السعودية.. قيادة المرأة للسيارة يعني تصدع التشدد الديني

تقلص نفوذ التيار الديني المتشدد: الذي كان طوال سنوات خلت صاحب يد عليا، وله قوته في التأثير على عقول وسلوكيات قطاعات واسعة من المجتمع هذا التيار بأفكاره الماضوية، كان له موقف سلبي من مشاركة المرأة في الشأن العام، وبقي يروج أن الأفضل للمرأة بيتها.

بقلم: حسن المصطفى

لماذا كل هذا الاحتفاء بقيادة المرأة للسيارة في المملكة، فيما هي مسألة عادية، تجاوزها الزمن بمراحل عدة؟ فالخطوة التي يعتبرها كثيرون أمراً طبيعياً غير مهم في معظم دول العالم، إلا أنها تشكل علامة فارقة لمرحلة سعودية جديدة، لها دلالات اجتماعية وثقافية، وحتى اقتصادية عدة، أهمها:

  • تقلص نفوذ التيار الديني المتشدد: الذي كان طوال سنوات خلت صاحب يد عليا، وله قوته في التأثير على عقول وسلوكيات قطاعات واسعة من المجتمع، هذا التيار بأفكاره الماضوية، كان له موقف سلبي من مشاركة المرأة في الشأن العام، وبقي يروج أن الأفضل للمرأة هو «الجلوس في بيتها»، ومارس تخويفاً اجتماعياً من مشاركتها في العمل أو الاختلاط بالرجال، وكأن هنالك فساداً كبيراً سيعم البلاد والعباد.
  • قيادة المرأة للسيارة معناه أن هذا الخط الأحمر الوهمي الذي رسمه المتشددون سقط، وتبين أنه خط وهمي، لا شرعية دينية له، وإنما هو موقف ذكوري توسل الدين ليكون له تأثيره على الناس.
  • تقلص نفوذ المتشددين سيعني أن الفضاء العام في المملكة سيكون أكثر انفتاحاً، وأن الأنشطة التي كانت تمنع بسبب نفوذ هذا التيار ستعود، بل هي عادت من جديد عبر بوابة هيئة الترفيه، وهيئة الثقافة.
  • تغير الثقافة المجتمعية: فالمجتمع الذي كان يدعي كثيرون أنه عائق تجاه التغيير والإصلاح، وأنه متضامن أو مؤيد للفكر المتشدد، ها هو يسمح للنساء بالذهاب لتعلم القيادة، والحصول على رخص رسمية، وشراء سيارات، ما يعني أن الممانعة المجتمعية لم تكن كبيرة كما روج لها المحافظون أو المترددون، وهذا يعكس قابلية مجتمعية للتغيير.
  • ممارسة حق الاختيار: أهمية هذه الخطوة في أنها تعيد للنساء حقاً سلب منهن، وأن المرأة السعودية اليوم بمقدورها أن تمارس حقها الطبيعي في الاختيار دون إكراهات، فمن أرادت القيادة لها الحق، ومن لم ترد ليس هنالك من يجبرها على فعل ما لا تريد.
  • مشاركة أوسع في التنمية والتغيير: فخروج النساء إلى المجال العام سيكون أكبر الآن، وسيفتح أبواباً أكبر للعمل، والدراسة، والمساهمة في تنمية المجتمع ورؤية 2030؛ لأنه لا يمكن أن تكون المملكة دولة حديثة دون مشاركة النساء بفعالية في التغيير الذي يتم العمل عليه.

هنالك الكثير من التغييرات القادمة، التي ستكون السعوديات في مقدمة المشاركات فيها، خصوصاً أننا نشهد الآن كفاءات نسائية شابة، يقدن قطاعات إدارية مهمة في عدة شركات متوسطة وكبيرة سعودية، وفي البنوك ومجالات عدة، وهن بالتأكيد سيكن رافعة السعودية الجديدة.