المصالح الاقتصادية تعبد الطريق لتطبيع بين دمشق وعمان

أول لقاء رسمي يعقده مسؤول حكومي أردني مع النظام السوري منذ إعادة فتح المعبر الحدودي بين البلدين منذ نحو السنة والنصف.

دمشق - مع تمكن الجيش السوري من استعادة مساحات واسعة من المعارضة المسلحة بدعم من القوات الروسية تشهد العلاقات الدبلوماسية والتجارية بين دمشق وعدد من دول الجوار زخما كذلك.
حيث شهدت العاصمة السورية دمشق أول لقاء رسمي يعقده مسؤول حكومي أردني، مع النظام السوري، منذ إعادة فتح المعبر الحدودي بين البلدين قبل نحو 16 شهرا.
والتقى وزير الصناعة الأردنية طارق الحموري، الخميس، بنظيره لدى النظام السوري محمد سامر الخليل حيث "تم التباحث في مستقبل العلاقات الاقتصادية الأردنية السورية وسبل تطويرها لا سيما في عدد من المجالات الحيوية ذات الاهتمام المشترك".
وأعيد فتح معبر "جابرـ نصيب" الحدودي، الرابط بين الأردن وسوريا، في 15 أكتوبر/ تشرين أول 2018، بعد أن تمكن النظام السوري من السيطرة عليه، بدعم من روسيا ومليشيات محسوبة على إيران، بعد معارك طاحنة مع فصائل المعارضة التي كانت تسيطر على المنطقة لثلاث سنوات.
ورغم فتح المعبر، إلا أن العلاقات التجارية لم تصل إلى المستوى الذي علقت عليه عمان آمالاً كبيرة؛ نتيجة تردي الأوضاع الأمنية في جارتها الشمالية.
ووفق بيانات سابقة لوزارة الصناعة والتجارة الأردنية‎، هبطت قيمة صادرات البلاد إلى سوريا إلى 13.9 مليون دولار في 2016، بعد أن سجلت 255.5 مليون دولار في 2011. 
أما الواردات الأردنية من سوريا، فلم يختلف الحال بالنسبة إليها أيضا، فوصلت إلى 19.5 مليون دولار في 2016، مقارنة بـ 376 مليون دولار في 2011. 
ويتطلع الاردن الى تعزيز علاقته الاقتصادية بسوريا نظر لصعوبات يعيشها الاقتصاد الاردني حيث ترجو عمان ان تكون بوابة لجهود اعمار سوريا مع حديث عن اقتراب انتهاء الصراع الذي دام تسع سنوات.
ويرتبط الأردن مع جارته الشمالية سوريا بحدود طولها 375 كلم، ما جعل المملكة من بين الدول الأكثر استقبالا للسوريين، بعدد بلغ 1.3 مليونا، نصفهم يحملون صفة "لاجئ".‎
وأواخر يناير/ كانون الثاني 2019، أعلن الأردن رفع مستوى تمثيله الدبلوماسي في سوريا إلى درجة قائم بالأعمال بالإنابة، قبل أن تقتصر على موظفين إداريين فقط.
واختار الأردن منذ بداية الأزمة في جارته الشمالية الحياد في مواقفه "المعلنة" إزاء ما يجري، مُطالباً في كل المحافل الدولية بحلّ سياسي يضمن أمن سوريا واستقرارها. 
إلا نظام بشار الأسد، تمسك بـ"نغمة التشكيك" الدائم والاتهامات المستمرة لعمان، بدعمها لـ"العصابات الإرهابية" بسوريا، وهو ما نفاه الأردن جملة وتفصيلا.

انتصارات ميدانية للجيش السوري تتقدم جهود لاعادات العلاقات الطبيعية مع عدد من الدول العربية
انتصارات ميدانية للجيش السوري تتقدم جهود لاعادات العلاقات الطبيعية مع عدد من الدول العربية

وتشير التطورات الاخيرة الى سياسة عربية تقترب شيئا فشيئا باتجاه دمشق مع حديث عن امكانية تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية.
وتبذل مصر والإمارات الى جانب عدد من الدول العربية جهودا كبيرا لمنع تدهور الأوضاع في سوريا وليبيا اللتان تشهدان حربا منذ تسع سنوات تسببت في مقتل وجرح عشرات الالاف ونزوح الملايين في اسوا محنة انسانية تشهدها دول عربية منذ عقود.
ودعت كل من ابوظبي والقاهرة مرارا الى ضرورة حماية الامن القومي العربي من الخروقات التي تقوم بها دول إقليمية كتركيا وايران خدمة لاجنداتهما عبر تمويل ودعم مجموعات متطرفة كانت سببا في حالة الفوضى المستشرية.
وتمثل الجامعة العربية الاطار الوحيد حاليا رغم ضعفها ومحدودية خياراتها لتجميع الصفوف العربية لمواجهة التدخلات الأجنبية في المنطقة وايقاف حالة النزيف التي تمر بها شعوب عربية عديدة.
وتعالت الاصوات داخل الجامعة العربية لاعادة سوريا بعد تجميد عضويتها اثر اندلاع الاحداث في 2012  واخرها دعوة الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون رغم ان الجزائر كانت متحفظة من البداية الى جانب العراق على تجميد عضوية دمشق.
كذلك لم يستبعد الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى  الشهر الماضي عودة سوريا قريبا للجامعة العربية في تصريح لم يقدم فيه المزيد من التفاصيل لكنه يأتي في خضم تطورات متسارعة تشهدها الساحة السورية بعد أن حقق النظام السوري مكاسب ميدانية مهمة.
وترددت في الأشهر الماضية فرضية استعادة سوريا لمقعدها، إلا أن هذا الأمر لا يزال يثير انقسامات عربية واشتراطات من بعض الدول قائمة أساسا على حل سياسي ينهي الأزمة الراهنة.
وكانت دولة الإمارات العربية قد اتخذت قرارا جريئا في ديسمبر/كانون الأول بإعادة فتح سفارتها في دمشق بعد نحو سبع سنوات من القطيعة.
وعكس القرار في توقيته ومضمونه رؤية إماراتية واقعية لتطورات الأحداث في سوريا وتحركا استهدف عدم ترك الساحة السورية فريسة للتدخلات الإيرانية.
وأفادت الخارجية الإماراتية حينها في بيان بعودة العمل في سفارة الإمارات في دمشق حيث باشر القائم بالأعمال بالنيابة مهام عمله من مقر السفارة في سوريا.
وقالت إن هذه "الخطوة تؤكد حرص حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة على إعادة العلاقات بين البلدين الشقيقين إلى مسارها الطبيعي بما يعزز ويفعل الدور العربي في دعم استقلال وسيادة الجمهورية العربية السورية ووحدة أراضيها وسلامتها الإقليمية ودرء مخاطر التدخلات الإقليمية في الشأن العربي السوري".