الشيخ غوغل يهزم الشيح الحويني!

الإنترنت كشف بشاعات بعض من حاملي الفكر االمتطرف الجهادي وجرائم أتباعه على مستوى العالم.

بقلم: توفيق حميد

تعرض التيار السلفي في مصر والعالم العربي إلى ضربات عديدة موجعة في الآونة الأخيرة، وتراجع عدد من الدعاة السلفيين مثل أبو إسحاق الحويني والشيخ حسان ومن قبلهما عائض القرني عن بعض فتاواهم السابقة، وأعلن بعضهم اعتذاراته عن أخطائه السابقة في الفتوى.

ولم يقف الأمر عند ذلك الحد فحسب، فقد اشتعلت المعركة داخل التيار السلفي خاصة بعد أن خرج عدد من قيادات التيار للهجوم على الشيخ أبو إسحاق الحويني ونجله حاتم الحويني، مشيرين إلى أن الحويني كان سببا في نشر الفكر المتشدد داخل التيار السلفي، وأن ابن الحويني هو السبب في فتح باب شتم مشايخ الدعوة السلفية، وهو ما يشير إلى انقسامات كبرى قد تضرب التيار السلفي في مقتل بعد خروج أبو إسحاق الحويني للاعتذار.

والأمر هنا ليس هينا ففتاوى شيوخ التطرف مثل أبو إسحاق الحويني وغيره من دعاة التشدد تسببت في قتل أبرياء وذبح بشر وتفجير كنائس ورجم حتى الموت وغير ذلك من الجرائم المرتكبة في حق الإنسانية جمعاء، ولا يمكننا في هذا السياق أن ننسى كيف تم قتل شهيد الفكر فرج فودة كنتيجة لفتوى بعض الشيوخ ورجال الدين.

والمتأمل لما يحدث في العالم العربي يتضح له أن ما حدث من هجوم على شيوخ السلفية ما هو إلا رأس جبل الجليد العائم في بحور تطوير وتجديد الفكر الديني، والذي ساعد فيه وبشدة وجود الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعى مثل فيسبوك وتويتر وغيرهما، وهناك أكثر من ظاهرة تدل على ترنح الفكر المتشدد أمام ضربات المفكرين الإصلاحيين.

من ظواهر هذا الترنح زيادة أعداد الملحدين بدرجة رهيبة خاصة وسط الشباب في العالم العربي، وأيضا زيادة أعداد المتكلمين ضد الفكر السلفي العنيف في أجهزة الإعلام الرسمية وغير الرسمية! ولقد وصل الأمر ببعض شيوخ الأزهر الأفاضل، مثل الشيخ كريمة، لأن يبكي على الهواء مباشرة لزيادة أعداد الملحدين وعدم قدرة رجال الدين على مواجهة الهجوم على الإسلام وعلى الشريعة الإسلامية.

بنظرة موضوعية نستطيع أن نرى كيف ساهم الإنترنت أو ما يطلق عليه "الشبكة العنكبوتية" في توجيه ضربة شديدة للفكر السلفي الذي سيطر على عقول الملايين في العالمين العربي والإسلامي عبر العقود السابقة.

لقد ساعدت الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) وشبكات التواصل الاجتماعي على توجيه هذه الضربة للفكر السلفي من خلال عدة وسائل.

فعلى سبيل المثال لا الحصر فإن الإنترنت ساهم في نشر بشاعات بعض من حاملي الفكر السلفي الجهادي وجرائم أتباعه على مستوى العالم، فبعد أن كانت البشاعات لا يراها إلا قليلون، أصبحت كما نقول في مصر "على عينك يا تاجر"، وصارت متاحة أمام الجميع، ويكفي أن نذكر كيف رأى العالم والمسلمون المعتدلون عمليات الرجم والذبح في الشوارع، وحرق الناس أحياءً مثلما حدث مع الضابط الأردني معاذ الكساسبة، وكان نشر فيديوهات هذه الجرائم على نطاق واسع له أكبر الأثر في نفوس الناس مما ساعد على ضرب الفكر السلفي والجهادي ضربة مؤلمة.

وفي هذا المضمار نتذكر أيضا كيف ساهم الإنترنت أو كما أطلقت عليها في هذا المقال "الشيخ غوغل" في إعطاء الفرصة للمفكرين والمصلحين الدينيين في عرض أفكارهم دون خوف، فبعد أن كان الخطاب فقط من خلال المواجهة والتواجد أمام المتطرفين مما يعرض المصلحين للإيذاء البدني، فإن الكثيرين اليوم من أصحاب الفكر الإصلاحي يوجهون خطابهم من أماكن مختلفة ولا يعرف أحد أين يعيشون، بل أن بعضهم يعيش في دول أخرى يصعب على المتطرفين الوصول إليهم فيها أو الانتقام منهم كما فعلوا مع الراحل فرج فودة والأديب نجيب محفوظ حينما حاولوا قتله.

ويبدو أن المتطرفين أدركوا أن كل عمل عدواني ضد الإصلاحيين ينقلب عليهم وعلى فكرهم الرجعي في النهاية من خلال عالم الإنترنت الذي عجزوا عن منعه أو السيطرة عليه، فمن حسن حظنا أن المتطرفين لم ولن يستطيعوا "قتل" الإنترنت!

باختصار شديد فإن الإصلاحيين والمفكرين الدينيين الذين يقاومون فكر التطرف عليهم أن يكونوا شاكرين للشيخ "غوغل" والذي ساعدهم بدرجة تفوق التصور على توجيه ضربة قاصمة إن لم تكن قاضية للفكر السلفي!

كاتب مصري