السوداني يستعجل القضاء في حسم قضايا الفساد

السوداني يكشف عن تهريب نصف أموال الأمانات الضريبية المعروفة بـ"سرقة القرن" إلى خارج العراق وبغطاء رسمي، مؤكدا مواصلة الجهود لاستعادتها.

بغداد – وجّه رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، السبت، بسرعة الاستجابة لإخبارات قضايا الفساد وتنفيذ القرارات القانونية القضائية خلال 24 ساعة، فيما أكد أن بعض الإخبارات هدفها تعطيل وإرباك عمل هيئة النزاهة وتأخير المشاريع.

وخلال زيارته إلى هيئة النزاهة الاتحادية وترأسه اجتماعا، أشار السوداني إلى "ما تمثله هيئة النزاهة من أداة أساسية في تنفيذ البرنامج الحكومي وما يتعلق بأولوية مكافحة الفساد، مثمنا الجهود المميزة للعاملين في الهيئة، التي رسخت الأمل لدى عامة الشعب بوجود إرادة حقيقية لمكافحة الفساد المالي والإداري". حسب بيان أورده مكتبه الإعلامي.

وأوضح أن عمل الهيئة مختلف بشكل واضح عن المرحلة السابقة، مؤكداً وجوب الاستمرار بذات المسار المهني في العمل، خصوصاً أن الرأي العام كان يحمل قلقاً إزاء الانتقائية في مكافحة الفساد والصبغة السياسية في فتح الملفات، مثلما حصل في لجنة الأمر الديواني 29، وهو ما لم يعد موجوداً، حيث يجري العمل اليوم وفق القانون وبالتعاون مع الجهات التنفيذية والقضائية.

وشدد السوداني على وجوب السرعة في معالجة أي خلل يظهر من موظفي النزاهة، ورفض استغلال أي موظف لموقعه، خاصة إذا كان مكلفاً بالرقابة وحماية النزاهة، مؤكداً أنه يتواصل يومياً مع هيئة النزاهة ورئيسها من أجل المتابعة والتوجيهات.

ووجه السوداني جميع الضباط والآمرين بتقديم كشف لذممهم المالية، كما وجه كل الدوائر بالاستمرار في وضع وتحديث معايير تعاطي الرشوة من خلال استبيان آراء المواطنين، وكذلك جرى التوجيه بتقديم موقف دوري عن إجراءات الوزارات في موضوع النزاهة، وسرعة الاستجابة لموضوع الإخبارات التي ترد إليها.

وأشار إلى "تشكيل لجان خاصة للتحقيق مع الدرجات الخاصة ومحاسبة كبار الموظفين، وباشرت عملها لتضمين أي مسؤول إذا ثبت حصول ضرر بالمال العام".

كما لفت الى "توجيه بتشكيل لجان تحقيق في الوزارات والمحافظات والجهات غير المرتبطة بوزارة، لأن هناك بطئاً أثر في معالجة الإخبارات والدعاوى".

وتطرق السوداني إلى موضوع سرقة الأمانات الضريبية، الذي يمثل نقطة سوداء في تاريخ الدولة بسبب طبيعة وحجم الأموال المسروقة وبغطاء رسمي، بالتواطؤ مع موظفين تابعين للدولة، وجرى تهريب نصف هذه الأموال خارج البلد، مؤكداً مواصلة الجهود لاستعادتها، بحسب البيان.

وأثارت قضية سرقة القرن التي هزت الرأي العام في العراق سخطا شديدا في البلد الغني بالنفط والذي يستشري فيه الفساد، فيما حذر نشطاء وحقوقيون من ظاهرة الإفلات من العقاب، مشيرين إلى أن السلطات العراقية تطارد حيتانا صغيرة بينما ينجح بارونات الفساد ومنهم مسؤولون كبار في الدولة أو لهم ارتباطات بقوى سياسية نافذة، في الإفلات من المحاسبة.

وتواجه الحكومات العراقية المتعاقبة منذ عام 2003 مشاكل حقيقية في مواجهة الفساد، فيما تشير التقديرات إلى أنه كبّد الدولة خسائر بأكثر من 450 مليار دولار خلال السنوات الـ15 الماضية وانعكس ذلك سلبا على مجمل الخدمات والبنى التحتية للمواطنين.

وتعتبر حكومة السوداني محاربة الفساد وحماية المال العام من أولوياتها وتبذل جهودا من أجل استرجاع الأموال المنهوبة واستلام المطلوبين للعدالة في قضايا الفساد.

وكانت هيئة النزاهة الاتحاديَّة أعلنت في وقت سابق عن "تمكنها من إعادة أكثر من ملياري دينار (نحو 1.5 مليون دولار) إلى خزينة الدولة في قضايا فساد تتعلق بمسؤولين سابقين في الدولة"، مشيرة إلى أن "الأموال المستعادة تُمثل جزءا من قيمة التضخم بأموال بعض المتهمين في قضايا فساد وتضخم في الأموال منها قضية الأمانات الضريبية المسروقة".

ويصنّف العراق ضمن الدول الأكثر فسادا في العالم، في مؤشر مدركات الفساد لعام 2023 الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، إذ جاء بالمرتبة السابعة عربيا والـ 154 عالميا من بين 180 دولة مدرجة على قائمة المنظمة. وحافظ العراق على تلك المرتبة لعدة سنوات متتالية.

وتشير أرقام متفرقة، أن إجمالي الأموال المنهوبة تتجاوز 300 مليار دولار، فيما أوردت وكالة الأنباء العراقية، العام الماضي، أن إجمالي الرقم يبلغ 360 مليار دولار، بينما يقدرها برلمانيون بـ 450 مليار دولار.