الصين تلقي بثقلها في إعادة إعمار سوريا من بوابة الشراكة الإستراتيجية

محللون يشككون في أن الصين ستلتزم بأي شيء ملموس في مساعدة سوريا لأن أي استثمار أجنبي هناك يخاطر بالتورّط في العقوبات الأميركية.

بكين - عرض الرئيس الصيني شي جينبينغ اليوم الجمعة مساعدة سوريا في إعادة بناء اقتصادها ومواجهة الاضطرابات الداخلية من خلال دفع العلاقات إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية وذلك خلال محادثات مع الرئيس بشار الأسد الذي يبحث عن حلول للأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعاني منها بلاده وأدت إلى اندلاع احتجاجات شعبية أحيت شعارت الثورة السورية، في ظل تدهور الظروف المعيشية لفئات واسعة من السوريين.  

ويعزز هذا الاجتماع النادر في مدينة هانغتشو الصينية حملة الأسد للعودة إلى الساحة العالمية، بينما يسمح لشي بتعزيز مصالح الصين الاستراتيجية في الشرق الأوسط التي تتحالف فيها بالفعل مع إيران والسعودية.

وقال الرئيس الصيني لنظيره السوري "الصين تدعم معارضة سوريا للتدخل الأجنبي والترهيب أحادي الجانب وستدعم إعادة إعمار سوريا".

ونقلت عنه وسائل إعلام رسمية القول بأن الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم ستدعم إعادة الإعمار في سوريا.

وتعني الشراكة الإستراتيجية في الدبلوماسية الصينية ضمنا أن يكون هناك تنسيق أوثق في الشؤون الإقليمية والدولية بما يشمل المجال العسكري وتقع في المرتبة التالية مباشرة لما تسميه بكين "الشراكة الإستراتيجية الشاملة".

وتم تشديد العقوبات الغربية على سوريا بشكل مطرد منذ الأيام الأولى للحرب الأهلية التي اندلعت في عام 2011 وأدت إلى مقتل مئات الآلاف وتشريد الملايين.

وتسيطر حكومة الأسد، المدعومة من روسيا وإيران، حاليا على معظم مناطق البلاد واستعادت العلاقات مؤخرا مع دول عربية كانت تدعم المعارضة ذات يوم.

وسوريا الآن في حاجة ماسة إلى الاستثمار الأجنبي لتشييد بنيتها التحتية وإحياء مختلف الصناعات، فيما أثار الوضع الاقتصادي المتردي احتجاجات في جنوب البلاد طالبت فيها الحشود بإقالة الرئيس.

ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة 'شينخوا' اليوم الجمعة عن بيان مشترك للصين وسوريا قولهما إن بكين تحث الدول المعنية على رفع جميع العقوبات "غير المشروعة والأحادية" المفروضة على سوريا فورا.

وذكر البيان أن الصين تعارض تدخل القوى الخارجية في الشؤون الداخلية لسوريا وتقويض أمنها واستقرارها بالإضافة إلى الوجود العسكري غير القانوني في سوريا.

ويشك محللون في أن الصين ستلتزم بأي شيء ملموس في مساعدة سوريا لأن أي استثمار صيني أو أي استثمار آخر هناك يخاطر بتوريط المستثمر في العقوبات الأميركية بموجب قانون قيصر لعام 2020 الذي يمكن أن يجمد أصول أي أحد يتعامل مع سوريا.

وسيأخذ المستثمرون الصينيون في اعتبارهم أيضا سوء الحالة الأمنية والوضع المالي المتردي في سوريا.

وكثفت بكين جهودها الدبلوماسية في قضايا الشرق الأوسط في السنوات الماضية وفي مارس/آذار ساعدت في التوسط في اتفاق مفاجئ بين السعودية وإيران لإنهاء خلاف دبلوماسي استمر سبع سنوات.

وأشار شي إلى مبادرات رائدة تهدف إلى تشييد البنية التحتية على طول طريق الحرير القديم وتعزيز نهج الصين فيما يتعلق بالأمن العالمي معلنا عن دعمه لسوريا لتحسين علاقاتها مع الدول العربية الأخرى.

وقال "إن الصين مستعدة لتعزيز التعاون مع سوريا من خلال مبادرة الحزام والطريق لتقديم مساهمات إيجابية للسلام والتنمية على الصعيدين الإقليمي والعالمي".

لكن محللين قالوا إنه من المرجح أن يكون هناك حدود للمدى الذي يمكن أن تذهب إليه بكين في مساعدة دمشق في أي قضايا بخلاف استعادة وضعها الإقليمي.

وقال ماتيو ليجرينزي أستاذ العلاقات الدولية في جامعة كافوسكاري بمدينة البندقية "لا أعتقد أن الصين ملتزمة تجاه سوريا بما يكفي للضغط من أجل رفع العقوبات متعددة الأطراف".

وأضاف "هذا ليس جزءا من طبيعة الدور الصيني في الشرق الأوسط الذي يتسم بمحاولة القيام بدور دون الانحياز إلى أي طرف".