العاهل المغربي يوجّه بالتركيز على توطين الصناعة الدفاعية
الرباط - وجه العاهل المغربي الملك محمد السادس اليوم الأربعاء بمناسبة الذكرى الـ69 لتأسيس القوات المسلحة الملكية، بالتركيز على برامج توطين الصناعة الدفاعية بهدف بلوغ الاستقلالية في المجال، ما يقيم الدليل على الاهتمام الملكي بالرفع من قدرات الجيش المغربي سواء من خلال تجهيزه بأحدث العتاد أو تكوين عناصره، في إطار إستراتيجية تهدف إلى ترسيخ مكانة المغرب كقوة عسكرية صاعدة تلعب دورا حيويا في بسط الاستقرار وحفظ الأمن في المنطقة.
وقال الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، "سنواصل دعم برامج توطين الصناعات العسكرية، كأحد الأوراش الوطنية الكبرى التي تحظى برعايتنا والتي حرصنا على توفير كل الظروف المواتية لإنجاحها، وفق رؤية مستقبلية متبصرة".
وأوضح أن توطين هذه الصناعات يهدف إلى بلوغ الاستقلالية المنشودة في المجال الدفاعي، من خلال وضع إطار قانوني مساند وتوفير تحفيزات مهمة لفائدة المستثمرين والشركاء المغاربة والأجانب للنهوض بهذا المشروع الحيوي.
وبعد النجاحات التي حققها في قطاعَي تصنيع السيارات والطائرات خلال الأعوام الماضية، يسعى المغرب إلى التأسيس لصناعة عسكرية ضمن رغبته في التحول إلى قوة إقليمية، تلبي الطلب المحلي وتُصدر إلى الأسواق الخارجية.
وبرز هذا التوجه من خلال اتفاقيات أبرمتها الرباط مع شركات ودول عدة، من بينها اتفاقية وُقعت نهاية سبتمبر/أيلول الماضي مع شركة "تاتا غروب" الهندية، تهدف إلى إنتاج مركبات قتالية بمصنع محلي في المملكة.
كما فاز المغرب منذ نحو أسبوع بترخيص لتصنيع أجزاء من مكونات مقاتلات أف 16 الأميركية، في خطوة هامة من شأنها أن تعبد طريق البلد إلى إرساء صناعة دفاعية. وسيتم إنشاء المصنع الذي سيتولى تجميع هياكل الطائرات الحربية الأكثر تطورا في العالم، في المنطقة الصناعية 'ميدبارك' بالنواصر.
ودشنت المملكة خلال الفترة الأخيرة منطقتين صناعيتين لاحتضان المشاريع في مجال الصناعة الدفاعية، فيما ينتظر أن تساهم الحوافز والاستقرار السياسي والأمني الذي يتمتع به البلد في استقطاب الاستثمارات الأجنبية في هذا القطاع.
ويسعى المغرب إلى تقليل اعتماده على الدول الأجنبية في توفير الأسلحة والمعدات العسكرية، وهو ما يعزز من سيادته وقراره المستقل في الشؤون الدفاعية.
ويشكل تطوير الصناعة الدفاعية فرصة لجذب الاستثمارات الأجنبية ونقل التكنولوجيا المتقدمة وتوطين المعرفة في هذا المجال، مما يعود بالنفع على الاقتصاد المغربي فضلا عن الدور الذي سيلعبه هذه المشروع الطموح في خلق الآلاف من فرص الشغل.
ويطمح المغرب إلى أن يصبح مركزا إقليميا في مجال الصناعات الدفاعية، ليس فقط لتلبية احتياجاته الخاصة بل أيضا للتصدير إلى الدول الشقيقة والصديقة في المنطقة، لا سيما بعد أن أبرم خلال الآونة الأخير عددا من الاتفاقيات العسكرية مع مالي وبوركينا فاسو.
وقال الملك محمد السادس في الأمر اليومي إن "القوات المسلحة الملكية تحتفل اليوم ومعها الشعب المغربي قاطبة بالذكرى التاسعة والستين لتأسيسها، وهي مناسبة وطنية متجددة، نستحضر فيها بمزيد من الامتنان والإجلال روح مؤسسها وواضع لبنتها الأولى أب الأمة جدنا الملك المجاهد، جلالة المغفور له محمد الخامس قدس الله روحه، ورفيقه في الكفاح والدنا المنعم جلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه، الذي سهر على ترسيخ أركان قواتنا المسلحة وتجهيزها، وتكوينها وتأهيلها للقيام بالمهام المنوطة بها".
وتابع أن "هذه الذكرى الغالية ستظل من المحطات البارزة في تاريخ وطننا معتزين بتخليدها، بصفتنا القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، مجددين لكم فيها، بمختلف رتبكم ضباطا وضباط صف وجنودا، نساء ورجالا وبكل انتماءاتكم البرية والجوية والبحرية والدرك الملكي، سابغ عطفنا ورضانا، على المجهودات العظيمة والتضحيات الجسام التي تبذلونها في سبيل الدفاع عن حوزة الوطن ووحدته الترابية''.
وتابع "إننا إذ نفتخر بقواتنا المسلحة الملكية وبمستوى جاهزيتها واستعدادها الدائم لخدمة الوطن والمواطنين، فإننا نشيد بالعمل النبيل والمشرف ذو البعد الإنساني والتضامني الذي تضطلع به الوحدات العسكرية في مجال تدبير المخاطر والكوارث الطبيعية، من خلال التدخلات الميدانية وعمليات الإنقاذ والإغاثة وتقديم المساعدات والخدمات الطبية، التي تتسم دوما بالخبرة والفعالية وحسن التخطيط تنفيذا لأوامرنا السامية في هذا الإطار".
ونوه بما "تحقق من إنجاز محمود في إطار الخدمة العسكرية، كورش وطني يتيح للشباب المغربي ذكورا وإناثا، أداء واجبهم الوطني مستفيدين مما توفره المؤسسة العسكرية من موارد مادية ومعنوية تتيح لهم التشبع بقيم الانضباط والمثابرة والتحمل ونكران الذات، فضلا عن تأهيلهم في ميادين وتخصصات متعددة تسمح لهم بولوج سوق الشغل والمساهمة في نهضة بلدهم ومجتمعهم، معتزين بانتمائهم وبمغربيتهم، مفاخرين بتاريخ وطنهم وأمجاده، وأوفياء لملكهم ولثوابت أمتهم".
وأكد أن "القوات المسلحة الملكية وبموازاة مع مهامها في المجال الدفاعي والعسكري والإنساني، واصلت انخراطها الفعال بنفس الحماس والاقتدار في إطار عمليات حفظ الأمن والسلام التابعة للأمم المتحدة، من خلال العمل الجاد الذي تقوم به تجريداتنا العسكرية المنتشرة بكل من جمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية إفريقيا الوسطى، والذي يتعزز بإرسال أطر فنية وكوادر طبية متمرسة ضمن العديد من هيئات وبعثات حفظ السلام التابعة للمنظمة الأممية، مما يساهم في الإشعاع الدولي للمملكة، كشريك متميز وموثوق به في دعم واستتباب الأمن والسلم الدوليين".
وأوضح الملك محمد السادس أن "التطورات المتسارعة التي يعرفها العالم والتحديات المتزايدة التي تفرضها الظرفية الحالية، وما تفرزه من اضطرابات غير مسبوقة إقليميا ودوليا وإرهاصات أمنية وإجرامية عابرة للحدود، تستوجب من القوات المسلحة الملكية التسلح أولا بالحكمة واليقظة وكذلك المعرفة المعمقة من أجل التكيف المستمر مع هذه المستجدات، والاستعداد الدائم لمواجهتها بكل حنكة وحزم ومهنية.
وأشار إلى الاهتمام الذي يوليه بشكل دائم ومركز من أجل مواكبة هذه التحولات والعمل على تطوير وإغناء برامج التدريب العسكري وترقية مناهج التكوين العلمي نظريا وتطبيقيا.
وشدد القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية على أن ''ما حققناه اليوم من تقدم ملموس في مجال تجهيز قواتنا المسلحة بأحدث المعدات والتقنيات، يواكبه اهتمام متزايد بأهمية الدور المحوري للعنصر البشري الذي كان دائما في صلب أولوياتنا''.
وأكد أن تأهيل عناصر الجيش وتمكينها من العمل في ظروف جيدة ومريحة تلبي كل متطلبات الحياة المهنية لفائدة منتسبي القوات المسلحة الملكية وتوفير المرافق الضرورية لمزاولة مختلف الأنشطة الرياضية والتثقيفية داخل الثكنات ومراكز التدريب، ستجعل من جنود القوات المسلحة الملكية الأداة الفضلى لبلوغ النجاعة والفعالية المطلوبة من أجل الاستخدام الأمثل لمختلف المعدات والمنظومات الدفاعية.
وزاد أنه سيواصل بنفس العزيمة والإصرار دعم برامج توطين الصناعات العسكرية كأحد الأوراش الوطنية الكبرى، لافتا إلى أنه حرص على توفير كل الظروف المواتية من أجل إنجاحها وفق رؤية مستقبلية متبصرة تصبو إلى بلوغ الاستقلالية المنشودة في المجال الدفاعي، وذلك من خلال وضع إطار قانوني مساند وتحفيزات مهمة لفائدة المستثمرين والشركاء المغاربة والأجانب للنهوض بهذا المشروع الحيوي.
ولفت إلى أن "المحافظة على المكتسبات تستدعي مواصلة التعبئة بنفس العزيمة والإخلاص من أجل تعزيز قوة الجيش وومناعته ومده بكل مقومات الحداثة ووسائل الجاهزية، مع تمكين أطره وأفراده من تجويد مكتسباتهم المادية والمعنوية، مع توفير وتقريب الخدمات الاجتماعية والطبية الضرورية لفائدة أسرهم وعائلاتهم".