الحوثيون يعولون على عودة المفاوضات لتجاوز انتكاستهم بالحديدة

مراقبون يرون أن حديث مبعوث الأمم المتحدة عن رغبة طرفي الصراع في العودة إلى طاولة المفاوضات سيستثمره الانقلابيون لتنظيم صفوفهم عقب انهيارهم الميداني في الحديدة.
مليشيات الحوثي تمنع سيارات الإسعاف من الدخول إلى السجن لإنقاذ المصابين
حرائق اندلعت من داخل السجن عقب اعمال الفوضى والشغب

جنيف ـ توقع مارتن غريفيث مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن عودة طرفي حرب اليمن إلى طاولة المفاوضات للمرة الأولى منذ نحو عامين وقال إنهما أكدا رغبتهما في التحدث.

وقال غريفيث في مقابلة مع إذاعة الأمم المتحدة في وقت متأخر أمس الخميس "أود جمع الطرفين في غضون أسابيع على الأكثر... وأتمنى أن يجتمع مجلس الأمن الأسبوع المقبل وأن نعرض عليه خطة بشأن كيفية استئناف المحادثات".

وأضاف أنه التقى خلال الأيام الماضية مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في مدينة عدن الجنوبية، مقر الحكومة المؤقت، ومحمد عبدالسلام كبير مفاوضي الحوثيين.

وقال "أكد لي الطرفان كلاهما استعدادهما للجلوس إلى الطاولة لاستئناف المفاوضات. أعتقد أنه كان ينبغي حدوث ذلك منذ أمد طويل. مر حوالي عامين منذ إجراء آخر محادثات بشأن اليمن".

ويرى مراقبون أن الحوثيين يبدون موافقتهم على العودة للمفاوضات كتمويه لاسترجاع أنفاسهم خاصة مع انهيارهم العسكري في الحديدة واقتراب تحرير المحافظة من قبل القوات اليمنية.

وقال إنه يعتقد أن المناقشات التي أجرتها الأمم المتحدة مع طرفي الصراع حالت دون وقوع هجوم كبير على منشآت ميناء الحديدة أو على المدينة حتى الآن. وتعد الحديدة شريان حياة رئيسيا لأهل اليمن.

ومضى قائلا إن الحوثيين عرضوا على الأمم المتحدة دورا رئيسيا في إدارة الميناء إذا حدث وقف لإطلاق النار بالمحافظة وإن الطرفين قبلا ذلك، لكن المحادثات مستمرة بشأن كيفية تجنب أي هجوم تماما.

وأضاف "ما زلنا نجري في الوقت الحالي مفاوضات حول ما إذا كان يمكن أن تلعب الأمم المتحدة دورا يساعد في تجنب شن هجوم. والأهم، وهو المسار الذي أظن أننا نسلكه، هل استئناف المفاوضات سيعني في الواقع تجنب الهجوم على الحديدة أو التحرك باتجاه الحرب".

وتوقع غريفيث مزيدا من المحادثات مع الحوثيين في الأيام القليلة القادمة حتى تتضح الأمور المتعلقة بتوقيت المفاوضات بين الجانبين وتفاصيلها.

وتابع قائلا إن هناك ما يقدر بما يصل إلى مليون يمني يقاتلون وإن مهمة نزع سلاحهم وإعادة دمجهم في المجتمع ستكون ثقيلة لكنها تمثل الأولوية بالنسبة للشعب اليمني.

وقال "الهدف من عملية السلام التي أرجو أن نتمكن من بدئها في المستقبل القريب هو أن نعيد لدولة اليمن حكومة وحدة وطنية جديدة وكذلك احتكار القوة الذي نعتبره طبيعيا في أي بلد آخر".

وقالت الحكومة اليمنية الخميس إن استعادة محافظة الحديدة (غرب) وميناءها من سيطرة الحوثيين "إلى حاضنة الدولة أصبح أمراً حتمياً".

وأوضحت في اجتماع لها بالعاصمة اليمنية المؤقتة "عدن" برئاسة أحمد بن دغر رئيس الوزراء، إن الحوثيين حولوا "ميناء الحديدة إلى قاعدة عسكرية لتهريب الأسلحة والصواريخ البالستية"، بحسب وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ).

وأضافت أن جماعة الحوثي تهدد بالصواريخ "الأمن الوطني والإقليمي والدولي وهو الذي أطال أمد الحرب في بلادنا وضاعف من معاناة شعبنا".

وأكدت الحكومة أن "بقاء المليشيا الحوثية في الحديدة ومينائها يشكل خطراً حقيقا على الأمنيين الإقليمي والدولي ويضاعف من معاناة اليمنيين ويعيق وصول المساعدات الاغاثية".

وبينت أن "استعادة الحديدة إلى حاضنة الجمهورية والدولة أصبح أمرا حتمياً".

وجددت الحكومة "دعم المساعي الأممية لتحقيق السلام الشامل والعادل الذي يتطلع اليه الشعب اليمني"، مؤكدةً أن "تسليم السلاح والانسحاب وبسط الشرعية سلطتها على الأرض هو أقصر طرق للسلام" .

وابلغ الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي الأربعاء مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث بترحيب بلاده بمبادرة الحديدة ودعمه للجهود الأممية الرامية لايجاد حل ينهي الصراع، إلا أنه شدد على ضرورة انسحاب الحوثيين من الحديدة دون الاكتفاء بتسليم الميناء لإدارة أممية.

واجتمع غريفيث الأربعاء مع الرئيس اليمني في عدن العاصمة المؤقتة، في إطار جهود لإيجاد حل سياسي يحول دون شن هجوم شامل على مدينة الحديدة حيث يوجد فيها الميناء الرئيسي الذي تعتبره الأمم المتحدة المنفذ الرئيسي لإمدادات الإغاثة وتخشى أن تؤدي العملية العسكرية الواسعة لتحريره من تعطيل وصول المساعدات الإنسانية عبره.

وفي سياق متصل لقي سجين مصرعه وأصيب العشرات في عملية اقتحام نفذها مسلحو جماعة الحوثي في وقت متأخر من مساء الخميس، للسجن المركزي بمدينة الحديدة "غربي اليمن.

وقال مصدر محلي  فضل عدم ذكر اسمه، لاعتبارات أمنية إن "عملية الاقتحام جاءت بسبب رغبة مليشيات الحوثي في نقل المساجين الموقوفين بقضايا مختلفة، لجبهات القتال".

وتابع قائلا "لكن الأمر قوبل بالرفض من قبل المساجين قبل تنفيذ عملية الاقتحام".

وأوضح أن "سجيناً مسناً، يدعى، محمد البيشي، لقي مصرعه بطلق ناري في رأسه، جرّاء عملية اقتحام نفذتها مليشيات الحوثي على السجن المركزي بالحديدة".

وأضاف "كما أصيب عشرات السجناء بالاختناق؛ بسبب القنابل المسيلة للدموع التي أطلقتها المليشيات أثناء عملية الاقتحام"، مشيراً أن "حالة بعضهم تستدعي العلاج السريع لإنقاذ حياتهم".

إلى ذلك، قال سكان محليون على مقربة من السجن، في أحاديث منفصلة  ان حرائق اندلعت من داخل السجن، عقب اعمال الفوضى والشغب التي شهدها، على خلفية اقتحامه من قبل الحوثيين.

وذكروا أن ألسنة اللهب تصاعدت من اتجاهات مختلفة، فيما منعت مليشيات الحوثي سيارات الإسعاف من الدخول إلى السجن، لإنقاذ المصابين.

ونشر وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، تسجيلاً تداوله ناشطون يمنيون على شبكات التواصل الاجتماعي، قالوا إنه أول فيديو من داخل سجن الحديدة عقب اعتداء الميليشيات الحوثية على نزلاء السجن بسبب رفضهم لعملية نقلهم إلى مكان آخر.

من جانبها، قالت هدى الصراري ناشطة حقوقية ان جماعة الحوثي تحرق السجن المركزي بمدينة الحديدة.

واضافت في تغريدة على صفحتها بتويتر، "بعد رفض السجناء الخروج من سجنهم، فإن حياة المئات منهم باتت في خطر داخل زنازينهم، إذا استمر الحريق في التهام ما تبقى من السجن".

ومن جانبه قال وزير حقوق الإنسان في اليمن "محمد عسكر"، إن مليشيات الحوثي جندت أكثر من 15 ألف طفل منذ بدء المعارك في البلاد، قبل حوالي 4 أعوام.

جاء ذلك خلال الندوة التي نظمتها وزارة حقوق الإنسان اليمنية، في جنيف، اليوم الخميس، على هامش انعقاد الدورة الـ38 لمجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، بحسب وكالة سبأ "الحكومية".

وكشف عسكر، أن مليشيات الحوثي جندت أكثر من 15 ألف طفلاً منذ انقلابها على الشرعية، في سبتمبر/ ايلول 2014، واستخدمتهم وقوداً لحربها العبثية.

وأضاف أن الحوثيين ارتكبوا في حق أطفال اليمن "انتهاكات جسيمة أخرى، كالتشويه، والعنف الجنسي، والحرمان من المساعدات".

وأشار الوزير اليمني، إلى أن "المليشيا قتلت أكثر من 1372 طفلاً، وأصابت 3 آلاف و882 آخرين"، دون توضيح كيفية قتلهم وإصابتهم.

ومنذ 13 يونيو/حزيران الجاري، تنفذ القوات الحكومية بإسناد من التحالف العربي، عملية عسكرية لتحرير الحديدة ومينائها الاستراتيجي على البحر الأحمر من مسلحي الحوثيين، وسيطرت خلالها على المطار.