"المستقبليون": قصة الطفل العلمية وفن صناعة الأمل

الجمعية المصرية لأدب الخيال العلمي تصدر كتابها السادس من سلسلة "شمس الغد".
الخيال العلمي أحد المداخل عظيمة الأهمية والحديثة لتنمية الابتكار وإعداد العلماء بالدول المتقدمة
بإمكان كاتب الطفل أن يغير من ذوق العالم بل يستطيع أن يغير العالم ذاته

أصدرت الجمعية المصرية لأدب الخيال العلمي، كتابها السادس من سلسلة "شمس الغد"، وضمت عددا من قصص الأطفال في مجال الخيال العلمي، والقصة العلمية للطفل. وورد في مقدمة الكتاب كلمة أ.د حسام الزمبيلي رئيس الجمعية: "... في تسعة وعشرين قصة قصيرة وقصة مترجمة ودراسة نقدية، هذه المرة تتوجه الجمعية المصرية لأدب الخيال العلمي لمخاطبة المستقبليين، و"المستقبليون" من وجهة نظرنا هم الأطفال والشباب، فهم يحملون جوهر هذه الكلمة "المستقبليون".
وحتي ندرك أهمية هذا المجال يكفي أن نذكر شاهدا تواترت عليه الأبحاث الجادة كافة، والتي درست موضوع الخيال الابتكاري، والخيال العلمي ودوره في مناهج التدريس للناشئة، وغيرها من مجالات ثقافة وتعليم الطفل، قد أجمعت على جملة من الحقائق أهمها: أن الخيال العلمي أحد المداخل عظيمة الأهمية والحديثة لتنمية الابتكار وإعداد العلماء بالدول المتقدمة، وأن سرد القصص العلمية الخيالية للاختراعات والمستقبل تعد بذرة لتجهيز عقل الطفل وذكائه للاختراع والإبتكار والإبداع، لذلك يوجد بكثافة في فصول تعليم الأطفال في الدول المتقدمة سرود خيالية للطفل منطوية علي مضامين أخلاقية إيجابية سهلة المعنى ومثيرة لاهتمامات الطفل، بالتالي استخدام الخيال العلمي في مناهج التعليم - طبقًا لهذه الرؤية الصائبة - تعد ضرورة تربوية آنية ومستقبلية.
ولتأطير المفهوم وفاعليته الكبري، يقول العالم د. أحمد زويل: "إن ما جعل أميركا تتقدم على العالم علميًا هو استخدام الخيال العلمي في تعليم العلوم". ويقول فرانسوا فيدل: "إن بإمكان كاتب الطفل أن يغير من ذوق العالم بل يستطيع أن يغير العالم ذاته".
وحيث كان الخيال لحمة قصة الطفل العلمية، يقول الروائي الأميركي فلاديمييرنا بوكوف: "لا يوجد علم بلا خيال، ولا فن بلا حقائق"، ومن قصص المجموعة قصة "مشروع تخرج" للقاص محمود عبدالكريم، والتي قدمت دور الخيال العلمي وأهميته للمنجز العلمي، والتحفيز الإبداعي لهذا المجال المهم، وجاءت بطولة الطفل المبدع للقصة  العلمية: "الآن مع صاحب المركز الأول وهو الطالب نورالدين محمد ، وكان مشروع تخرج هذا الطالب هو مجموعة من القصص، تدور حول مستقبل العلم، وكان كثير من الطلاب قد قالوا إن فكرة اختراعاتهم جاءتهم من قراءة قصصك التي كتبتها، لذلك دورك يا نور لا يقل أهمية عن دور أي مخترع".

من الضروري أن تشتمل قصة الطفل العلمية على تقديم سلوكيات محفزة في اتجاه التفكير العلمي لحل المشكلات

وإذا كان أدب الطفل يشكل مصدرًا لمتعة الأطفال وراحتهم وتربيتهم، فمن قصص المجموعة التي قدمت المرح للطفل بفعل مغامرة مشوقة، قصة "سما وعطارد" للدكتور حسام الزمبيلي، وبتقنية الحلم حيث التقت الطفلة "سما" بـ"ميكوميكو" وهو واحد من شعب "الماكا ماكا" الذي يقطن "عطارد"، وهي كائنات نورانية، والقصة استعملت تداخل الحلم والواقع، والشغف بالقص الافتراضي الخيالي والحقائق العلمية.  
ومن قصص المجموعة التى قدمت التغذية المعرفية للطفل فى إطار من القصة العلمية،  قصة "عمر والفيبرين والأستاذ بروتين" للقاصة رانيا مسعود، التى قدمت حقائق علمية للطفل، مع تخصيب خيالي بفكرة التصغير والرحلة داخل جسم الإنسان. أما قصة "ت – 1" للقاصة يسرا أحمد، فقدمت الأثر العلمي حول طوائف الديناصورات المنقرضة وطريقة حياتها، بعالم مؤنسن، زاخر بالحيوية والنوازع النفسية.
أما القسم المهم الآخر فيدور حول الجانب البيئي ومكوناته، ومكافحة التصحر والتلوث البيئي لما له من خطورة داهمة يعاني منها كوكب الأرض جميعه، بما يكفل الغرس للأثر العلمي في وجدان الطفل، ويحفز الجيل القادم للمساهمة في الحفاظ علي البيئة ورعايتها. فنجد قصة رمزية تتصل بفكرة الطعام الصحي معنونة "اعتراف" للقاصة نهال خيري، حيث قدمت الإرشاد لخطورة الطعام غير الصحي. 
ثم تأتي قصة "جبل الوباء" للدكتورة قدرية سعيد، والتى تقدم بصورة درامية للطفل معارف حول خطورة التلوث البيئي. أما قصة "مخلب القط" للدكتور عماد عيشة فتمثل أيضًا بروز القيمة التربوية للأثر العلمي بالقصة، بتحفيز طريقة التفكير العلمي في علاج مشكلة البيئة، وتقدم معارف حول الطاقة النظيفة. 
أما قصة "تاريخ البشرية" الاستشرافية للقاص عمرو الرديني، فتقدم التغذية المعرفية البيئية للطفل بإيضاح خطورة ظاهرة الاحتباس الحراي. أما قصة "الهارب" للقاص أحمد محمد المهدي، فتقدم فكرة البيئة بطريقة استشرافية للمستقبل مبتكرة. أما قصة "أنشودة السلام" للمهندس محمد خليل فعبر عالم القصة الخيالي نجد آثار تلوث البيئة، بصورة تحفز قيمة المبادرة والفعل الشبابي لنفي التلوث وإنقاذ العالم.
قصة "العالم في زجاجة" للقاصة منال عبدالحميد، هي قصة خصبة التخييل، تنحت عناصر تراثية، حيث "سفينة نوح"، ومغامرة "حي بن يقظان"، والصغير الذي يحوي الكبير، ومصباح سحري "الزجاجة" يدخله عالم كبير، وبيئة سخية وعوالم كاملة تحفظ الحياة، ثم يجري بسطها لتزهر الحيوات من جديد.  
  كما دارت الكواكب في فلك قصة الطفل العلمية بالمجموعة، حيث نجد المعلومات حول الفضاء والكواكب، ففي قصة "الأشباح" للقاصة صفاء عجماوي معلومات عن النجوم، وأن ما يراه الطفل بطل القصة هو صورة شبحية لنجوم اندثرت من آلاف القرون، ولكن لم تصل لنا الأضواء إلا بعد مرور كل هذا الوقت. وجاءت قصة "حازم والكوكب الأحمر"، للقاص أحمد السيد أبو مكي بمعلومات عن المريخ، ونظرية الزمكان وأهميتها العلمية ودورها في فكرة السفر عبر الزمن. 
أما فكرة "القادمون من الفضاء" فقد تمثلتها قصص في المجموعة، وأشبعتها سردا في إطار فعل المغامرة، وتحقيق المقابلة مع الآخر في السلوك المنشود للتعمير والتحضر، ففي قصة "زوار من درب التبانة" للقاص طلعت أبو سلمة، وفي مناخ علمي، وبشغف الطفل بطل القصة وأصدقائه بحكايات العلم الممتعة حول أبحاث طبقات الأرض وعلوم الفضاء، ثم تأسر مركبة فضائية بطل القصة، وبعد فحصه يعلموه أن طاقة الخير بداخله وأنه لا خطر منه علي مستقبل كوكبهم بما يدعم قيمة السلام مع الآخر. 

Fiction
الخوذة الإلكترونية والرجل ذو القبعة الرمادية

وجاءت قصة "النمل الأحمر" للقاصة نادية الكيلاني بفكرة مبتكرة، حيث وجدت بطلة القصة نملًا أحمر من المريخ في أطلال أواني الزرع الفخارية بشرفة مسكنها المهملة. أما قصة "خذوني معكم، للقاص حسام الخطيب فمزجت الفانتازيا بالخيال العلمي، أطل عبر قدوم طبق طائر يلتقط بالشعاع الضوئي المبهر "مها" الطفلة بطلة القصة. 
أما قصة "الكائن الغريب" للقاص معتز صابر فجاءت محكمة الأسلوب، سخية في الدراما والتشويق، تدور حول لقاء بطل القصة الصغير بكائن فضائي وحكيه لأصدقائه. وجاء التماهي والتقاطب بين الحلم والواقع في قصة "الرحلة U – 2425" للقاصة مرام صدقي، وبمنظور الخطر الوبائي لإصابة البشر بالجنون، الذي يهدد الأرض من قادمين من الفضاء. 
وقصة "هدية من العالم الخارجي" للقاص وائل عبدالرحيم، كانت قصة متماسكة تمس اهتمامات الطفل، فتتحدث عن عالم المذاكرة والدرجات الدراسية، كما أنها مناسبة للطفل لأنها تشتمل على المغزي في خاتمة القصة: "ليس هناك مثل العقل البشري أبدًا، فمهما تفوقت الآلة فأنها تظل آلة". 
كما جاءت قصص أخرى بالمجموعة تناقش فكرة الإنساني والآلي الأثيرة في أدب الخيال العلمي، ففي قصة "الخوذة الإلكترونية والرجل ذو القبعة الرمادية"، للقاص أحمد حمدي فتدور في جو ملغز بوليسي مشوق والذي يستهوي الطفل ويحفز عقله. وفي قصة "في بيتنا روبوت" للمهندس محمد نجيب مطر نجد مجالًا حيويًا مناسبًا للأطفال على مستوي إيضاح المفاهيم. أما قصة "ربو الصغير" للقاص أحمد سويلم، فتقوم علي المغامرة وأنسنة الروبوت. أما قصة "عندما أشرقت شمس كابلا" للقاص طارق فاروق فهي قصة حول العالم الغرائبي المستقبلي.    
حضرت "آلة الزمن" في قصة "ضياء يصنع المستقبل" للقاص أحمد عبدالرحيم، فجاءت قريبة من عالم الطفل واهتماماته، كما بها طقس مغامر حيث يحضر ضياء من المستقبل لضياء الصغير بآلة الزمن. أما القصة الأخرى التي تشتغل علي مفارقة تغيير المستقبل بالرحيل عبر الزمن إلى الماضي، فهي قصة "الساعة الذهبية" التي تمثل آلة الزمن للقاص عمار محمود، والمفارقة تشير إلى أن لكل ابتكار واختراع تقني، وتقدم علمي، جوانبه الايجابية وأخرى سلبية. أما قصة "المجد للإمبراطور" للقاص حسام الخطيب، فقصة دائرية لا تنتهي إلا لتبدأ من جديد، تعبر عن خطورة التقدم العلمي عندما يوظف للعدوان والتدمير.   
وحيث إنه من الضروري أن تشتمل قصة الطفل العلمية على تقديم سلوكيات محفزة في اتجاه التفكير العلمي لحل المشكلات، نجد قصة "الصور الدماغية"، للقاص صالح شرف الدين، حيث الجو المستقبلي. وفي قصة "الحلم" للقاص محمد محي الدين والتي تدور حول فكرة "سفارة القمر"، وقدمت التأسيس العلمي بالسياحة الثقافية والقراءة وتشجيع الأسرة والمجتمع للطفل الموهوب، وتحفيز أحلامه العلمية. 
وفي قصة "الفانوس"، للقاص علي علي عوض، نجد فانتازيا مستوحاه من التراث، وقصة "علاء الدين والمصباح السحري"، والقصة قريبة من عالم الطفوله وحب الأطفال للعب والمغامرة. وتأتي قصة "مازن ومنصور"، للقاصة شروق إلهامي، لتبارك النجاح كثمره تحتاج للبذل والكدح.