العبادي في اختبار صعب لإرضاء واشنطن وعدم إغضاب طهران

العلاقة بين إيران والعراق شائكة، فالاقتصاد العراقي بوضعه الراهن وبحكم تراكمات ما بعد الغزو في 2003، يتشابك فيه الأمني بالسياسي والعسكري بالاجتماعي في ظل نسيج مجتمعي متعدد الطوائف والولاءات المذهبية وأي عقوبات أميركية على طهران ستهز الاقتصاد العراقي.

العبادي يرسل وفدا إلى أميركا للتفاهم حول التعاملات المالية مع إيران
بغداد ستطلب من واشنطن إعفاءها من بعض العقوبات
تداخل العلاقات الإيرانية العراقية يهدد الاقتصاد العراقي
طهران نجحت بفضل سياسيين موالين لها في التغلغل في مفاصل الدولة العراقية

بغداد - قال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي اليوم الثلاثاء إن العراق سيرسل وفدا إلى الولايات المتحدة للتفاهم حول التعاملات المالية مع إيران، بعدما أعادت واشنطن فرض عقوبات على طهران.

ونقل التلفزيون الرسمي عن العبادي قوله في مؤتمر صحفي أسبوعي "لسنا مع العقوبات الاقتصادية ضد أي بلد وهذا موقفنا الاستراتيجي".

وتعليق العبادي هو أول تصريح من مسؤول عراقي منذ قالت رويترز الأسبوع الماضي إن بغداد ستطلب من واشنطن إعفاءها من بعض العقوبات، لأن اقتصاد العراق يرتبط ارتباطا وثيقا بجارته إيران.

ونجحت إيران خلال السنوات الماضية في التغلغل في مفاصل الدولة العراقية واخترقت من خلال شبكة واسعة من السياسيين الموالين لها كل المؤسسات العراقية.

وترتبط إيران باتفاقيات تجارية واقتصادية مع العراق ما يعني أن فرض العقوبات الأميركية على طهران من شأنه أن يؤثر سلبيا على الاقتصاد العراقي المتعثر.

والعلاقة بين إيران والعراق شائكة، فالاقتصاد العراقي بوضعه الراهن وبحكم تراكمات ما بعد الغزو في 2003، يتشابك فيه الأمني بالسياسي والعسكري بالاجتماعي في ظل نسيج مجتمعي متعدد الطوائف والولاءات المذهبية.

ويستورد العراق معظم احتياجاته من إيران وقد بلغت قيمة سلع استوردتها بغداد من طهران نحو 6 مليارات دولار في الفترة من مارس/اذار 2017 حتى مارس/اذار 2018، أي حوالي 15 بالمئة من اجمالي واردات العراق في العام الماضي. وبلغ حجم التجارة بين البلدين في 2017 نحو 12 مليار دولار.

العراق يستورد معظم السلع من إيران
العقوبات الأميركية قد تشمل التعاملات التجارية بين العراق وإيران

وترتبط إيران والعراق بعقود في مختلف المجالات من الطاقة إلى الخدمات إلى النقل وغيرها من القطاعات الحيوية التي من المتوقع أن تتضرر بشكل كبير في حال تمسكت واشنطن بعدم إعفاء تلك التعاملات من العقوبات التي من المقرر أن تبدأ الحزمة الثانية منها والأكثر قساوة في نوفمبر/تشرين الثاني.

وأي عقوبات أميركية على إيران من شأنها أن تهز الاقتصاد العراقي ومن شأنها أيضا أن تفاقم متاعبه في ظل العلاقة المتشابكة اقتصاديا وعسكريا واجتماعيا بين طهران وبغداد.

وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت منذ انسحابها في مايو/ايار من الاتفاق النووي للعام 2015 والعودة للعمل بنظام العقوبات السابقة على إيران، هدّدت صراحة بأنها لن تستثني أي شريك من العقوبات في حال تعامل مع إيران.

والعراق واحد من هؤلاء الشركاء الذي وجد نفسه في وضع صعب بحكم تحالفه مع الخصمين: غيران والولايات المتحدة.

ويسعى رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته حيدر العبادي للحفاظ على مسافة واحدة من الحليفين بحيث لا يخسر الدعم الأميركي ولا يفرط في الثقل الإيراني ولا يدفع في الوقت ذاته فاتورة النزاع بين واشنطن وطهران.

وقد يعمل خلال هذه الفترة على مسك العصا من النصف للحفاظ على العلاقات مع حليفي بلاده والخصمين في آن واحد.

وأمام ساسة العراق اختبار حقيقي للقطع مع النفوذ الإيراني، لكن هذا الأمر يبدو صعبا بل مستحيلا في ظل العلاقات المتشابكة والمتداخلة سياسيا واقتصاديا وعسكريا واجتماعيا.

وتأتي هذه التطورات بينما يغرق العراق في متاهة تشكيل الحكومة الجديدة بعد انتخابات برلمانية فازت فيها تحالفات حزبية موالية لإيران وأخرى تسعى لكبح النفوذ الإيراني.

وفاز تحالف سائرون بقيادة الزعيم الشيعي المتنفذ مقتدى الصدر وتحالف النصر بزعامة حيدر العبادي وقد يشكلان تحالفا لتشكيل كتلة برلمانية وأيضا ائتلاف الفتح بزعامة هادي العامري ودولة القانون بزعامة نوري المالكي وكلاهما من الموالين لإيران.   

ويواجه العراق الذي استنفدت حربه على الإرهاب مليارات الدولارات من موارده وفاقم انهيار أسعار النفط في 2014 متاعبه، أزمة اقتصادية غذّتها أيضا توترات داخلية وأخرى إقليمية.