بأنهم ينتمون إلى هنا".

وقال الناشط الإثيوبي - الإسرائيلي غيل إلياس المقيم في عسقلان إنه يأمل بأن تسهم الحرب في تخفيف التوترات بين الجالية والمجتمع الإسرائيلي الأوسع نطاقا.

ولفت إلى أن "الأرقام تبيّن التضحيات"، مشيرا إلى أن 24 من بين أكثر من 500 من قوات الأمن الإسرائيلية قتلوا إما في السابع من تشرين الأول/أكتوبر وإما في عمليات عسكرية مذّاك، يتحدّرون من أصول إثيوبية.

وأضاف "يشكّل الإثيوبيون 1.7 بالمئة من سكان إسرائيل ونحو 5 بالمئة من الجنود القتلى"، مشددا على أنه "منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول بتنا نفكّر أكثر في وحدة الصف. بتنا نكترث أكثر لبعضنا البعض ونبذنا حروبنا القديمة".

وليس لدى الجيش الإسرائيلي إحصائيات في ما يتّصل بإتنيات جنوده لكن ياخنيش لفتت إلى أن الجيش ولا شك "هو آلية انتماء اجتماعية قوية جدا"، وهي ظاهرة جسّدها بوضوح سافهت فاردا، والد جندي جرح في السابع من تشرين الأول/أكتوبر.

وفي سوق يرتادها إثيوبيون - إسرائيليون عرض صورة لابنه برداء المستشفى خلال لقائه بيني غانتس وزير الدفاع السابق والعضو في حكومة الحرب الإسرائيلية وقال سافهت "نحن نحب بلدنا إسرائيل"، وأضاف "نفضّل الموت على أن تموت بلادنا".