العراق.. الأكثرية أكثرية الحق لا أكثرية العدد

الشيعة الذين يعتقدون أن نظام المكونات قد أنصفهم من واقع اعترافه بهم كأكثرية فهم واهمون لأن نظام الأكثريات والأقليات الدينية أو المذهبية أو العرقية هو إنتقاص من الحق الوطني والإنساني للجميع وفي المقدمة هم قبل غيرهم لأنه يعطيهم الدور الأساسي في بناء مجتمع كسيح ووطن معوق.

بقلم: جعفر المظفر

استمعت لدفاع سيدة عراقية مسيحية من المهجر عن زميلتها العراقية المسيحية المرشحة بوصفها خيار المسيحين لإحتلال المقعد المخصص لهم من قبل نظام المكونات المذهبي العرقي. قبلها خاض مسيحيون آخرون في وحل المشهد نفسه حينما إقتطعوا من المشهد السياسي العام ما يخصهم بالذات فإنتقدوه كمسيحيين ولم ينتقدوه كعراقيين.

منذ الأيام الأولى لإنتخاب السيد (يوناديم كنا) كممثل للمسيحيين في البرلمان في دورته الأولى قلت أن الرجل يدخل من بواية الإساءة للمسيحيين لا من بوابة الدفاع عنهم, فهو يوقع كممثل للمسيحيين إقرارا دستوريا يؤكد على أنهم أقلية عراقية لها إستحقاقات تتبع حجمهم الرقمي لا حجمهم الوطني,أي أنه يوقع منذ البداية صك الهزيمة المسيحية عن طيب خاطر.

والدفاع عن المسيحية هنا بالمعنى الوطني ليست مسؤولية المسحيين لوحدهم بل مسؤولية كل العراقيين لأنها دفاع عن الوطنية العراقية التي تساوي بين الناس على اساس المبادئ الإنسانية والمساواة في حضرة القانون الذي يتعامل مع الجميع كونهم عراقيين رغم إنتماءاتهم الثانوية.

الدفاع عن المسيحيين لا يتم من خلال تقديم شهادة حسن سلوك شخصي لهذا المرشح أو ذاك وإنما بالرفض الصارم لأي مشهد دستوري أو قانوني أو إجتماعي متأسس على قاعدة نظام الأقليات المتعفن الذي يحول المسيحيين أو غيرهم من ذوي الهويات المتفرقة الأخرى من غير العرب إلى مجرد أقليات.

إن الدفاع عن السيدة المسيحية لا يتم من خلال شباكها الشخصي وإنما من خلال بوابتها العراقية التي يدخل منها الجميع إلى ساحة لا تكون الأكثرية فيها سوى أكثرية الحق لا أكثرية العدد..

وأما الشيعة الذين يعتقدون أن نظام المكونات قد أنصفهم من واقع إعترافه بهم كأكثرية فهم واهمون جدا لأن نظام الأكثريات والأقليات الدينية أو المذهبية أو العرقية هو إنتقاص من الحق الوطني والإنساني للجميع وفي المقدمة هم قبل غيرهم لأنه يعطيهم الدور الأساسي في بناء مجتمع كسيح ووطن معوق، وبهذا فهم سوف يتحملون الضرر أكثر من غيرهم لأنهم سيكونوا الضحية الأولى لدعاة النصب الطائفي السياسي الذين سيشوهون ثقافتهم الوطنية وممارساتهم وسلوكهم المذهبي باشكال ومستويات من شانها في النهاية أن تمسخ إنسانيتهم مسخا لا حدود له.

إن أكثر الخاسرين في نظام الأكثرية هم الأكثرية التي لا تُضّيع حقوقها فحسب وإنما هويتها الإنسانية أيضا.