المساعدات الأوروبية للبنان مشروطة بحل أزمة المصارف

المجتمع الدولي يطالب لبنان بتنفيذ إصلاحات تتيح له الحصول على مليارات الدولارات لتعزيز اقتصاده بعد أزمة مالية بدأت في 2019 وتعزى إلى سوء الإدارة والفساد.

بيروت – أعلنت مسؤولة في الاتحاد الأوروبي أن صرف نصف مليار يورو من المساعدات للبنان مشروط بإعادة هيكلة القطاع المصرفي والتوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي أرسل موفدين إلى الحكومة اللبنانية مرار لتأكيد التزام وقوفه إلى جانبها، وذلك بعد أكثر من خمس سنوات من بدء أزمة اقتصادية خانقة تشهدها البلاد.

وتعهد الاتحاد الأوروبي في أيار/مايو الماضي تقديم مساعدات بقيمة مليار يورو لدعم لبنان في مكافحة الهجرة غير النظامية نحو أوروبا، وتغطّي قطاعات خدمية أساسية تتضمّن التعليم والصحة.

وقالت المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط دوبرافكا شويتزا الجمعة إن من بين الأموال المخصصة للبنان "تمت الموافقة على 500 مليون يورو في آب/أغسطس من العام الماضي، وسيتم صرف 500 مليون أخرى قريبا، لكن هناك بعض الشروط".

وأضافت خلال مؤتمر صحافي بعد لقائها الرئيس اللبناني جوزاف عون أن "الشرط الأساسي هو إعادة هيكلة القطاع المصرفي…واتفاق جيد مع صندوق النقد الدولي". وأوضحت "عندما تستوفى هذه الشروط، سنواصل بالطبع عملية صرف" الأموال.

ويقول خبراء أن مشكلة القطاع المصرفي في لبنان تتمثل في فقدان الثقة مع مكونات المجتمع من أفراد ومؤسسات ويجب إطلاق عجلة ترميم الثقة وهذا لا يحتاج إلى عادة هيكلة أو رأس مال لأن المصارف لديها "جنود وجيش" وآلية للتواصل مع المودعين أسست لها المصارف التجارية بلبنان لترويج الخدمات والبضائع باستطاعتها استخدامها من جديد.

وقال الباحث في الاقتصاد لدى كلية إدارة الأعمال بالجامعة الأمريكية في بيروت، محمد فحيلي في لقاء مع قناة العربية، إن "لبنان يحتاج إلى أداء مصرفي جديد بمنهجية وثقة جديدة لأن غياب التواصل الإيجابي والمنتج بين المصارف التجارية وزبائنها لجهة الموجودات والمطلوبات فاقم مشكلة انعدام الثقة بين المصارف التجارية والمجتمع اللبناني".

وأشار إلى أن فكرة سداد الودائع اليوم خطأ، ويجب طمأنة المودعين على أموالهم وتسهيل الوصول إليها بمراحل تدريجية".

ويطالب المجتمع الدولي لبنان بتنفيذ إصلاحات تتيح له الحصول على مليارات الدولارات لتعزيز اقتصاده بعد أزمة مالية بدأت في العام 2019 وتعزى إلى سوء الإدارة والفساد.

ويرى فحيلي أن وجود رأس المال وإعادة الهيكلة لا يصوب أداء المصرفيين لأن الثقة هي الأساس وأي توجه نحو إصلاح القطاع المصرفي اليوم مازال مبكرا، نظرا للحاجة إلى طرح فكرة التمويل وإمكانية إصدار تراخيص جديدة، ووجود مصارف جديدة ويمكن أن تكون التداعيات مدمرة في هذه الحالة.

وانتخب البرلمان اللبناني في كانون الثاني/يناير رئيسا جديدا للجمهورية بعد فراغ استمر أكثر من عامين في سدة الرئاسة.

وأعرب صندوق النقد الدولي هذا الأسبوع عن انفتاحه على اتفاق مع لبنان بشأن قروض جديدة عقب مناقشات لممثلين عن الصندوق مع وزير المالية اللبناني الجديد ياسين جابر.

وقالت شويتزا إنها ناقشت مع عون "ميثاقا جديدا للبحر الأبيض المتوسط" ما يعني "أننا سنبدأ اتفاقيات شراكة استراتيجية شاملة ثنائية مع دول، من بينها لبنان"، من دون تقديم تفاصيل إضافية.

وأضافت أنها بحثت مع عون كذلك في وقف إطلاق النار الذي أنهى حربا مدمرة بين حزب الله واسرائيل، كما تطرقا إلى دعم الجيش اللبناني فضلا عن الوضع في سوريا المجاورة.

ومن المقرر أن تلتقي شويتزا كذلك رئيس الوزراء نواف سلام ورئيس مجلس النواب نبيه بري خلال زيارتها، وفقا لبيان صادر عن الاتحاد الأوروبي.

ويسعى الاتحاد الأوروبي إلى التخفيف من توافد أعداد كبيرة من اللاجئين إلى أراضيه.

ويستضيف لبنان نحو مليونَي سوري، أقلّ من 800 ألف منهم مسجلون لدى الأمم المتحدة، وهو أعلى عدد من اللاجئين في العالم نسبة لعدد السكان.