الغنوشي يدرس رفع غطائه السياسي عن الشاهد بشروط

قرار تعليق وثيقة قرطاج2 يدفع بحركة النهضة للتفكير في صياغة موقف جديد يثير خلافات داخل الحزب بشأن صلاحيات رئيس الحركة على حساب مجلس الشورى.

تونس- دفع قرار الرئيس قائد السبسي بتعليق العمل بوثيقة قرطاج الذي فاجأ النهضة إلى دراسة إمكانية تعديل تمسكها بالشاهد من خلال صياغة موقف جديد يقضي بقيادة مفاوضات بينية مع بقية الأطراف باتجاه رفع غطائها السياسي عن الشاهد ولكن بشروط فيما قال قياديان إن المكتب السياسي غير مخول له اتخاذ مثل هذا القرار.

وتجاهر قيادات النهضة، منها عبد الحميد الجلاصي بأن قرار التعليق كان "مفاجئا" و"لم تكن تنتظره لا الحركة ولا رئيسها وهو ما أملى التوجه نحو صياغة موقف تعديلي للمسألة"، متوقعا أن تعود الأطراف إلى طاولة المفاوضات والمشاورات.

وأضاف أن المكتب السياسي "أوصى بالسعي إلى قيادة مشاورات بينية مع كل من اتحادالشغل ونداء تونس ومنظمة أرباب العمل من أجل التوصل إلى حل توافقي فيما بينهم قبل التوجه إلى رئاسة الجمهورية من أجل استئناف المفاوضات".

ووفق نفس المصدر سيطرح المكتب على بقية الأطراف مقترحين إثنين، أولهما محاولة إقناعها بإجراء تحويرحكومي جزئي على ألا يترشح الشاهد للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في نوفمبر العام 2019 وهو حل يكاد يكون مستحيلا.

أما المقترح الثاني الذي أوصى به المكتب السياسي، وهو الأهم، فإنه يقضي برفع الغطاء السياسي عن الشاهد على أن يقع التوصل إلى توافق حول الشخصية السياسية التي ستترأس الحكومة القادمة وحول الالتزام بتطبيق النقاط 63 وتوفير الضمانات السياسية الكفيلة بعدم تنصل أي طرف من الأطراف من الالتزام ببنود اتفاقية قرطاج 2.

غير أن الجلاصي شدد بالمقابل على أن "الأهم من تغيير الشاهد من عدمه هو الاتفاق على تنفيذ الإصلاحات" ملاحظا أن "التونسيين مهما اختلفوا يعودون مجددا إلى طاولة المفاوضات والمشاورات للتوصل إلى حل توافقي يرضي الجميع".

عبد الحميد الجلاصي
باب المشاورات يبقى مفتوحا

وتعليقا على توصيات المكتب السياسي لحركة النهضة التي حملت في طياتها ارتباكا واضحا من قرار السبسي قال "ليس من مشمولاته البت في مسألة بهذه الأهمية وإنما تعديل موقف الحركة من عدمه يبقى من صلاحيات المؤسسات وفي مقدمتها مجلس الشورى".

وأضاف الجلاصي لميدل ايست أونلاين يقول "لا يمكن بناء موقف الحركة على توصيات المكتب السياسي" ولفت بالمقابل إلى أن "باب المشاورات في مثل هذه الأزمة يبقى مطروحا بناء على المصلحة الوطنية".

ويقود المكتب السياسي لحركة النهضة راشد الغنوشي محاطا بأقرب المقربين إليه من المحسوبين على الجناح السياسي الذي عادة ما يتبنى مواقفه ورؤيته ويسندها بكل قوة.

أما مجلس الشورى وهو المؤسسة الأكثر ثقلا والأكثر معارضة لقيادة الغنوشي تهيمن عليه قيادات متنفذة سياسيا وتنظيميا منها عبد الحميد الجلاصي وعبد اللطيف المكي.

ويرى مراقبون أن راشد الغنوشي لم يكن يتوقع أن تمسكه بالشاهد سيدفع بالرئيس قائد السبسي إلى تعليق العمل بوثيقة قرطاج ملاحظين أنه تفجأ بالقرار كما تفاجأ باللهجة الحادة التي خاطبه بها السبسي خلال الاجتماع الأخير ما جعله يراجع حساباته.

ولعل هذا ما دفع بعماد الخميري الناطق باسم النهضة إلى القول بـ"أننا مازلنا نعتقد أننا ملتزمين بالحوار ضمن وثيقة قرطاج لفض المشكلات، ونحن في الحركة مازلنا نعتقد أن هناك إمكانيات لالتقاء الأطراف السياسية والاجتماعية".

راشد الغنوشي
الرئاسة في البال

واللافت أن البيان ثمن ما توصلت إله لجنة الخبراء من توافق على الـ63 نقطة مشددا على أن "أهمية استمرار نهج الحوارفي معالجة قضايا البلاد".

وقال البيان إن"الحركة ترى ان ندوة الرؤساء الموقعين على وثيقة قرطاج بإشراف رئيس الجمهورية إطارا مناسبا لتجاوز الاختلاف الحاصل حول الوضعية المستقبلية للحكومة بعيدا عن التجاذبات السياسية من أجل رعاية المصلحة العامة" للبلاد.

وفي أعقاب البيان رأت الأوساط السياسية أن النهضة أبدت استعدادها للتوصل إلى حل للأزمة السياسية من داخل اجتماعات قرطاج غير أن مطالبة الغنوشي باللجوء للبرلمان لم تعمق فقط توجس تلك الأوساط من مناورات النهضة وإنما أظهرت أن البيان تم تمزيقه من قبل الغنوشي ليحاول فرض سطوته على مجلس الشورى.

ويبدو أن علاقة المكتب السياسي بمجلس الشورى مرشحة لمزيد من التوترات، ففي الوقت الذي يرى فيه الغنوشي أن المكتب يمثل حزامه السياسي الأكثر ثقة والأكثر استعدادا للتفاعل مع رؤيته يعتبر مجلس الشورى نفسه المؤسسة الوحيدة الكفيلة بصياغة القرارات المصيرية للنهضة ويرى في قرارات الغنوشي سطوا على صلاحياته.

غير أن تداعيات تعليق القرار بالعمل بوثيقة قرطاج ألقت بتداعياتها السلبية حتى على أعضاء المكتب السياسي حتى أن البعض منه حمل صلاحيات القرار لمجلس الشورى.

وقال محمد القوماني عضو المكتب إن "ما يروج بأن المكتب هو صاحب القرار ليس له أي أساس من الصحة" مشيرا إلى أنه "مجرد مكتب سياسي شانه شان أي مكتب".

محمد القوماني
"أي قرار ملزم يصدر عن مجلس شورى الحركة"

وقال القوماني لميدل ايست أونلاين "إن أي قرار رسمي وملزم لحركة النهضة إنما يصدر عن مجلس الشورى الذي يحسم في أي مسألة تطرح".

وقادت أزمة الشاهد إلى تقسيم التونسيين لتعمق الاختلافات داخل اتجاهات الرأي العام حيث أظهرت عملية سبر للآراء أجرتها مؤسسة "سيغماكونساي" التونسية أن 47 بالمئة من التونسيين مع الإبقاء على يوسف الشاهد رئيسا للحكومة.

ويرى مراقبون أن مساعي النهضة لقيادة مشاورات بينية مع اتحاد الشغل التي تستبطن إلى أي مدى وصلت إليه حالة المناورة هي محاولة فاشلة مسبقا في ظل تشديد نور الدين الطبوبي في أعقاب قرار السبسي تعليق العمل بوثيقة قرطاج بأنه "لم يعد ملزم بشيء".

ويضيف المراقبون أن من شان تلك المساعي أن تؤجج غضب السبسي على الغنوشي لأنها تعد مساسا بقراره وتستبطن ترحيل المفاوضات من مؤسسة الرئاسة إلى النهضة.

الغنوشي والسبسي
هل يكون الطلاق