الحكومة الفرنسية تعزز أدوات مراقبة الإخوان المسلمين

تُسيطر جماعة الإخوان في فرنسا على ما يزيد عن 150 مسجداً بما يُعادل نحو 12% من المساجد المُعتمدة بشكل رسمي، وذلك بالإضافة إلى أكثر من 600 جمعية دينية تتبع لهم.

باريس - عزّزت وزارة الداخلية الفرنسية من قُدراتها على منع ومكافحة التطرّف الإسلاموي والتصدّي لكل من يتحدى القيم العلمانية للبلاد، وذلك عبر الاستعانة بأدلة سرّية وخرائط تفاعلية لبؤر جماعات الإخوان والإسلام السياسي، لكن مع الحرص على ضمان الحريات الدينية في ذات الوقت، مُعزّزة بذلك من سلطات قوات الأمن في المراقبة وتسهيل العقبات القانونية أمام إغلاق المساجد التي يدعو أئمتها إلى الكراهية.
وتتمتع الحكومة الفرنسية بصلاحية إغلاق أماكن العبادة لمدة تصل إلى ستة أشهر إذا كانت هناك شكوك في أنها تُستخدم للتحريض على العنف وتبرير الإرهاب وما يُسمّى الجهاد المسلح، مع السماح للقائمين على دور العبادة بالطعن أمام المحاكم الإدارية. وبالفعل شهدت فرنسا مؤخراً حلّ وحظر العديد من الجمعيات الدينية، وذلك إثر تأكّد وجود شُبهات تطرّف وتمويل من مصادر خارجية. وتمّ إغلاق ما يزيد عن 25 مسجداً خلال عام تتبع لجمعيات دينية بسبب ترويجها للإسلام الراديكالي ونشر الكراهية.
وبالتوازي مع الجهود الرسمية، قام مركز "غلوبال ووتش أناليز" الفرنسي للدراسات الجيوسياسية، الذي يُقدّم تقاريره للاليزيه وصُنّاع القرار السياسي في فرنسا ولنحو 4 ملايين مُشترك في نشراته، بإعداد وتوزيع ونشر خرائط تفاعلية عبر منصّاته الإلكترونية لشبكات الإخوان المسلمين في أوروبا، وبشكل خاص في فرنسا وبلجيكا والمملكة المتحدة وسويسرا وألمانيا والنمسا، وذلك بهدف تحديد مواقع الجمعيات والمنظمات الإسلامية وأماكن العبادة التي تتبع لتنظيم الإخوان وتيارات الإسلام السياسي حيثما وُجدت، وجعلها مرئية بشكل واضح، وبشكل خاص تمييز تلك التي تدعو للتطرّف والكراهية.
و"غلوبال ووتش أناليز" مركز نخبوي مُتخصّص بالتحليل الجيوستراتيجي والقضايا الأمنية والدبلوماسية، ومكافحة الإرهاب والتطرّف والدفاع عن القيم العلمانية والعيش المشترك، ويُشارك في إدارته وإعداد أبحاثه نخبة من السياسيين والخبراء الفرنسيين والغربيين.
ووصف تقرير حديث تمّ تقديمه لمجلس الشيوخ الفرنسي جماعة الإخوان المسلمين بأنها منظمة خطيرة يجب منع قادتها من دخول الأراضي الفرنسية، واقترح التقرير شنّ حملة منظمة لمكافحة أيديولوجية الجماعة بالتوازي مع تقييد أنشطتها، ومن ذلك منع إدخال كتب الداعية الإخواني الإرهابي يوسف القرضاوي والدراسات التي تدعو إلى الجهاد ومعاداة السامية.
وتُسيطر جماعة الإخوان في فرنسا على ما يزيد عن 150 مسجداً بما يُعادل نحو 12% من المساجد المُعتمدة بشكل رسمي، وذلك بالإضافة إلى أكثر من 600 جمعية دينية تتبع لهم. وتستعد الحكومة الفرنسية لتطرح على البرلمان في الخريف، مشروع إصلاح قانون الهجرة واللجوء وعملية ترحيل الأجانب الذين ارتكبوا أعمالا إرهابية أو إجرامية، وفي مُقدّمتهم المُتشدّدون والناشطون في تنظيم الإخوان المُسلمين.
كما وأطلقت وزارة الاقتصاد والمالية الفرنسية تحقيقات واسعة حول مصادر تمويل الجمعيات الدينية والفكرية والمساجد التي تدعو إلى "إسلام انفصالي"، لا سيما داخل المؤسسات المرتبطة بالإخوان المسلمين. وبالتوازي مع هذه الجهود الحكومية عبّر العديد من الكُتّاب والمفكرين الفرنسيين عن رفضهم السماح للإخوان بتدريب الأئمة في فرنسا، مُحذّرين من مصادر تمويل دولية خارجية مشبوهة لهم.