السلاح الأكثر شؤما في تاريخ الفن يبوح بسر وفاة فان غوخ

باريس تعرض مسدسا قد يكون استخدمه الرسام الهولندي لإنهاء حياته، والذي أثبت التحليل العلمي أنه بقي مطمورا تحت التراب لفترة من الزمن قد تتوافق مع العام الذي انتحر فيه الفنان.
المسدس عرض لأول مرة في متحف فان غوخ في أمستردام في العام 2016
أعمال الفنان هي من الأغلى بين الفنانين الانطباعيين والحديثين
فان غوخ محور أفلام وأغان وقصص مصورة
الرسام الهولندي تأثر بالانطباعية من دون أن يحترم قواعدها فأعماله كانت متميزة

باريس - على غرار بيكاسو وكارافاجو ومونيه وليوناردو دا فينتشي يعتبر الرسام الهولندي فنسنت فان غوخ من الفنانين المعروفين في العالم بأسره الذين يخضعون لمتابعة دقيقة ويثيرون الاهتمام الكبير.
ويُعرض المسدس الذي قد يكون استخدمه فان غوخ ليضع حدا لحياته في 27 يوليو/تموز 1890 في أوفير سور واز في فرنسا، للبيع في مزاد علني في باريس الأربعاء في قاعة دروو.
وتطرح هذا المسدس وهو من ماركة "لوفوشو" للبيع دار "أوكشن آرت-ريمي لو فور" وهو من عيار سبعة مليمترات. وقد يستحيل تأكيد صحة هذا المسدس رسميا إلا ان مصدره يعتبر جديا جدا.
وقدرت دار المزادات سعر المسدس المشؤوم بين 40 و60 ألف يورو.
وبعدما أمضى عامين في جنوب فرنسا، انتقل فنسنت فان غوخ إلى أوفير سور واز في 20 مايو/أيار 1890 بناء على نصيحة شقيقه تيو. وكان الطبيب بول غاشيه صديق الرسامين الانطباعيين يسهر على صحة الفنان الهولندي الذي كانت تنتابه بانتظام نوبات نفسية.

السلاح الذي انتحر به فان غوخ
السلاح الذي أنهى حياة أحد فناني الانطباعية

وكان فان غوخ يستأجر غرفة لدى أرتور رافو وهو صاحب نزل في البلدة. وكان الرسام الهولندي يومها في عز عطائه الفني ويرسم أكثر من لوحة في اليوم.
يوم الأحد في 27 يوليو/تموز 1890 توجه الرسام الهولندي إلى حقل قريب من النزل ورفع قميصه واطلق رصاصة إلى صدره بواسطة هذا السلاح الذي استعاره من صاحب النزل. وقد أفلت المسدس من يده واغمي عليه. وقد استعاد وعيه عند حلول الليل وهو مصاب فتوجه إلى النزل. ورغم اهتمام الطبيب غاشيه توفي فنسنت فان غوخ بعد يومين من المعاناة.
وعثر مزارع على المسدس المعروض في قاعة دروو وسلمه إلى أهل المالك الحالي لنزل رافو. والمسدس متضرر جدا وكان معلقا فوق مدخل النزل. وقد عرض المسدس متحف فان غوخ في أمستردام في العام 2016.
وتفيد دار "أوكشن آرت" أن تحليل المسدس العلمي أثبت أنه بقي مطمورا تحت التراب لفترة من الزمن قد تتوافق مع العام 1890.
في العام 2011، طرح باحثون أميركيون فرضية أن فنسنت فان غوخ لم يقدم على الانتحار بل أصابه عرضا شابان كانا يلهوان بالمسدس.
وقد اختارت قاعة "لاتولييه دي لوميير" في العاصمة الفرنسية أن تكرس للفنان الهولندي معرضا بتقنية متطورة. فهو يبث آلاف الصور على الأرض والجدران والسقف على مساحة 3300 متر مربع بواسطة 140 جهاز عرض تتناول مختلف مراحل مسيرة هذا الفنان العبقري والمضطرب.

ولد فان غوخ في عائلة بورجوازية هولندية لكنه كان متأثرا جدا بالهواجس الاجتماعية والروحانية، فانتقل إلى باريس العام 1886 للانضمام إلى شقيقه تيوو الذي كان يملك غاليري فنية في مونمارتر.
وأمضى في فرنسا أكثر السنوات غزارة في عمله مستوحيا من صديقيه تولوز-لوتريك وإميل برنار ولقاءاته مع الانطباعيين جورج سورا وكاميي بيسارو وبول سينياك.
وقد تأثر كثيرا بنور منطقة بروفانس فأقام في آرل العام 1888 إلى حيث انضم إليه صديقه بول غوغان لمدة أشهر في "المنزل الأصفر".
وتأثر فان غوخ كثيرا بالانطباعية من دون أن يحترم قواعدها فأعماله كانت متميزة.
كان فان غوخ رصينا وفضوليا ودرس فن الرسم الهولندي واستوحى من فن الغرافور الانكليزي وفن الرسم الياباني الذي كان يجمعه مع شقيقه.
حبه لليابان ينعكس في ألوانه الموجدة واطاراته السوداء وهو لون مرفوض لدى الانطباعيين. وكان يضع الألوان على لوحته بطبقات متتالية من دون خلطها مسبقا.
وفي العام 1888 وبعد شجار عنيف مع بول غوغان، قطع فنسنت فان غوخ إحدى أذنيه في نوبة جنون وأدخل إلى مستشفى الأمراض العقلية في سان-ريمي-أن- بروفانس حيث أمضى سنة كاملة.

بورتريه لفان غوخ
قطع فان غوخ إحدى أذنيه في نوبة جنون

وقد انجز بعضا من أهم أعماله في تلك المرحلة من الإبداع المكثف التي تميزات بزخارف على شكل دوامات ولوالب، على غرار لوحة "الليلة المنجمة".
وخرج من المصح في مايو/ايار 1890. وبعد أشهر قليلة أصاب نفسه إصابة بمسدس وتوفي بعد يومين قرب أوفير في سن السابعة والثلاثين.
كان شقيقه تيو تاجر الفنون يوفر له المال خلال حياته ويرسل إليه فان غوخ في المقابل لوحات يرسمها بانتظام. وكانت شهرته لا تزال محدودة في السنة الأخيرة من حياته.
وأدت أرملة شقيقه بتنظيمها معارض عدة خصوصا، دورا أساسيا في شهرته ما بعد الموت والتي عرفت تسارعا كبيرا بين الحربين العالميتين.
في العام 1930 زار120 ألف شخص معرضا مخصصا لأعماله في متحف الفن الحديث (موما) في نيويورك.
وباتت لوحاته الآن معروضة في أهم المتاحف وقد تأثر بمساره الفني المميز وشخصيته الكثير من الفنانين وهو محور أفلام وأغان وقصص مصورة.
وأعمال الفنان هي من الأغلى بين الفنانين الانطباعيين والحديثين إذ أن 12 من لوحاته تجاوزت سعر ثلاثين مليون دولار في المزادات.
في العام 2017، بيعت لوحة "حارث في الحقل" (1889) بسعر 81,3 مليون دولار.
وباتت اعماله البالغة حوالى الالفين من بينها 900 لوحة، ضمن مجموعات متاحف لذا فهي نادرة في السوق.
وتفيد دار "آركوريال" أن أعماله التي تعرض للبيع في مزادات "لا تزيد عن اثنين او ثلاثة في السنة".