العراق.. الدولة الوطنية والمليشيات المسلحة

أحزاب الإسلام السياسي في انشطتها تمتلك أجهزة امنية وأخرى عسكرية تتعايش وأحيانا تتعاون مع أجهزة الدولة الوطنية العسكرية منها والأمنية لقمع الاحتجاجات الشعبية.

بقلم: لطفي حاتم

 تمر الدولة العراقية بفترة عصيبة في تاريخها السياسي، تتمثل بتدني قدرتها على فرض هيمنتها السياسية والأمنية، بسبب ضعف تشكيلتها الدفاعية وهزال بنيتها الأمنية، وفي هذا السياق تتصدر أحزاب الطائفية السياسية وقوى الميليشيات المسلحة لملئ الفراغ الأمني الحاصل، بهدف فرض هيمنتها السياسية وأيديولوجيتها الطائفية على شرائح وطبقات التشكيلة الاجتماعية العراقية.

انطلاقا من التوصيف المشار اليه نحاول متابعة التطورات الأخيرة ورصد سماتها بهدف تأشير الاخطار المحيطة بالأمن الاجتماعي ومستقبل طبقات التشكيلة السياسية العراقية عبر الدالات التالية:

  • الدالة الأولى: أكدت التجربة التاريخي المنصرمة على ان احتكار الدولة للعنف لم يعد هو القاعدة في الدولة العراقية فقد قدم حزب البعث الاشتراكي عبر مشاركة أجهزة الحرس القومي المسلحة باعتماد وسائل قمعية جديدة ارتكزت عليها السلطة البعثية في محاربة القوى الوطنية.
  • الدالة الثانية –التجربة التاريخية المشار اليها ترتكن اليها أحزاب الإسلام السياسي في انشطتها الأمنية المختلفة حيث تمتلك أحزاب الإسلام السياسي أجهزة امنية وأخرى عسكرية تتعايش وأحيانا تتعاون مع أجهزة الدولة الوطنية العسكرية منها والأمنية لقمع الاحتجاجات الشعبية.
  • الدالة الثالثة: تمارس الاجهزة الأمنية -العسكرية التي تحوزها القوى المسلحة لأحزاب الإسلام السياسي أدوارا متنوعة بهدف صيانة ألبناء الطائفي لسلطة الدولة العراقية.
  • الدالة الرابعة: بسبب غياب برنامجها الوطني تشكل المليشيات المسلحة التابعة لأحزاب الإسلام السياسي أداة دافعة للحروب المذهبية والنزاعات الاهلية.
  • الدالة الخامسة: تكاثر وانتشار المليشيات الحزبية المسلحة قاد الى ضعف الدولة الوطنية وتكريس هيمنة التشكيلات العسكرية التابعة لهذا الفصيل السياسي او ذلك وما نتج عن تلك الخاصية من مخاطر اندلاع نزاعات مناطقية بين الفصائل العسكرية الحزبية المتناحرة.
  • الدالة السادسة: أفضت حيازة التشكيلات العسكرية الطائفية الى هزال الدولة الوطنية وتوزع وظائفها السيادية بين الفصائل الحزبية الطائفية المسلحة.
  • الدالة السابعة: أدت السمات السلبية المشار اليها الى التدخلات الإقليمية- الدولية عبر مساندة هذا الفصيل الطائفي المسلح او ذاك.

إن وجود الفصائل الطائفية ومخاطر النزاعات الاهلية الناتجة عنها فضلا عن ضعف الدولة الوطنية في صيانة تشكيلتها الاجتماعية تجبر الباحث على ابداء ملموسية ساندة لهذه الموضوعات المثيرة للجدل السياسي.

عليه دعونا نحتكم الى الوقائع المعاشة في تناول تلك القضايا المثارة عبر المفاصل التالية :

  1. المؤسسة العسكرية الوطنية بديلا عن الفصائل الحزبية المسلحة
  2. الانتفاضة الشعبية العراقية ودورها في إعادة بناء الدولة العراقية.
  3. الدولة الوطنية الديمقراطية بديلا عن المحاصصة الطائفية.
  4. انطلاقا من الموضوعات المشار اليها نتوقف عند المحور الأول.

أولا - المؤسسة العسكرية الوطنية بديلا عن الفصائل الحزبية المسلحة.

ليس هناك بديلا عن وحدانية المؤسسة العسكرية للدولة الوطنية باعتبارها الأداة الضامنة لعدم تحول النزعات الاجتماعية والصراعات الطبقية الى حروب طائفية تتحكم في توجهاتها السياسية روح الهيمنة الطائفية والقوة العسكرية.

بهذا الإطار نؤكد على أن الدولة الوطنية هي وحدها صاحبة الحق الشرعي في امتلاك القوة العسكرية الهادفة الى الدفاع عن الوطن وضبط نزاعاته الاجتماعية.

توزع المليشيات العسكرية على أحزاب طائفية يفضي الى الحروب الاهلية ويقود الى تقسيم البلاد الى ولايات طائفية تتحكم في مساراتها الاجتهادات الفقهية والولاءات الدينية بعيدا عن قوانين الدولة العاملة على صيانة الوحدة الوطنية وتماسك بنيتها الاجتماعية.

سيادة الطائفية السياسية تعني محاولة احتواء الصراعات الاجتماعية المنبثقة من المصالح الطبقية المتعارضة ووضعها في خدمة مصالح الطبقات الكمبورادورية والشرائح المالية المتحكمة في مسارات الطائفة السياسية.

تفضي سيادة الكمبورادورية والشرائح المالية الى نهاية تطور الشرائح الاجتماعية الفاعلة في الدورة الإنتاجية وتعمل على تكريس قيادة الطبقات الفرعية للتبدلات الاجتماعية.

ثانيا - الانتفاضة الشعبية العراقية ودورها في إعادة بناء الدولة العراقية.

الانتفاضة الشعبية العراقية المباركة المطالبة بدولة وطنية ديمقراطية أدت الى انتشار المخاوف من اندلاع نزاعات اجتماعية تشعل فتيلها الفصائل الطائفية المسلحة وبهذا الإطار تستند خشيتنا من الوقائع التالية –

  1. تدخل المليشيات الحزبية في مسار الحركة الاجتماعية المطالبة بالإطاحة بالطائفية السياسية وتأمين الخبز عبر الاندساس في صفوفها لغرض تخريبها من خلال رفع شعارات استفزازية.
  2. ان تدخلات المليشيات المسلحة الموالية لولاية الفقيه تتجسد في الاعتداءات المسلحة بالسلاح الأبيض على المنتفضين فضلا عن ممارسة خطف نشطاء الانتفاضة الشعبية والاعتقال والاغتيال السياسي لكوادر الحركة الاحتجاجية.
  3. تقمص المليشيات المناهضة للانتفاضة الشعبية والمباركة من الدولة الفارسية دور الأجهزة الأمنية عبر تعطيل دور المؤسسات الأمنية العسكرية للدولة في صيانة الدولة وتشكيلتها الاجتماعية.
  4. العمل على تشكيل حكومة جديدة تعتمد الطائفية السياسية اطارا لفاعليتها الحزبية.
  5. الاعتماد على الخارج الإسلامي بهدف الاستمرار في تكريس القسمة الطائفية للدولة وسلطتها السياسية.

ثالثا ً- الدولة الوطنية الديمقراطية بديلا عن المحاصصة الطائفية.

إن النزاع الوطني بين الانتفاضة الجماهيرية والطائفية السياسية تستند اهميته على ضرورة إعادة بناء الدولة ارتكازاً على مبدأ المواطنة وسيادة الشرعية الديمقراطية استناداً على المحددات التالية:

  1. بناء الوحدة الوطنية على أساس موازنة المصالح الاجتماعية.
  2. موازنة المصالح الاجتماعية تشترط القضاء على الفساد الإداري وتطوير قطاع الدولة وتعزيز مشاركته مع القطاع الخاص بهدف تطوير أسلوب الإنتاج الوطني.
  3. حل كافة التشكيلات المسلحة التابعة للأحزاب الطائفية باعتبارها أداة الحرب الاهلية والنزاعات الاجتماعية.
  4. تطوير المؤسسة العسكرية وتفعيل دورها في الدفاع عن سيادة البلاد الوطنية وضمان امن تشكيلتها الاجتماعية.
  5. بناء الشرعية الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة السياسية على أساس البرامج الوطنية- الاجتماعية الوطنية المعتمدة من قبل الأحزاب السياسية.
  6. تحريم الاقتتال السياسي بين الأحزاب الوطنية والتركيز على موازنة المصالح الاجتماعية والطبقية وتطوير التنمية الوطنية.
  7. مكافحة الهيمنة الخارجية وتأكيد وحدة البلاد واستقلال سيادتها الوطنية.
  8. مكافحة الليبرالية الجديدة الهادفة الى افقار البلاد وسرقة ثرواتها الوطنية وربطها بمصالح الاحتكارات الدولية.
  9. التركيز على البناء الفدرالي للدولة العراقية وصيانة الوحدة الوطنية من التخريب الخارجي .

إن الآراء المارة الذكر تقود الى معافاة الدولة الوطنية وتشكيلتها الاجتماعية المرتكزة على حل كافة التشكيلات العسكرية للأحزاب الطائفية واعتماد الحوار السياسي الديمقراطي المرتكن الى الشرعية الديمقراطية.

كاتب عراقي