المسرح التونسي يحتفي بمخرجاته بمناسبة اليوم العالمي للمرأة

معز المرابط: هذا التكريم الرمزي فرصة لتسليط الضوء على تجارب نسائية رائدة ساهمت في تطوير المشهد المسرحي التونسي.
ليلى طوبال: المسرح يحتاج إلى الإنسانية قبل النسوية
لبنى مليكة: الفن بين الهوية النسوية والتجربة الإبداعية

تونس - نظم المسرح الوطني التونسي، الجمعة، في سهرة بقاعة الفن الرابع بتونس العاصمة مائدة مستديرة تحت عنوان "الر كح المؤنث"، احتفاء بالمخرجات المسرحيات التونسيات، وذلك بمناسبة اليوم العالمي لحقوق النساء. وجمع هذا اللقاء بين ثلاث مخرجات بارزات هن ليلى طوبال ووفاء الطبوبي ولبنى مليكة، بإدارة الناقدة فوزية بلحاج المزي.

وحضر هذا اللقاء نخبة من المسرحيين، حيث مثل فرصة للتأمل في مسيرة المرأة في المسرح التونسي ودورها المتنامي كمبدعة وصانعة للمحتوى الفني. افتتح المدير العام للمسرح الوطني التونسي معز المرابط، اللقاء بكلمة أكد فيها أهمية هذه المائدة المستديرة.

وأشار إلى أن الاحتفاء بالمخرجات المسرحيات هو تكريم رمزي للمخرجات المسرحيات وخطوة نحو تسليط الضوء على تجارب نسائية رائدة ساهمت في تطوير المشهد المسرحي التونسي، مبرزا أن الجيل الجديد من المخرجات يواصل تقديم إضافة نوعية من خلال رؤية جديدة وقضايا إنسانية عميقة تعكس التنوع والثراء في المسرح التونسي.

وقدمت الناقدة فوزية بلحاج المزي في مداخلتها قراءة تاريخية لمسار المرأة في المسرح التونسي، لافتة إلى أن حضورها في البداية كان يقتصر على التمثيل، حيث كان على الممثلات تحدي نظرة المجتمع وصورة المرأة على الركح.

وقالت "لم يبدأ دخول النساء إلى مجال الإخراج إلا في أواخر السبعينيات وبداية الثمانينيات، حيث فرضت بعض الأسماء نفسها على غرار رجاء بن عمار التي اعتبرت من الرائدات في المجال".

ولفتت إلى أن المخرجات اليوم لم يدخلن إلى هذا المجال من باب "تحدي الوصم الاجتماعي" كما كان الحال مع الأجيال السابقة، بل بدافع الاحترافية والرغبة في تقديم رؤى إخراجية خاصة بهن.

ومن جهتها، اعتبرت المخرجة ليلى طوبال أن المسرح لا يحتاج إلى أن يكون "نسويا" بقدر ما يحتاج إلى الإنسانية، مؤكدة أن القضية الأهم ليست في أن تكون المخرجة امرأة، بل في أن يكون لديها خطاب إبداعي قوي.

وأشارت إلى أن تجربة رجاء بن عمار كانت استثنائية لأنها كسرت الصورة النمطية للمخرجة، وقدمت أعمالا ترجمت قضايا مجتمعية وإنسانية كونية، مشددة على أهمية دعم المسرح الوطني لهذه التجارب، معتبرة أن المؤسسات الثقافية تلعب دورا حيويا في تمكين المرأة المسرحية.

أما المخرجة لبنى مليكة، فقد أكدت أنها لا تنكر انتماءها للحركة النسوية، لكنها ترفض أن يتم التعامل مع أعمالها من منطلق "الهوية الجندرية" فقط، مشددة على أن الإبداع المسرحي يتجاوز مسألة الجنس ليكون تجربة إنسانية شاملة، مشيرة إلى أن الأجيال الجديدة من المخرجات أصبحن يركزن على تقديم أعمال ذات رؤية جمالية ومضامين عميقة، بعيدا عن فكرة "إثبات الذات أمام الرجل".

ومن جانبها، شددت المخرجة وفاء الطبوبي على ضرورة خلق فضاء إبداعي أكثر انفتاحا أمام النساء، مؤكدة أن التحدي اليوم لم يعد فقط في "وجود المرأة على الركح"، بل في مدى قدرتها على فرض مشاريعها الإبداعية في ظل بيئة مسرحية يهيمن عليها الرجال سواء في الإدارة أو الإنتاج.

واعتبرت أن دعم المؤسسات الثقافية ضروري لضمان حضور أقوى للمرأة في مجال الإخراج والإنتاج المسرحي.

واختتمت المائدة المستديرة بنقاش مفتوح أكد على أن تجربة المرأة في المسرح التونسي تعيش مرحلة جديدة، حيث لم تعد المخرجات مجرد "استثناءات" وإنما أصبحن جزءا محوريا في المشهد المسرحي. كما أجمع الحاضرون على أن حضور المخرجات التونسيات يشكل إضافة نوعية تثري المشهد المسرحي برؤى مختلفة ومتجددة.

وتقدم قاعة الفن الرابع، السبت، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف الثامن من مارس/آذار من كل سنة، مسرحية "كيما اليوم" للمخرجة ليلى طوبال، وهي ثمرة إنتاج مشترك بين المسرح الوطني التونسي وشركة "الفن مقاومة".

ويقدم هذا العمل - وفق ما نشرته وكالة تونس أفريقيا للأنباء - رؤية فلسفية عميقة للحياة، كما يدعو المتلقي إلى التأمل في دوره داخل هذا العالم من أجل إعادة إحياء هذا العالم بالحب والسلام والاحتفاء بالإنسانية في أبهى صورها.

فقد ولجت ليلى طوبال في مسرحيتها إلى أعماق النفس البشرية، مستعرضة تناقضاتها وأوجاعها في عالم يعج بالأسئلة الوجودية والقضايا الإنسانية.