الرد السعودي في إطار القانون الدولي

ما خططت له إيران من خلال عدوانها يتجاوز فكرة إعلان الحرب على السعودية.

ما المطلوب من المملكة العربية السعودية أن تفعله ردا على العدوان الإيراني على منشآتها النفطية؟

شغل ذلك السؤال حيزا مهما من تفكير السياسيين والمحللين ورجال الأعمال والاقتصاد والصحفيين، بل وحتى الناس العاديين.

صحيح أن ما جرى يمس مباشرة الاقتصاد العالمي وهو ضرب من الجنون الذي يشكل خطرا على الامن والسلام العالميين غير أن أراضي المملكة هي التي قصفت من غير أن تكون المملكة في حالة حرب مع إيران.

قبل العدوان وبعده كان واضحا أن إيران تريد أن تجر المنطقة إلى حرب مدمرة إذا لم تُترك حرة في تنفيذ مشروعها التوسعي على حساب العالم العربي. وإذا ما كان خيار إيران قد وقع على المملكة في تنفيذ واحدة من أهم الفقرات التمهيدية لتلك الحرب فإن المملكة تعاملت مع الأمر في سياق منظور أكثر سعة من كونه يخصها وحدها.

فلو كانت إيران قد قصفت منشأة عسكرية سعودية لأختلف الأمر من جهة كونه اعلانا للحرب على السعودية. ولكان في إمكان السعودية أن تتحرك وحدها لترد على العدوان بالطريقة نفسها أو تلجأ إلى طرق قانونية، تسندها في حقها في الرد على العدوان بالطريقة التي تشاء.

غير أن الامر لم يكن كذلك. ما خططت له إيران من خلال عدوانها يتجاوز فكرة إعلان الحرب على السعودية. لذلك لم تلجأ السعودية إلى الرد بشكل مباشر وفضلت أن تضع حقيقة العدوان على طاولة عالمية وهي المكان المناسب له، بحكم الأهداف والمعاني التي انطوى عليها.

وكما أرى فإن تصرف السعودية بحكمة قد وضع المجتمع الدولي على المحك. ليس بسبب تأثير العدوان على الاقتصاد العالمي حسب بل وأيضا -وهذا هو الأهم- بسبب ما انطوى عليه العدوان من خرق سافر للقانون الدولي الذي أظهرت إيران وبشكل صريح عدم اعترافها به.
وإذا ما كانت إيران لم تعترف حتى اللحظة بجريمتها فإن الوقائع تدينها وهو ما يكفي لأن يتخذ المجتمع الدولي موقفا في اتجاهين. الاتجاه الأول يقع في اجبارها من خلال قرار دولي على دفع تعويضات إلى السعودية عن الاضرار التي لحقت بمنشآتها والتي بلغت أكثر من مليار دولار.

اما الاتجاه الثاني فإنه يكمن في العمل بطريقة جادة على تحجيم قدرات إيران العسكرية وذلك من خلال الاستمرار في فرض العقوبات الاقتصادية عليها وصولا إلى خنق النظام بالكامل.

إن إدانة النظام الإيراني عالميا وتحميله مسؤولية دفع التعويضات سيكونان درسا مهما في تكريس القانون الدولي واحترام العلاقات بين الدول. فليس من المستبعد أن تكرر إيران عدوانها إذا أفلتت من العقاب.

كما أنه ليس من المستبعد أيضا أن تقوم إيران بتزويد ميليشياتها بأسلحة الدمار الشامل التي تمتلكها إذا لم يتم تحجيم قدرتها على التصرف بتلك الأسلحة. وهو ما يمكن القيام به عن بعد.

لقد أرادت إيران أن تجر العالم إلى الحرب. ضربة مقابل ضربة. وهو منطق تجاوزه العصر. إضافة إلى أن إيران لا تملك القدرة على إشعال حروب، يملك العالم وسائل بديلة عنها لا لتدمير إيران وهو أمر مرفوض بل للقضاء على روح الهمجية التي سيطرت عليها في ظل نظام الملالي.

لذلك يمكن القول أن المملكة العربية السعودية تملك الكثير من الأوراق التي تمكنها من استعادة حقها إضافة إلى احتفاظها بحقها في الرد في الوقت المناسب لها من غير أن تخالف القانون الدولي.

ما تفكر فيه إيران وميليشياتها لا تفكر فيه السعودية.

لقد انتهى عصر الغابة التي لا تزال إيران تعيش فيه. فالتهديد بإزالة دولة وتدمير مدن واحراق آبار نفط لم يعد له مكان في السياسة المعاصرة. فالقانون الدولي الذي لا تعترف به إيران له سلطة، له قدرة على أن تعيد إيران إلى الأزمنة الحجرية.