العراق.. مواقف المرجعية الشيعية وحقائق محرجة

للمرجعية الدينية في النجف الدور الرئيس في إيصال أحزاب الإسلام السياسي الشيعي إلى السلطة وإدارة الحكم في العراق ودعمها علنا وحث جماهير الشيعة على انتخاب مرشحيها إلى حكومة المالكي الثانية حيث تحولت الى النقد العلني ثم النصح.

بقلم: قاسم حسين صالح

بين خطابين للمرجعية في شهرين، تحول كبير في موقفها من الطبقة السياسية. ففي (10 مايس 2019) القى الشيخ عبد المهدي الكربلائي في اول يوم جمعة من شهر رمضان دعي فيها الى الصبر واللجوء الى الله والاعتقاد (بأن لي رب قادر وحكيم ورحيم وعطوف بي وحنون عليَّ هو سيعينني على ان اتجاوز هذه المشاكل والازمات). وفي جمعة (9 آب 2019) القى الشيخ احمد الصافي خطبة فيها تساؤلات من جزع ونفد صبره عن اموال بـ(أرقام مرعبة) اين ذهبت.

  وصف خطاب السيد الصافي النجفي سياسيون واعلاميون بأنه إنذار أول أو سحب البساط من الحكومة، وفقا للعربي الجديد في (11 أغسطس 2019).. ورأى نواب أن هذه التساؤلات تمثل تحذيرات من المرجعية تهدف لتصحيح عمل الحكومة، وأنها جاءت تزامنا مع ما أعلنته الحكومة من نسب عالية تقول إنها تحققت في برنامجها الحكومي، فيما واقع الحال يشير ان نسب انجازها تراوحت بين الصفر والثلاثين بالمئة، وان افضل ما حققته هو فتح الطرق المغلقة، فيما اعتبر آخرون أن "الومضات التي أرسلتها المرجعية الدينية ستكون عاملاً مساعداً في عملية التصحيح"، وانها تؤكد "نفاذ صبرها جرّاء الأوضاع في البلاد من سوء الخدمات واستمرار الفساد المستشري في الدولة، وتمثل صوت الشارع العراقي وضميره وصرخته امام التنظير والتسويف والتباطؤ الذي تمارسه الحكومة العراقية" بتعبير النائب خالد العبيدي لوكالة شفقنا أو أنها تمثل، في رأينا، مرحلة (النذير المبين)!

حقائق محرجة

  •    كان للمرجعية الدينية في النجف الدور الرئيس في ايصال احزاب الاسلام السياسي الشيعي الى السلطة وادارة الحكم في العراق، ودعمها علنا وحث جماهير الشيعة على انتخاب مرشحيها إلى حكومة المالكي الثانية حيث تحولت الى النقد العلني ثم النصح، وبعد ان (بح صوتها) ونفضت يدها وقررت الابتعاد عن السياسة والانصراف الى الوعظ الديني في خطبها ثم رجعت لتصل الآن (2019) الى مرحلة إدخال أو توظيف جزع الناس في تساؤلات قابلة للتأويل بانها انذار او تهيئة لتحريض مشروع ضد من بيدهم السلطة في احزاب الاسلام السياسي الشيعي مختومة بتساؤل من يستغيث: هل من مجيب؟!
  • إن مصير الفاسدين ومن وصفتهم بـ(حيتان الفساد) من احزاب الاسلام الشيعي، هو بيد المرجعية بعد ان ثبت ان جماهير الشعب غير قادرة على الاطاحة بهم عبر تظاهرات بدأت من شباط 2011، فيما المرجعية قادرة على دعوة جماهيرها للإطاحة بالفاسدين بطريقة مماثلة لدعوتها في الجهاد الكفائي.
  • إن عدم اتخاذ المرجعية موقفا حاسما ضد الفاسدين والفاشلين سياسيا من قيادات احزاب الاسلام السياسي الشيعي يعود الى تخوفها من انفلات الأمن بما يوفر الفرصة عربيا ودوليا لعودة السلطة الى السنة ونشوب حرب طائفية جديدة.
  • إن للمرجعية مصالحها وامتيازاتها واستثماراتها الاقتصادية وأن اي قرار تتخذه يجب ان يضمن استمرار بقائها.
  • إن قيادات احزاب الاسلام السياسي الشيعي لاسيما حزب الدعوة لا تكترث بالموقف السياسي للمرجعية بالرغم من الاستياء الشعبي ضدها، لأنها ترى ان امتلاك السلطة والثروة هما الضمانتان لبقاء الحاكم في الحكم.
  • إن جماهير الشيعة من غير المحسوبين على احزابها السياسية، تتوزع بين اقلية ترى ان نفس المرجعية طويل في قضايا خطيرة ومصيرية كهذه، وأن قراراها الذي ينهي المحنة.. آت بلا ريب، وبين اكثرية فقدت الامل فيها ووصلت الى يقين بان كل ما تفعله المرجعية هو التعاطف مع معاناة الناس وامتصاص غضبهم بتوجيه اللوم والنقد عبر خطب الجمعة الى من كان السبب، نراها نحن السيكولوجيين انها عملية تنفيس او تفريغ سيكولوجي لغضب مشروع. يخدم في المحصلة بقاء الفاسدين في السلطة.

خاتمة الحقائق تبقى مؤجلة الى نهاية هذا العام (2019) في قرار تتخذه المرجعية يضعها بين خيارين: اما التصعيد نحو اتخاذ اجراء مدروس بكل احتمالاته يحقق الخطوة الاولى نحو اصلاح الحال، او المراوحة عند موقف الانذارات والتساؤلات التي تعرف تماما انه ليس لها من مجيب!

كاتب وأكاديمي عراقي

ملخص مقال: مواقف المرجعية من الصبر إلى الإنذار المبين وحقائق محرجة