المقاومة وكذبة إزالة إسرائيل

لا حماس ولا حزب الله اللذين يوحيان بأنهما يسعيان إلى إزالة إسرائيل صادقان في ما يدغدغان من خلاله عاطفة ومشاعر الناس البسطاء. هذه دعاية إيرانية. إيران تزيل دولا عربية وتتفرج على إسرائيل.
ايران تحمي نفسها بسواتر عربية تحجب عنها اسرائيل
ما يحدث في غزة ولبنان وسوريا هو جزء من الدرس الإيراني الساخر
إيران فعلت بالعالم العربي ما لم تفعله أية قوة شريرة في التاريخ. كل هذا من أجل إزالة إسرائيل

"إزالة إسرائيل" فكرة أوكلت إيران لأذرعها الاشتباك إلى ما لا نهاية بملابساتها وما ينتج عنها من عواقب أقل ما توصف به أنها مدمرة. وهو ما تعرفه إيران جيدا. لذلك فإنها تطرح الفكرة في سوق فلسطين المفتوح على المتاجرة والمزايدة من غير أن تقدم دليلا واحدا على جديتها يمكن أن يدينها ويقودها إلى هلاكها.

ما تفعله إيران أنها تقوم بازعاج إسرائيل لكن من خلال حلفائها الصغار من العرب الذين هم الآخرون يقومون بأداء أدوارهم التي تقود إلى الكوارث وهم يدركون أن إسرائيل لن يصيبها مكروه من جراء ما يقومون به وأن عنفها المبالغ فيه الذي تُظهره ردود أفعالها لا يعبر عن حجم الضرر الذي أُلحق بها بقدر ما يجسد حالة الذعر والفزع الذي تعيشه دولة تعرف أنها مكروهة من جيرانها وأن هناك شعبا سيظل يطاردها مطالبا باسترداد حقوقه.

لا حماس ولا حزب الله اللذان يوحيان بأنهما يسعيان إلى إزالة إسرائيل صادقان في ما يدغدغان من خلاله عاطفة ومشاعر الناس البسطاء الذين حرمتهم التجربة الإنسانية القاسية من التمتع بنعم التعليم والمعرفة والثقافة والتنوير. وإن كان هناك مثقفون عرب يساهمون في هذا التضليل الإعلامي فإنهم من ذلك النوع الذي لا يشعر بالمسؤولية التاريخية ولا يحتكم في حماسته إلى أي نوع من الوعي السياسي الجدلي.

ولو عدنا إلى العقيدة الإيرانية التي تنادي بإزالة إسرائيل نرى أن الواقع يشير إلى أن إيران ساهمت في إزالة غير بلد عربي والانحراف به عن تاريخه وتحطيم ثوابته الوطنية والقومية ونهب وهدر واستباحة ثرواته وتجهيل أجياله المستقبلية. ولا يحتاج المرء إلى أي صور مستعادة لإثبات أن الخراب الذي شهده العراق ولبنان وسوريا واليمن يشير في الجزء الأكبر من تفاصيله إلى إيران. أما أن تكون هي الفاعلة بشكل مباشر أو أن تكون حاضرة من خلال عملائها الذين تفخر بهم وباخلاصهم لها.

هذا ما فعلته إيران بالعالم العربي وهناك ما لم نذكره على مستوى التدخل في شؤون الدول العربية الأخرى واشاعة الفتن والترويج للفوضى فما الذي فعلته لإسرائيل ليكون دليلا على أنها عملت على تطبيق ما تعلن عنه؟ حتى حين تُضرب منشآتها النووية فإن إيران لا تجرؤ على المس بمنشآت إسرائيل النووية. تمارس بعض القرصنة في البحر فتجيبها إسرائيل بما يجعلها تعيد النظر في سلوكها.

لست هنا في مجال المقارنة أو المفاضلة بين الإثنين. ولكن الامر يتعلق بالنفاق الإيراني الذي صار للأسف عنوانا للمقاومة التي دمرت غزة وشردت عشرات الالوف من العوائل من بيوتها ووضعت لبنان كما يُقال على الحديدة في أسوأ أزمة مالية يمر بها بلد في زماننا ودفعت بالعراق إلى أن يكون البلد الأكثر فساد لا في العالم المعاصر فحسب بل وأيضا في التاريخ كما أنها لعبت دورا خطيرا في تغيير البنية السكانية في سوريا فحل الإيرانيون في بيوت سوريين صاروا مجرد نازحين ومهجرين.

لقد فعلت إيران بالعالم العربي ما لم تفعله أية قوة شريرة في التاريخ. كل هذا من أجل إزالة إسرائيل. ولو أمعنا النظر في أحوال الدول التي ألحقتها إيران بمحور المقاومة الذي ينادي بإزالة إسرائيل فإننا لابد أن نشعر باليأس ويخيم علينا التشاؤم. فإيران تفوقت على المغول في مستوى الأضرار الذي يسببه احتلالها الذي لا يمكن تسميته بالاحتلال الناعم. فالعراق مثلا وصل إلى الصفر في مجالات التعليم والزراعة والصناعة والسياحة والصحة والمال. ما من خير يرتجى من العراق على المستوى العربي. بل أن العراق لا يقوى على أن ينفع شعبه.

لقد صادرت إيران حق العراقيين في التعليم والزراعة والصناعة حين أتيحت لها فرصة التغلغل في العراق وبسط هيمنتها عليه بحيث وصل الأمر بها إلى تحويل العراق إلى ملعب للمسيرات الجنائزية التي لا تتوقف عبر أيام السنة. لا يملك العراقيون وقتا للعمل إلا في مجال خدمة المساهمين في تلك المسيرات. ذلك هو العراق الذي تتخذ منه الميليشيات الإيرانية حاضنة للمقاومة.

ما يحدث في غزة وما يحدث في لبنان وما صار جزءا من القدر السوري انما هو جزء من الدرس الإيراني الساخر من أجل إزالة إسرائيل. لا تُلام إيران على نفاقها العقائدي. فهي تعمل على حماية نفسها من خلال سواتر عربية لا يمكن من خلالها أن يُرى الهدف. فإسرائيل إن كانت هي الهدف فهي هدف بعيد المنال. ذلك لأنها ليست دولة عدوة بالنسبة لإيران. إسرائيل ليست هي العدو فكل ما فعلته إيران يؤكد أنها ترى في العالم العربي ذلك العدو الذي يجب عليها أن تحاربه.