المشربيات الخشبية .. أيقونة فنون النجارة الإسلامية
القاهرة ـ من حازم خالد
المشربيات الخشبية، واحدة من أجمل فنون النجارة في العالم الإسلامي، كما إنها من أشهر الأيقونات التي تشتهر بها العمارة الإسلامية، وهي عنصر جمالي فريد لا مثيل له في أي طراز معماري آخر، والتي كان لا غنى عن وجودها في أغلب البيوت خلال فترات تاريخية طويلة، وذلك لما بها من جمال وما لها من وظائف نفعية تتخطى شكلها الجمالي بكثير.
يعود تاريخ ابتكارها إلى القرن السادس الهجري، أي مع بدايات العصر العباسي، حتى أصبحت جزءًا أصيلًا من العمارة الإسلامية، ورغم تراجع وجود المشربية كعنصر من عناصر الطراز المعماري الحديث في البلدان العربية والإسلامية في القرن الماضي، إلا إنها قد عادت لتزين البيوت والمنشآت مجددا في مناطق متفرقة من البلدان العربية في الآونة الأخيرة وخاصة في بلدان المغرب العربي.
والمشربية تعد جزءًا من التكوين المعماري، يساعد على مرور وتوزيع الضوء، فتجعله خافتاً وهادئاً، وتسمح بمرور نسيم الهواء وتيسر النظر إلى الخارج دون أن تتمكن أعين الفضوليين العابرة من النفاذ إلى الداخل.
وتتكون في تصميمها من تجميع للخشب المخروط من قطع صغيرة لتكوين أشكال هندسية ونباتية وكتابية مختلفة. وكانت تصنع منه أيضا الشرفات والشبابيك لتغطية الفتحات والنوافذ للحفاظ على حرمة أهل، وكانت توضع في تلك الشرفات أوان لتبريد الماء من تيار الهواء بالشرفة. بالإضافة إلى إنها سهلة التغيير بحيث يمكن تبديلها من مكان إلى آخر، وتغيير شكل تصميها ومكانها حسب رغبة الشخص، مما يجعل الغرفة تأخذ شكلا جديدا، تبعد بالتالي عن طابعها الروتيني.
يختلف شكل المشربيات بتنوع اختلاف الأذواق والرغبات، فهي إما تكون مصنوعة من الخشب المخروط أو المنقوش، أو قد يتم المزج بين النوعين. وقد أخذت – في الوقت الراهن – تنتشر مرة أخرى، جزءًا لا يتجزأ من البيت المغربي الذي روعيت فيه الأصالة والمعاصرة
وأصبح مجال استعمال المشربية في تزايد مستمر، ففي البيوت تستعمل كفارق أو كفاصل لقاعة كبري يخصص فيها جانب للرجال وآخر للنساء، وذلك حفاظا على الوقار والحشمة بين الجانبين، فهي تحجب الرؤيا من بعيد نظرا لطابعها الخاص.
وفي المساجد كانت المشربيات تستعمل كحاجز بين الجناح الخاص بالنساء والآخر المتعلق بالرجال، ومازال استعمالها يسود حاليا في أغلبية بيوت الله، هذا بالإضافة إلى بعض القصور والفنادق التي تحرص على وجودها، ويعود تاريخ ظهور المشربيات في مصر إلى القرنين السابع والثامن الهجريين، وازدهرت صناعتها خاصة في عهد المماليك، ومن بعده في العهد العثماني، وقد عرفت باسم "المشربية".
وقد عُرفت في بعض البلدان باسم "روشن"، أو "روشان"، وتعني باللغة الفارسية "النافذة"، وقد تميزت العمارة الحجازية بالمشربيات الخشبية وخاصة في منظقة ينبع، بينما تميزت المشربيات في اليمن بصناعتها من الأحجار بدلًا من الأخشاب، وفي فلسطين اقتصرت صناعتها على مدينة القدس دون غيرها من المدن، ولم تعرف المشربيات الخشبية في اليمن إلا في بدايات القرن السابع عشر .
المشربية المغربية
ويختلف شكل المشربيات بتنوع اختلاف الأذواق والرغبات، فهي إما تكون مصنوعة من الخشب المخروط أو المنقوش، أو قد يتم المزج بين النوعين. وقد أخذت – في الوقت الراهن – تنتشر مرة أخرى، جزءًا لا يتجزأ من البيت المغربي الذي روعيت فيه الأصالة والمعاصرة، كما لم يعد يقتصر على البيوت الكبرى، والمقاهي والشبابيك البنكية والعيادات الطبية وغيرها، وذلك تشجيعا للطابع التقليدي الذي يعطي طابعا متميزاً للسياحة بالمغرب، والكثير من العائلات المغربية، أصبحت حاليا تميل إلى المزج بين الأصالة والمعاصرة في تصميم وتأثيث بيوتها، بحيث أصبح استعمال المشربيات ينتشر بكثرة ويعطي للبيوت رونقاً يعكس ما أبدعته يد الصانع الفنان. (وكالة الصحافة العربية)