الكاتب كمال داود: الكذب ضروري من أجل البقاء في الجزائر
باريس - حمَلَ الكاتب الفرنسي الجزائري كمال داود الفائز بجائزة غونكور الأدبية لسنة 2024 على الحكومة الجزائرية، وذلك في مقابلة معه نشرتها الخميس صحيفة "لوموند" الفرنسية.
وداود الذي حصل على الجائزة المرموقة عن روايته "حوريات" اتّهم قادة الجزائر بإسكات معارضيهم من خلال الترهيب.
وقال داود للصحيفة الفرنسية "لقد قرأت أخيرا عبارة (للكاتب الفرنسي) ألبير كامو مفادها أنّ +المنفى ضروري من أجل الحقيقة+. وبوسعنا أن نقلب الصيغة في حالة الجزائر لتصبح الكذب ضروري من أجل البقاء فيها".
وأعطى داود على ذلك مثلا عن كاتب لم يذكر اسمه، قال إنه رفض الانضمام إلى الحركة الداعمة للروائي الفرنسي الجزائري الأصل بوعلام صنصال الموقوف في الجزائر منذ تشرين الثاني/نوفمبر الفائت بتهمة تهديد أمن الدولة.
وقال داود "لا أستطيع الحكم على الآخرين وعلى خياراتهم. أتذكر كاتبا أراد التوقيع على العريضة، فاتّصل بي مجدّدا قائلا: +لا أستطيع، زوجتي ستغادر إلى الجزائر بعد ساعتين+. أنا أتفهّم ذلك".
ووصف النظام بأنه "قاسٍ". وأضاف "إذا وقّعت، تدفع الثمن فورا. ثمة خوف".
إذا وقّعت، تدفع الثمن فورا. ثمة خوف
كذلك هاجم داود "الإسلاميين ... الذين يخصخصون الفضاءات الثقافية في الجزائر، ودور النشر، والمكتبات، والمدارس. وهؤلاء الإسلاميون مسرورون برؤية كاتب في السجن".
وانتقد أيضا "الصحافة اليسارية" الفرنسية، قائلا "إمّا أن نتحدث إلى هذه الصحافة وفقا لتوقعاتها الخاصة، مع تحييد اقتناعاتنا الخاصة، أو لا نملك الحق في الكلام".
ولا يمكن نشر "حوريات" في الجزائر، إذ يحظر القانون أيّ مؤلَّف يستحضر الحرب الأهلية التي امتدّت من 1992 إلى 2002 وعُرفت بـ"العشرية السوداء" وأدّت إلى سقوط نحو 200 ألف قتيل وفق الأرقام الرسمية.
واتُهِم كمال داود وزوجته الطبيبة النفسية باستخدام قصة سعادة عربان التي نجت من مجزرة خلال الحرب الأهلية الجزائرية في تسعينات القرن العشرين، لكتابة رواية "حوريات"، من دون الحصول على إذن من هذه المرأة، وتلاحق دعاوي قضائية في هذا الشأن في الجزائر.
واعتبرت سعادة عربان في مقابلة مع عبر محطة "وان تي في" الجزائرية في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر أن شخصية بطلة رواية "الحوريات" مطابقة تماما لقصّة نجاتها عام 1999 من محاولة جهاديين قطع عنقها، وأن كامل داود كان يعرف حياتها الشخصية لأن زوجته الطبيبة النفسية كانت تتولى علاجها.
وأوضحت عربان في المقابلة أن زوجة داود كانت تعاينها. وتابعت قائلة "الجميع يعلم أنني لا أريد التحدث عن هذه القصة. إنه أمر يتسبب باضطراب في حياتي".
ورد داود آنذاك قائلا لمحطة "فرانس إنتر" الإذاعية "كل الناس يعرفون قصتها في الجزائر وخصوصا في وهران. إنها قصة عامة".
وأضاف أن "والدة هذه الشابة بالتبني هي وزيرة الصحة الجزائرية السابقة، وقد روت قصتها في كل مكان".
وعلّق قائلا "أنا آسف، ولكن لا يمكنني أن أفعل شيئا لمجرّد أنها وجدت نفسها في رواية لا تأتي على ذكر اسمها، ولا تروي حياتها، ولا تتناول تفاصيل حياتها". وشدّد على أن روايته "لا علاقة لها بهذه المرأة (…) ولا توجد أسرار طبية في هذا الكتاب".
وعندما سُئل هل يعتقد أن السلطات الجزائرية تقف وراء المدّعية، أجاب: "تماما".
وأضاف "كنت أعلم أن هذا الأمر سيحصل. كنت أدرك أنني لا أستطيع تجنّبه"، إذ بعد صدور الرواية في آب/أغسطس، "ظهرت منذ الأسبوع الأول مقالات افتتاحية في الصحف الحكومية تتحدث عن مؤامرة".
وداب مؤلف "حوريات" منذ عام 2014 على كتابة مقال في مجلة "لوبوان" الأسبوعية يهاجم فيه باستمرار اليسار والإسلاميين، وهو ما عرّضه في المقابل لهجمات مضادة.
وقال لصحيفة لوموند "أتعرض لانتقادات لأنني لست العربي الصالح، العربي الذي يعيش في وضع الضحية الدائمة والمناهض للاستعمار".