الذكاء الاصطناعي إعصار يجتاح الاعلام والاستخبارات والسياسة
إن من أبرز مما يمكن تأشيره عن مخاطر إستخدامات تقنيات الذكاء الاصطناعي المستقبلية الخارقة هو أنه ليس بمقدور رجال الإعلام أو المهتمين بشؤون الدعاية والحرب النفسية أو حتى الأجهزة الإخبارية والأمنية ورجال السياسة في دول المنطقة والعالم وقف تداعيات هذا الغول مما يسمى بتقنيات الذكاء الإصطناعي وعالم الروبوتات وما تحمله من سيول وأعاصير جارفة تتجاوز خبراتنا الدعائية وأساليب الحرب النفسية التقليدية والشائعة الإستخدام حاليا وقد تصبح تلك الأساليب البالية من ذكريات الماضي السحيق.
بل أن خبرات وميادين الذكاء الاصطناعي المرتقبة تتفوق حتى على الأجهزة الإستخبارية والأمنية التي ترى نفسها مضطرة لمسايرة أنظمته وبرامجه وتوجهاته للإستفادة من تقنياته الفائقة في عملها الإستخباري والأمني المستقبلي وستكون تلك الأجهزة أمام خيار تغيير استراتيجياتها الإستخبارية والأمنية وأسبقياتها كاملة كونها ستجد أن خبراتها قد أصبحت كلاسيكية وبالية ولم تعد تواكب هذا العالم المتسارع الذي سيتفوق عليها في القدرات الفنية والتقنية وحتى الخبرات النفسية والإستخبارية والدعائية.
بل إن الخطر الأكبر يتمثل في عدم قدرة أنظمة سياسية على مواجهة تداعيات تطبيقات الذكاء الاصطناعي المرعبة أمام غول يريد أن يغير كل معالم حياتنا ويزيح البشر من أغلب أرجاء الكرة الأرضية عن طريقه ويكون هو المهيمن والمسيطر على مستقبل العالم وحركة تصنيعه ونهضته المستقبلية وتجد دول كبرى فرصتها من خلاله للوصول إلى أهدافها وتحقيق أجندتها في إستهداف من تراه أنه قد دخل في خصومة معها لتسقطه ربما بالضربة القاضية مما يدخل ساسة أنظمة العالم ودول المنطقة أمام غول يجتاحهم بسرع فائقة وليس بمقدور أجهزتهم العسكرية والإستخبارية والأمنية وقف زحف فيضاناته المدمرة واعصاره الضارب وسيوله الجارفة.
ومع هذا فإنه بإمكان الإعلام وقنواته المختلفة فرصة الاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي في ميادين الدعاية والحرب النفسية، برغم ان الذكاء الاصطناعي قد يتحول الى غول يداهمنا وليس بمقدورنا مواجهة تداعيات طوفانه الجارف.
ومع كل تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي ستغرق عالمنا إلا أنه بمقدور رجال الإعلام والمختصين بشؤون الدعاية والحرب النفسية أن يكبحوا جماح هذا الاعصار القادم من عوالم الذكاء الاصطناعي للاستفادة من إيجابياته في خدمة توجهاتنا الاعلامية والدعائية وفي مجالات تطوير قدراتنا في الحرب النفسية.
ومن شأن إستخدامات تطبيقات الذكاء الاصطناعي أن تحمل تلك الإستخدامات مخاطر لا حصر لها على العاملين في الحقل الإعلامي والدعائي بأن بمقدوره إزاحة الكثيرين منهم عن واجهة الإعلام إذا لم يحسنوا طرق مواجهة تدفق سيله الجارف بأن يكونوا هم من يمتلكون زمام المبادرة لوقف تداعياته على عالمهم الإعلامي وموقعهم أمام الرأي العام والمؤسسات التي يعملون فيها إذ ان إستخداماته في هذا المجال ما تزال في بداياتها الأولى لكن المخاطر المستقبلية لتلك الإستخدامات التقنية وعالم الروبوتات هي من تدخلنا منذ الان في دائرة الخطر الداهم .
كما أنه من المتوقع لهذا الزحف المتسارع في تطبيقات الذكاء الاصطناعي أن يدخل رجال السياسة في أزمات كثيرة في عمليات تسقيطهم السياسي ومن ثم الإطاحة بالكثيرين منهم في أن بمقدور تقنيات الذكاء الاصطناعي أن تسلط الأضواء عليهم وتقوم بتهييج الشارع ضدهم بمختلف قنوات التشهير وتشويه السمعة ومن يدخل في جعبة تفكيرها سيكون أمام مهمة عسيرة لبقائه فترة أطول.
بل أن الاجهزة الإستخبارية والأمنية ستدخل ميدان هذا الإستهداف في تقنيات الذكاء الإصطناعي وفي مجالات الاختراق الفني والسيبراني الفائق التطور في وسائل تقنياته وتجد تلك الأجهزة نفسها وهي مضطرة للإستفادة من تلك التقنيات الحديثة في خدمة عملها الإستخباري والأمني وإبتكار وسائل أكثر تطورا مما كانت تستخدمها قبل سنوات كون أساليبها وطرق عملها ستكون بالية ومستهلكة وغير قادرة على مواجهة قدرات تقنية وفنية خارقة دخلت الى ساحة العمل الإستخباري والأمني والدعائي وهي مرغمة على تجديد خبراتها التقنية بما يتوائم ومتطلبات الأمن السيبراني التقني الحديث وبعضها بل الكثير منها وبخاصة أجهزة دول كبرى ستجد فيها فرصتها في الهيمنة ومواجهة حملات الخصوم والأعداء ضدها.
والأكثر من هذا فإن الذكاء الاصطناعي سيكون أمام فرص إختلاق أزمات ومشاكل وعراقيل لإقتصاديات الدول والحكومات وبخاصة في دول المنطقة التي ما تزال متخلفة عن ركب التطور التقني المتسارع الخطى وفي دورها المتفاقم في إشاعة تخريب مؤسساتها المالية والإقتصادية والعمل على تحطيم القيم ومعالم السلوك المجتمعي القويم وتغيير أنماط الحياة للأجيال المقبلة في معظم جوانبها بحيث تصبح مواجهة حروبها الشرسة مهمة صعبة وقد تكون مستحيلة في حالات كثيرة.
بل أننا نحن معشر العاملين في الحقل الإعلامي والصحفي وفي مجالات الدعاية والحرب النفسية سنكون أمام مفارقة خطيرة قد تخرجنا من السيطرة على مقدرات الإعلام إذا ما سيطرت بعض قوى الشر على طوفان هذا العالم التقني الهائل القدرات وسيرته لخدمة مصالحها وأجندتها لإستهداف دولنا من خلال سيوله الجارفة وأعاصيره المدمرة بطريقة ربما تكون خارج قدراتنا في مواجهة تداعياته وارتداداته على عالمنا ومحيطنا المحلي والإقليمي وحتى الدولي.
ومن أبرز تلك المخاطر أن تداعيات سقوط أنظمة المنطقة وانهيارها سيكون أسرع مما يتصور الكثيرون عن القدرات الخارقة التي تتوافر أمام جهات ومرتكزات الذكاء الاصطناعي في قدراته على الاختراق وفي تسقيط من يراه أنه قد دخل ضمن عالمه الذي يريد أن يجتاحه ويداهمه بطريقة سريعة ليزيحه عن طريقه وفق أهدافه المرسومة ضمن أجندة دول كبرى وجهات دولية واستخبارية تريد استغلال ما تخطط له من خلال الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي في حروبها المقبلة مع أنظمة سياسية لاترتاح لها أو ممن تدخل ضمن أهداف تسقيطها وإزالتها عن الواجهة.
وما نراه اليوم عن حملات تزييف معالم وتوجهات شخصيات سياسية وفنية واعلامية وحتى رجال أعمال ضمن وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لتشعرنا ان مخاطر هذا التزييف والتحريف للمحتوى الهابط أصبح أمرا خطيرا للغاية وعرض سمعة شخصيات سياسية ومجتمعية وربما حتى ثقافية ومعرفية لمخاطر تشويه سمعتها والحط من قدرها أمام جمهورها ومؤيديها وانصارها ليتسنى إسقاطها في الوقت المناسب بطرق واساليب لم تخطر على بال.
هذه هي أبرز المخاطر والمخاوف التي يمكن سبر أغوارها والكشف عن مكنوناتها عما نراه بشأن تطبيقات الذكاء الاصطناعي وعالم الروبوتات التي دخلت عوالم مصانعنا ومؤسساتنا وحقولنا المعرفية لتزيح البشر عن طريقها شيئا فشيئا وتكون هي المهيمن الأول والأخير في نهاية المطاف في وقت لا يمكن التنبؤ بما سيكون عليه مصير البشرية بعد كل هذا الإجتياح القادم الينا من عوالم الذكاء الإصطناعي وهي من تتقدم الصفوف في كل زوايا الإنتاج الصناعي والتقني والفني وحتى النفسي والاجتماعي والقيمي ولا ندري ماهي نهايات فوضى هذا العالم ومدى ما تخلفه على البشرية والإنسانية جمعاء من مخاطر فادحة تهدد وجودها في الصميم.