الرئيس الأميركي سيضغط بقوة لتفكيك الميليشيات العراقية
بغداد - يواجه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني تحدي حسم انفلات الفصائل الشيعية الموالية لإيران وحصر السلاح بيد الدولة، خاصة في ظل الحزم الذي أظهره الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب لوضع حد لتهديدات طهران التي تواجه اتهامات بزعزعة الاستقرار عبر أذرعها الممتدة في المنطقة، بينما لا تبدو مهمة السوداني المطالب بإرضاء واشنطن وعدم إثارة غضب طهران، سهلة على الإطلاق.
ونقل موقع "بغداد اليوم" عن السياسي العراقي نزار حيدر قوله إن "بغداد تستعد لدخول نفقة الحقبة 'الترامبية' بأقل الخسائر"، لافتا إلى أن حكومة السوداني على قناعة بأن الإدارة الأميركية الجديدة عازمة على تصحيح الكثير من الأخطاء 'الفظيعة' التي غضت عنها إدارة الرئيس السابق جو بايدن الطرف ويتصدرها فشل السوداني في تسوية العديد من الملفات ومن أبرزها انفلات السلاح وتغول الميليشيات الموالية لإيران وتحويل العديد من المصارف العراقية إلى واجهة لضخ الدولارات إلى طهران التي تواجه عقوبات غربية تعزلها عن النظام المالي العالمي.
وتابع المصدر نفسه أن السوداني استبق تولي ترامب السلطة ببدء مباحثات مع قادة الفصائل الموالية لإيران بهدف دمجها في القوات المسلحة العراقية مقابل التزامها بعدد من الشروط.
وكانت لجنة الأمن والدفاع النيابية قد دعت خلال الآونة الأخيرة إلى دمج الفصائل في المؤسسة العسكرية باعتباره مطلبا أميركيا، بينما يعتبر متابعون للشأن العراقي أن هذه الخطوة من شأنها أن تجنب هذه الميليشيات أي استهداف أميركي، فضلا عن حاجة القوات المسلحة العراقية إلى تعزيز عديدها بنحو 50 ألف جندي جديد.
وأكد السوداني الثلاثاء أن "حكومته تعمل على دمج الفصائل ضمن الأطر القانونية والمؤسساتية"، مشيرا إلى أنها "عازمة على بناء عراق جديد يستند إلى إرثه الحضاري العرب"، بيما كشفت مصادر مطلعة أن السلطات العراقية أبلغت قيادات الميليشيات الشيعية بالانخراط في المؤسسة الأمنية والعسكرية أو الالتحاق بهيئة الحشد الشعبي.
ويبدو السوداني عالقا بين الرضوخ للضغوط الأميركية والغربية لحلّ الميليشيات الشيعية وحصر السلاح المنفلت بيد الدولة وبين تفادي غضب طهران التي عززت نفوذها في البلاد على كافة المستويات عبر إذرعها والقوى السياسية الموالية لها التي تنضوي تحت مظلة الإطار التنسيقي، ولطالما ضغطت على رئيس الحكومة في العديد من الملفات وذهبت إلى حد تهديده بتجريده من الدعم الإيراني الذي أوصله إلى السلطة.
ولا يعدّ دمج الفصائل الموالية لإيران في المؤسسة العسكرية العراقية مهمة سهلة بالنسبة إلى السوداني، في ظل إصرار العديد من قادتها على البقاء ضمن ما يعرف بـ"المقاومة الإسلامية" في العراق الذي شن العديد من الهجمات على المصالح الأميركية بذريعة دعم غزة، باعتبار أن هذا الإجراء من شأنه يلزمها بتسليم سلاحها والانضباط.
وذكّر حيدر بتصريحات جو ويلسون النائب الجمهوري المقرب من ترامب الذي دعا وزارة الخارجية الأميريكة إلى إدراج الفصائل المسلحة على قائمة العقوبات أو ما يعرف بـ"القائمة السوداء"، لافتا إلى أن العديد من نواب الحزبين الجمهوري والديمقراطي يستعدون لتقديم مشروع قرار للكونغرس يصنف أذرع إيران في المنطقة "تنظيمات إرهابية".
وحذر المصدر نفسه من أنه في حال صنّفت واشنطن الميليشيات الشيعية "إرهابية" فإن العراق سيتضرر بشكل كبير بسبب ما أسماه "التداخل العضوي'' بين الفصائل الموالية لإيران ومؤسسات الدولة، وعدد من قادة قوى الإطار التنسيقي.
وشدد على ضرورة أن "يلتزم السوداني والإطار التنسيقي الذي يدعمه ببنود البرنامج الحكومي المتفق عليه والذي على أساسه تم منح حكومته الثقة تحت قبة البرلمان، خاصة فيما يتعلق ببند حصر السلاح بيد الدولة لوضع حد لوجود الفصائل قبل أن تتعامل معه واشنطن وبطريقتها الخاصة".