الكونغرس الأميركي يرهن بيع اف16 لتركيا بانضمام السويد وفنلندا للناتو

29 عضوا ديمقراطيا وجمهوريا في مجلس الشيوخ الأميركي يربطون بين التصديق على بيع مقاتلات ممن طراز اف16 لأنقرة بتخلي الأخيرة عن اعتراضها على انضمام ستوكهولم وهلسنكي لحلف شمال الأطلسي.  

واشنطن - أعلنت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، أنه من غير الممكن للكونغرس الموافقة على صفقة مقاتلات اف16 لتركيا بديلا عن صفقة مقاتلات الجيل الخامس اف35 التي تم تعليقها في رد عقابي على شراء الأتراك منظومة الصواريخ الروسية اس 400، إلا إذا تخلت أنقرة عن اعتراضاتها على عضوية السويد وفنلندا لحلف شمال الأطلسي (الناتو).

وتبلغ قيمة صفقة مقاتلات اف16 التي تطالب بها تركيا بديلا عن صفقة مقاتلات اف35، نحو 20 مليار دولار  وهي الصفقة التي دعمها الرئيس الأميركي جو بايدن على هامش قمة الناتو في صيف العام الماضي بمدريد بعد أو وقعت أنقرة والسويد وفنلندا مذكرة تفاهم تتيح انضمام ستوكهولم وهلسنكي للناتو بعد مصادقة البرلمان التركي عليها.

لكن لا يمكن تمرير الصفقة دون موافقة الكونغرس وسط اعتراضات من كثير من النواب على خلفية سلوك تركيا العدائي تجاه حلفاء للولايات المتحدة وفي مقدمتهم اليونان، في حين يشترط آخرون أنه في حالة الموافقة يجب وضع قيود على استخدام القوات التركية لمقاتلات اف16 ومن بينها تحديد نطاق عملياتها وهو أمر ترفضه أنقرة.  

وقال 29 من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين والديمقراطيين في رسالة لبايدن، إن "ستوكهولم وهلسنكي تبذلان جهودا كاملة وبنية حسنة" للوفاء بشروط العضوية في حلف شمال الأطلسي وفق ما تطالب به تركيا، لكن الأخيرة تقول إن ما تبذلانه غير كاف للتخلي عن اعتراضاتها.

ورفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سقف مطالبه لمصادقة برلمان بلاده على مذكرة التفاهم التي وقعتها أنقرة وستوكهولم وهلسنكي على هامش قمة الناتو الأخيرة في مدريد في يونيو/حزيران 2022، مطالبا السويد تحديدا بتسليمه 130 شخصا ممن وصفهم بـ"الإرهابيين" وهو مطلب اعتبرته الحكومة السويدية ودولا غربية تعجيزيا. وردت ستوكهولم على الطلب التركي بأن تسليم الأشخاص يبقى قرارا بيد القضاء.    

وفي رسالةٍ إلى الرئيس الأميركي جو بايدن، قال 29 من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين والجمهوريين إنّ السويد وفنلندا يبذلان "جهوداً كاملة وبنية حسنة" للوفاء بشروط عضوية حلف الناتو التي طلبتها تركيا، رغم أنّ أنقرة تقول إنّ السويد بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد.

وجاء في الرسالة المشتركة للأعضاء الـ29 الجمهوريين والديمقراطيين "بمجرّد أن تصدق تركيا على بروتوكولات الانضمام إلى حلف الأطلسي، يمكن للكونغرس أن يُفكّر في بيع الطائرات المقاتلة من طراز أف16 وعدم القيام بذلك سيثير تساؤلات بشأن هذه الصفقة المُعلّقة".

وترددت أنباء في الأشهر الماضية في وسائل إعلام أميركية تفيد بوجود اعتراض واسع في الكونغرس الأميركي على صفقة اف16 لتركيا مع استحضار كثير من النواب مسائل تتعلق بوقوع انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان وقمع المعارضة والحريات منذ محاولة الانقلاب الفاشلة على أردوغان في صيف العام 2016.

كما ينظر المعارضون للصفقة بريبة كبيرة للسلوك العدائي والنهج الصدامي الذي عرف به الرئيس التركي خاصة في خلافه مع اليونان حيث استحضر في أكثر من مناسبة مفردات الحرب تهديدا ووعيدا وهو أمر لا تقبل به واشنطن باعتبار أن الخلاف القائم يضر بوحدة حلف الناتو وأيضا باعتبار أن ميثاق الحلف يرفض تهديد أو تعريض أي عضو فيه للخطر.

واللافت أن هذه هي المرة الأولى التي يرهن فيه الكونغرس الأميركي علنا وبشكل مباشر صفقة اف16 بتخلي أنقرة عن اعتراضها على انضمام السويد وفنلندا للناتو.

وتعرضت جهود السويد للانضمام لحلف الناتو مؤخرا لنكسة جديدة بعد مظاهرات مناوئة لتركيا في ستوكهولم تم خلال احداها احراق نسخة من المصحف على يد يميني متطرف، ما اثار غضب أنقرة التي ألقت باللوم على السلطات السويدية كونها منحت ترخيصا لمثل هذه المظاهرات التي شارك فيها نشطاء موالون لحزب العمال الكردستاني وتم خلالها أيضا تعليق دمية من قدميها تجسد الرئيس التركي.  

ولاحقا أعلن أردوغان أن على السويد أن لا تنتظر دعما من تركيا لعضويتها في حلف شمال الأطلسي موصدا الباب أمام ستوكهولم بينما تعثرت محادثات بين البلدين كان الهدف منها تذليل عقبات انضمام البلد الاسكندينافي للناتو.

ويرجح أيضا أن موقف الكونغرس الأميركي المتشدد من صفقة اف16 على صلة بالموقف التركي من الحرب الروسية في أوكرانيا، حيث رفضت تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي فرض عقوبات على روسيا ورفضت الانخراط في الجهود الغربية للتضييق على موسكو.

وكان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قد زار مؤخرا واشنطن من أجل تنشيط المحادثات حول صفقة مقاتلات اف16، لكن يبدو أن الأمور تسير على عكس الرغبة التركية وسط توتر ناشئ بين أنقرة وواشنطن على خلفية أكثر من ملف خلافي من روسيا إلى ملف انضمام السويد وفنلندا للناتو وصولا إلى المسار الذي أطلقه الرئيس التركي للمصالحة مع النظام السوري بعد أكثر من عقد من القطيعة حيث تعارض إدارة الرئيس الأميركي الديمقراطي المصالحة بين أنقرة ودمشق.