المقاومة والخلافة لهما الوجه نفسه في مرآة الارهاب

لقد قرر طرفان ارهابيان أن يضحكا علينا. كل طرف بطريقته.
لا فرق بين ارهاب تنظيمات عقائدية مدعومة من ايران او ارهاب تنظيمات جهادية كداعش
ميليشيات ايران تعتبر تهجير المدنيين وتمزيق النسيج الاجتماعي ارهابا طيبا
الطائفية وقود ميليشيات ايران لارتكاب جرائم بحق شعوب المنطقة وغسل عقول الشباب

تزعم الميليشيات التابعة لإيران أنها تحارب الارهاب. ذلك هو مبرر وجودها وتلك هي حجة استمرارها في حمل السلاح والهيمنة على مجتمعات، صار عليها أن تدفع ثمن حمايتها من عدو مفترس. إنها تدافع عن أرواح المدنيين في مواجهة عنف التنظيمات العقائدية المتطرفة.

ولكن تلك الميليشيات لا تجد مانعا في قتل المدنيين إذا ما تطلبت مصالحها ذلك. وهو نوع من الارهاب غير أنه حسب التصنيف الإيراني ارهاب طيب. بل أن تلك الفرق المسلحة الفالتة من القانون تجد في تسميتها بالميليشيات ما يسيء إليها وإلى الدور التاريخي الذي تلعبه.

ذلك كله نوع من الاحتيال على الحقيقة.  

فحين رفع المحتجون الشباب شعارات ضد الهيمنة الإيرانية على بلادهم مطالبين بتحريرها من نظام المحاصصة الطائفية واجهتهم  قوة نارية منظمة أودت بحياة أكثر من 700 شابا اضافة إلى آلاف الجرحى. لم تجرؤ الحكومة العراقية على الافصاح عن هوية القتلة. لا لشيء إلا لأن أولئك القتلة يديرون الجزء الأكبر من دولة الفساد السرية التي هي أقوى من الحكومة.   

في مكان آخر نرى أن ما فعله حزب الله في سوريا من أجل اعادة رسم الخارطة السكانية لسوريا قد انطوى على تطهير طائفي دفع ثمنه مدنيون لا علاقة لهم بالصراع الدائر في بلادهم. لقد أجبر المسلحون الغرباء الذين لا يحملون أية صفة قانونية مدنيين سوريين على مغادرة أماكن سكنهم التاريخية. كانت تلك واحدة من جرائم الحرب السورية الفرعية تعهدت ميليشيا حزب الله القيام بها، لا من أجل بقاء النظام فأولئك المدنيون لم يشكلوا خطرا على النظام بل من أجل تلقين السوريين دروسا في الارهاب الطيب.

أما ما حدث في لبنان اثناء التظاهرات الأخيرة فقد ضربا من ضروب الحيلة الاستثنائية. فالمتظاهرون الذين خرجوا احتجاجا على هيمنة حزب الله على الدولة لم يرفعوا شعارات ضد إيران أو الحزب الذي يعمل وكيلا حصريا لها في لبنان. وهو ما أفقد حزب الله أسبابه في اللجوء إلى المواجهة المسلحة.

ذلك لم يمنع بلطجية حركة أمل من ممارسة العنف ضد المتظاهرين السلميين.

وإذا ما التفتنا إلى اليمن فإن الحوثيين لا وصف يليق بهم سوى أنهم قطاع طرق. فهم لا يرغبون في أي اتفاق سياسي. لقد استهوتهم الحرب من أجل اخضاع المدنيين واذلالهم وسرقة المساعدات الدولية التي تقدم لهم.

كل هذه المعطيات تؤكد أن هذه التنظيمات التي استقوت بالسلاح الإيراني انما تمارس نشاطها من أجل أن تبسط إيران هيمنتها على دول المنطقة لا من أجل حماية المدنيين الذين صاروا بمثابة رهائن لديها.

المدنيون الذين تدافع عنهم تلك الميليشيات هم في الحقيقة ضحاياها.

لقد أقامت تلك الميليشيات قوتها على استئجار الشباب الذين دفعتهم البطالة إلى الانتساب إلى افواجها العسكرية بعد أن أغرتهم بالمال وغسلت أدمغتهم بمفهوم الشهادة وجعلتهم منفصلين عن الواقع.

عملت تلك الميليشيات على تمزيق النسيج الاجتماعي بحيث تم زرع الالغام في العائلة الواحدة. وهو ما يشكل خطرا هو من جهة أثره أقسى وأكثر بأسا من الخطر التي تمثله تنظيمات ارهابية كالقاعدة وداعش.

في ذلك ما يؤكد أن لا فضل لأحد على أحد. فالارهابيون الذين يتوزعون بين معسكرات مختلفة عقائديا هم من النوع نفسه على مستوى السلوك والهدف. فهم قتلة، مجرمون، لصوص وقطاع طرق. لا تعنيهم في شيء الحياة البشرية إن وقفت في طريق همجيتهم. ذلك ما كانت الموصل مسرحا له.

لقد هدمت المدينة التاريخية وأبيد الجزء الأكبر من سكانها من أجل أن ينتصر طرف على طرف آخر. كان المدنيون تحت الأنقاض فيما كانت أقدام المسلحين تدوس على الأرض. كانت هنالك حرب لا يعرف طرفاها حقيقة الوضع الإنساني الذي خلقته تلك الحرب.

بعد كل ما شهدته المنطقة من مذابح وما أنتهت إليه من كابوس تمثله سيطرة الميليشيات على الشارع لا يمكن القبول بإرهاب طيب.

فالإرهاب في أكثر تعريفاته بساطة هو ممارسة العنف ضد المدنيين.

ذلك تعريف يشمل كل حملة السلاح في العالم العربي ولا يستثني أحدا.

اما كذبة المقاومة التي اتضح أنها مجرد قناع للارهاب فإنها لن تنطلي على أحد وهي شبيهة بكذبة الخلافة.

المقاومة والخلافة وجهان لعملة واحدة.

لقد قرر طرفان ارهابيان أن يضحكا علينا. كل طرف بطريقته.

فالمقاومة تضلل فريقا فيما الخلافة تضلل فريقا آخر. وهكذا تضيع الحقيقة فيما يمارس الارهابيون نشاطهم في القتل والنهب والاغتصاب.