الرباط للكتاب يحتفي بالتجربة الشعرية لمحمد بنطلحة

الشاعر يعد أحد الروافد المهمة المؤسسة للشعر المغربي المعاصر.

الرباط - احتفت الدورة الثلاثون من المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، الجمعة، بالتجربة الشعرية للشاعر المغربي محمد بنطلحة، مسلطة الضوء على تراكماتها الإبداعية ورهاناتها الجمالية ضمن أفق شعري كوني مفتوح.

وجرى ضمن فقرة "مسار" التي تخصص في الدورة الثلاثين للمعرض للاحتفاء بشخصيات فكرية وأدبية كان لها أثر بارز في المشهد الثقافي، استحضار محطات مميزة من المسار الشعري لمحمد بنطلحة، في جلسة أطرها كل من الناقد محمد البكري والكاتبة والشاعرة ثريا ماجدولين، وأدارها الكاتب والمترجم خالد بلقاسم، وفق وكالة المغرب العربي للأنباء.

وتناولت الناقدة والشاعرة ثريا ماجدولين في مداخلة بالمناسبة، تجربة بنطلحة الشعرية ورؤيته الإبداعية، مشيرة إلى أن الشاعر لا يكتفي في كتاباته بتقديم متعة جمالية فحسب، بل يدفع القارئ إلى إعادة التفكير في جوهر الشعر والكتابة، من خلال قصيدة متحررة من النماذج التقليدية، تنبني على التفكيك والانزياح والتأمل الفلسفي، مؤكدة أن الاحتفاء به هو في الحقيقة "احتفاء بتجربة شعرية استثنائية".

وشددت على أن شعر بنطلحة لا يقرأ من تخومه، بل يخاض من داخله كتجربة متجددة تعيد تشكيل المعاني مع كل قراءة، لتورط القارئ في عملية لا نهائية من إعادة تأويل العالم، ويجعل منه شريكا في إنتاج الدلالة، مشيرة إلى أن الشاعر يزعزع الثوابت الإدراكية ويجعل من الغموض إستراتيجية جمالية تعيد النظر في يقينيات اللغة والحقيقة.

واعتبر الناقد محمد البكري أن بنطلحة يعد أحد الروافد المهمة المؤسسة للشعر المغربي المعاصر، مستحضرا وعيه العميق بفعل الكتابة وعلاقتها بالوجود في أبعاده المفاهمية المتعددة.

وسجل أن المحتفى به سعى إلى تحقيق كتابة مغايرة موظفا كل ما أتيح له من أدوات لغوية وجمالية، لافتا إلى أن قصيدته تنفتح على فضاءات دلالية ومعجمية واسعة وغنية، ينبغي للباحثين التوقف عندها بالتحليل والدراسة، قائلا إن "الشاعر يشتغل بمنظومة من الكلمات والمفردات شاسعة ومتنوعة جدا"، وبالتالي فإن قارئه يجب أن يكون "ماكرا جدا".

وأعرب محمد بنطلحة في تصريح للصحافة عن امتنانه العميق لهذا التكريم الذي اعتبره لحظة رد اعتبار ممتدة لرجالات الكلمة؛ من الشعراء المغاربة، ومن أولئك الذين غابوا عن الدنيا قبل أن تلتفت إليهم الأضواء التي يستحقونها، موجها شكره للمنظمين وكل من أسهم في صوغ هذا الموعد الشعري البهي.

وقال الشاعر الذي يعد من رواد الشعر المغربي المعاصر ويشتهر بتجديده في المتون الشعرية واستعمال أساليب فنية جديدة مستلهما إياها من تجارب عربية وغربية رائدة، إنه أحيانا يطرح سؤال "ماذا حققت!" ويتصور أنه "لم يحقق شيئا"، مضيفا أن ما يهمه هو "ما لم ينجز بعد"، لافتا إلى أنه يكتب "من أجل أن يحقق كينونته الشعرية".

والشاعر محمد بنطلحة من مواليد 1950 بفاس، تابع دراسته العليا بين فاس والرباط وفرنسا، حيث نال دكتوراه الدولة من جامعة إكس إن بروفانس سنة 1987.

وتتسم أعماله الشعرية التي نال عنها جائزة "الأركانة" العالمية للشعر سنة 2016، بأساليب فنية جديدة على مستوى الإيقاع والصورة والتركيب، وبانفتاحها على التجارب العربية والغربية الرائدة.

وسبق أن فاز أيضا في عام 2022 بجائزة "ميهاي إيمينيسكو" العالمية التي تحمل اسم الشاعر الروماني الكبير إيمينيسكو والتي تنظم سنويا بمدينة كرايوفا الرومانية.

ومن إصدارات بنطلحة "نشيد البجع" (1989) و"غيمة أو حجر" (1990) و"سدوم" (1992) و"بعكس الماء" (2000) و"قليلا أكثر" (2002) "صفير في تلك الأدراج" (2013) و"أخسر السماء وأربح الأرض" (2014) و"كذئب منفرد"، بالإضافة إلى مقالات ودراسات في البحث الأكاديمي.

واحتفت الدورة الـ30 من المعرض والتي تسدل ستارها في السابع والعشرين من أبريل/نيسان الجاري، بمغاربة العالم، وذلك من خلال تكريم أربع شخصيات بارزة في تاريخ الهجرة المغربية، كعبدالله بونفور (متخصص في الدراسات الأمازيغية)، والراحل أحمد غزالي (كاتب مسرحي وعالم متاحف)، وللا خيتي أمينة بن هاشم العلوي (أول صحافية مغربية في الإذاعـة والتلفزيون البلجيكي)، والراحل إدريس الشرايبي، وذلك بمناسبة الذكرى الـ70 لصدور روايـة "التيوس" في باريس.