المقلب الذي شربه الاخوان!

تحولت السلطة خلال فترة حكم مرسي القصيرة الى كابوس اقض مضاجع اصحاب النفوذ والمصالح في الداخل والخارج ومضاجع الاخوان انفسهم.

كنا نود ان نرى عصرا جديدا من الاستقرار المجتمعي والانفتاح الاقتصادي والسياسي يطل على مصر بعد الانتخابات التي جرت في يونيو من عام 2012 والتي فاز فيها الدكتور محمد مرسي المنتمي الى جماعة الاخوان المسلمين ليصبح اول رئيس مدني يأتي عن طريق صناديق الاقتراع. ولكن الاحداث بدأت تتجه نحو التصعيد اكثر والاوضاع تسير الى الاسوأ الى ان توجت في النهاية بانقلاب عسكري قاده الجنرال عبدالفتاح السيسي الذي انهى نتائج الانتخابات وفرض حالة الطوارئ على البلاد!

لم يمض شهرين ونصف الشهر على تولي مرسي الحكم حتى وجهت انتقادات شديدة الى سياسته الناشئة ونظمت مسيرات احتجاجية يومية مطالبة بعزله وتنحيته عن الحكم و"اعترض عليه الصحفيون والليبراليون واشتكى منه الفنانون، وتوجس منه الأقباط شراً في أن يحوّل مصر إلى دولة إسلامية يُضطهدون فيها!" اما على الصعيد الدولي فقد ازدادت مخاوف القوى الدولية المؤثرة والشركات الكبرى من تعرض مصالحها الى خطر نتيجة عدم الاستقرار وابدت اسرائيل قلقها من مصير اتفاقية السلام، رغم ان الرجل اكد مرارا ان "الاتفاقات والمعاهدات الدولية التي ابرمت طبقا للقانون الدولي واجبة الاحترام".

باختصار تحولت السلطة خلال فترة حكم مرسي القصيرة الى كابوس اقض مضاجع اصحاب النفوذ والمصالح في الداخل والخارج ومضاجع الاخوان انفسهم وسبب لهم البؤس والتعاسة، حيث تحولوا فجأة ودون سابق انذار من حكام الى محكومين ومن اصحاب السلطة والنفوذ الى نزلاء السجون والمعتقلات، نكل بهم وطوردوا وهاموا بوجوههم في ارض الله مهاجرين وقد صودرت ممتلكاتهم وهدمت مقراتهم وحرمت نشاطاتهم السياسية.

اظن جازما ان الانتخابات والعملية الديمقراطية التي جرت كانت برمتها خدعة ومصيدة محكمة للايقاع بتنظيم سياسي وديني "عالمي" مؤثر بغية تحجيمه وانهاء دوره ولو مؤقتا!

كان من السهل ان ينخدع تيار دعوي اصلاحي تقليدي بـ"المقلب المحكم" ان جاز التعبير ويتحول الى طعم سهل لدهاة السياسة والمراكز الاستراتيجية العالمية، وقد كنت حذرت في مقال نشر في احدى الصحف الخليجية (11/9/2012) اي بعد ثلاثة اشهر من توليهم السلطة الى مخاطر مشاركة الاخوان في الانتخابات الرئاسية وذلك لاسباب؛ منها انهم "دعوييون" اكثر من كونهم "سياسيين"، بمعنى انهم يجهلون دهاليز السياسة والاعيبها القذرة! يجب الا يستهينوا بقوة اعدائهم وهم كثيرون ومن المستحيل السماح لهم بأقامة مشروعهم السياسي والديني في بلد مفصلي في المنطقة كمصر! وان مشكلات مصر الاقتصادية والسياسية وتعقيداتها أكبر من قدراتهم بكثير، وأحسب أنهم قد فتحوا على أنفسهم طاقة جهنم وورطوا أنفسهم في مشكلات لا قِبل لهم بها.

وهذا ما كان!