المغرب يخطط لتوطين صناعة المدرعات بالتعاون مع الهند

العاهل المغربي يولي أهمية بالغة لتطوير منظومة تخطيط وقيادة الجيش وتعزيز قدراته الدفاعية والعملياتية واللوجستية وامتلاك الإمكانيات التقنية الحديثة.

الرباط - يقترب المغرب من إبرام اتفاقية مع الهند لتصنيع مركبات مدرعة محليًا لصالح القوات المسلحة الملكية، في إطار التعاون العسكري المتنامي بين البلدين ورغبة القيادة العسكرية المغربية في تعزيز القدرات الدفاعية والأمنية، ومواكبة التطورات الحديثة في مجال الصناعات الدفاعية والتكنولوجيا العسكرية.

وأفاد موقع “إندبندنت” أن التعاون الاستراتيجي يهدف إلى إنشاء صناعة عسكرية محلية في المملكة المغربية، وذلك كجزء من الاتفاقيات المبرمة بين البلدين خلال السنوات الأخيرة.

ويعمل المغرب بجهد للدخول في عالم التصنيع العسكري في السنوات المقبلة، سعيا منه إلى تحقيق اكتفائه الذاتي في مجال الصناعات الدفاعية، عوض الارتهان إلى الاستيراد الخارجي، وهو ما سيجعله قوة حربية صاعدة في المنطقة الإقليمية.

ويأتي التعاون مع الهند لتوطين صناعة المدرعات ضمن استراتيجية أوسع وأشمل يعمل عليها المغرب في السنوات الأخيرة لتعزيز قدرات القوات المسلحة وترسيخ صناعة محلية في خضم تحولات ضخمة تشهدها المملكة على مختلف الأصعدة الأمنية والعسكرية والاقتصادية وقد دشنت الرباط بالفعل ثورة في مجمل البنى التحتية.

وبحسب تقرير نشره موقع 'هسبريس' المغربي الأربعاء الماضي، فإن المملكة أبرمت العديد من اتفاقيات الشراكة الأمنية والعسكرية مع مجموعة من الدول الرائدة في مجال التصنيع العسكري، مما يضمن توطين الصناعات الحربية على المستوى المحلي.لتحقيق الاستقلالية الاستراتيجية والحد من التبعة المطلقة للخارج على المستوى الدفاع.

وبالفعل قطع المغرب شوطا مهما على مستوى الصناعات المدنية؛ على غرار صناعة الطائرات وقطع الغيار، والتي يمكن أن تساهم في تسريع هذا التوجه الصناعي العسكري.

 

الرباط تسعى إلى تنويع العلاقات الدولية في المجال العسكري، حيث تسعى لبناء شراكات وثيقة مع دول ذات خبرات وتقنيات متقدمة في صناعة الدفاع والأمن.

وأصبحت الهند من بين الدول التي يعتمد عليها المغرب بشكل متزايد في المجال العسكري، ففي بداية العام الماضي وقع البلدان اتفاقية لتزويد القوات المسلحة الملكية بمعدات عسكرية،  تتضمن 92 شاحنة تكتيكية من نوع "تاتا" الملائمة للتضاريس الصحراوية، إلى جانب توصل الرباط برادارات هندية عالية الدقة.

وأعرب بيوش غويال، وزير التجارة والصناعة الهندي، عن تقديره الكبير لإنجازات المغرب في مجال البنية التحتية ومناخ الأعمال المشجع على الاستثمار. كما أكد أن بلاده مؤيدة جدا لتشجيع الاستثمار في المملكة، نظرا لارتباطها بنحو 50 دولة من خلال اتفاقيات التجارة الحرة.

وتأتي هذه الاتفاقيات في إطار تنويع العلاقات الدولية للمغرب في المجال العسكري، حيث يسعى لبناء شراكات وثيقة مع دول ذات خبرات وتقنيات متقدمة في صناعة الدفاع والأمن.

ويعطي العاهل المغربي الملك محمد السادس، القائد الأعلى رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الملكية،  أولوية لتطوير منظومة تخطيط وقيادة الجيش وتعزيز قدراته الدفاعية والعملياتية واللوجستية وامتلاك الإمكانيات التقنية الحديثة.

وكثفت القوات المسلحة الملكية جهودها للاستجابة لرسالة الملك محمد الخامس التي وجهها العام الماضي بمناسبة الذكرى الـ67 لتأسيسها، والتي تحدث فيها عن "ضرورة امتلاك الإمكانيات التقنية الحديثة في مجالات حساسة تشمل إدارة العمليات ونظم الدفاع والرصد والرقمنة، والتي تستوجب إعداد وتأهيل العنصر البشري لمواكبة التغيرات".

وأضاف أن "القدرة على استشراف المستقبل وضرورة التأقلم مع مستجداته الطارئة والقيام بمهام متعددة ومتنوعة في كل الظروف والأوقات، تستوجب العمل المتواصل على تطوير منظومة التخطيط والقيادة".

وذكر أن ذلك يأتي "مع تفعيل شبكة واسعة من وسائل الاتصال والمعلومات من أجل تنفيذ المهام الأساسية بانضباط واحترافية".

ويعد التعاون العسكري بين الرباط ونيودلهي والهند، خطوة هامة في الاتجاه الذي دعا إليه العاهل المغربي نحو بناء قدرات دفاعية محلية وتطوير الصناعات العسكرية في المملكة المغربية، مما يعزز مكانتها كشريك استراتيجي مهم في المنطقة.
وبالإضافة إلى ذلك، تعكس هذه الصفقات العسكرية الاهتمام المشترك بين البلدين في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي، وتقديم الدعم اللازم لقوات الأمن للتصدي للتحديات الأمنية المعاصرة.

من أهم مزايا المعدات الهندية للجيش المغربي انخفاض السعر مع الجودة، حيث تقدم معدات بأسعار تنافسية أكثر من تلك التي يقدمها الموردون التقليديون.

وسبق أن كشفت مجلة “ديفينسا” الاسبانية المتخصصة في الشأن العسكري، أن الرباط تسعى إلى أن تكون منصة تصدير إلى الدول الإفريقية، نظرا إلى الاتفاقيات التي عقدتها مع مجموعة من الشركات العسكرية الدولية للشروع في تصنيع العديد من الآليات العسكرية.
وبالإضافة إلى الهند، يحرص المغرب على تطوير تعاونه العسكري من دول أخرى حيث كشفت منصة “ديفنس ويب” أن “السوق العسكرية بالبرازيل أصبحت تجذب عيون الجيش المغربي، فبعد مصادقة مجلس الشيوخ البرازيلي على مشروع مرسوم يقضي بالتعاون الدفاعي مع الرباط، أصبحت الشراكة العسكرية بين البلدين تأخذ أبعادا جديدا”.

وتتماشى الشراكة مع البرازيل مع استراتيجية المملكة المغربية لتنويع الشركاء الأمنيين والخروج من نفق الاعتماد على أسواق تقليدية متقلبة، خاصة وأن فاعلين صاعدين، مثل البرازيل، يقدمون فرصا جديدة تساير التطور التكنولوجي الحاصل في المجال، وبأسعار تفضيلية.

وأكد التقرير أن المغرب يعد من أكبر المستوردين العالميين للسلاح (المرتبة 29)، وما تزال الولايات المتحدة الأميركية مورده الرئيسي، ومع وجود تعاون دفاعي بين الرباط وبرازيليا، فإن الأخيرة تسير في طريق تعزيز مكانتها في ترتيب أهم الموردين العسكريين للرباط.

وتعتبر البرازيل، بحسب تقارير إعلامية، أحد الأسواق “الصاعدة” في مجال الصناعات “الدفاعية والهجومية”.

ووقعت الرباط وواشنطن اتفاق عسكري ممتد لعشر سنوات (2020-2030) بغية تدعيم الشراكة الدفاعية الاستراتيجية بين البلدين، لا سيما في ظل التعاون العسكري المثمر خلال العقود الماضية، بعدما تحول المغرب إلى زبون دائم للولايات المتحدة في ما يتعلق بالتزود بالأسلحة.