الصويرة المغربية تحتفل بإدراج فن كناوة على قائمة اليونسكو

ضم موسيقى كناوة إلى قائمة التراث العالمي يعد اعترافا بفن شعبي ساحر وحفظا لإرث ثقافي يجمع بين طقوس إفريقية وتقاليد صوفية إسلامية.
مهرجان الصويرة ساهم في إخراج فن كناوة من طابعه المحلي الشعبي
ثقافة كناوة باتت تجد صدى لها في العالم أجمع

الصويرة (المغرب) - بالعروض البهلوانية والملابس الملونة والأهازيج، سار عشرات الفنانين السبت في شوارع مدينة الصويرة في جنوب المغرب احتفالا بإدراج موسيقى كناوة المصنفة جزءا من الإرث الفني الشعبي المغربي على قائمة اليونسكو للتراث غير المادي.
ويقول مختار غانيا (56 عاما) وهو أحد كبار فناني هذا النوع الموسيقي إن "هدفنا هو تعريف العالم أجمع بهذه الموسيقى. إنها ثقافة غنية يجب الحفاظ على سحرها".
وكان جده ووالده محمود غينيا من أبرز رموز هذه الموسيقى التي تجمع بين طقوس إفريقية وتقاليد صوفية إسلامية وتعود أصولها إلى عبيد استقدموا من جنوب الصحراء، قبل أن تصبح جزءا من التراث الفني الشعبي في المغرب.
وقال أندريه أزولاي مستشار العاهل المغربي الملك محمد السادس ورئيس جمعية ناشطة بقوة جعلت من الثقافة محركا أساسيا للنمو في الصويرة، إن إدراج اليونسكو هذا النوع الفني على قائمتها الخميس "تكريس للالتزام الرائد" لهذه المدينة.
وقد شكلت المدينة واسمها القديم موكادور ملتقى للحضارات ومهدا لثقافة كناوة التقليدية. ففي هذه المدينة على ضفاف المحيط الأطلسي، يقام مهرجان لموسيقى كناوة منذ سنة 1997 يستقطب أعدادا كبيرة من محبي هذا النوع الموسيقي من حول العالم في مطلع كل صيف.
ويرى منظمو المهرجان أن إدراج هذا النوع الفني على قائمة اليونسكو يمثل "اعترافا رائعا".

ما قبل وما بعد
وبدفع من قوة الإيقاعات في هذا النمط الموسيقي، بدأ "معلمو" موسيقى كناوة التسجيل مع بعض من كبار الأسماء في عالم الجاز منذ مطلع السبعينات.
لكن قبل مهرجان الصويرة، "لم يكن لهذه الثقافة المعترف بها من كبار الأسماء على الساحة الموسيقية العالمية المكان الذي تستحقه في المخيلة الشعبية المغربية"، وفق منتجة الحدث نايلة التازي.
ويقول أندريه أزولاي "ثمة ما قبل مهرجان الصويرة وما بعده" بالنسبة إلى الموسيقيين في هذا النوع الفني، لافتا إلى "رد اعتبار مجموعة لطالما عانت التهميش".
وباتت ثقافة غناوة تجد صدى لها في العالم أجمع بعدما كانت تقتصر على فئة محدودة من هواة هذا النوع.
وقد توسعت شهرة موسيقى غناوة في المغرب خلال سبعينات القرن الماضي من خلال استعمالها مع أنواع موسيقية أخرى في أغاني مجموعة "ناس الغيوان" الشهيرة في المملكة. لكنها اشتهرت على نطاق أوسع بفضل مهرجان الصويرة.
وساهم هذا المهرجان في إخراج فن غناوة من طابعه المحلي الشعبي، مع تقديم عروض متنوعة منها ما يمزج بين موسيقى غناوة وألوان موسيقية أخرى، منها خصوصا الجاز والبلوز المتحدرة ايضا من أصول إفريقية.
وشهدت منصات المهرجان عروضا لفنانين لامعين مثل بيت ميتني أو ديديي لوكوود أو ماركوس ميللر، إلى جانب كبار "معلمي" الفرق الكناوية المغربية.

شكلت المدينة واسمها القديم موكادور ملتقى للحضارات ومهدا لثقافة كناوة التقليدية

حفظ الفن وتوريثه 
ويتحضر مختار غانيا لإصدار ألبوم من إنتاج شركة "يونيفرسل ميوزيك" قبل الانطلاق في جولة عالمية مع فرقته المؤلفة من موسيقيين من المغرب وبلدان غرب إفريقيا. هذا المغني والعازف سبق أن تشارك خشبة المسرح مع فنانين كبار بينهم عازف الغيتار المكسيكي الشهير كارلوس سانتانا.
وفي الصويرة، يبدو الجيل الجديد من السكان مستعدا لحمل شعلة هذا الفن. وقد أنشأ الشاب عبدالسلام بن عدي البالغ 25 عاما مع موسيقيين شباب آخرين فرقة "أصول كناوة". وهم أطلقوا سويا قبل ثلاث سنوات مهرجان "جيل كناوة" الذي يضم فرقا محلية.
وخلال هذا الملتقى، تأتي فرق شبابية لتعزف أعمالا من موسيقى كناوة "مع احترام التقاليد" أمام لجنة من "معلمين" مخضرمين في هذا الفن.
ويقول الموسيقي الشاب إنه "من المهم الحفاظ على هذه الثقافة ونقلها إلى الأجيال الطالعة".