ولد الغزواني في طريق مفتوح لولاية رئاسية ثانية

الرئيس المنتهية ولايته يقدم نفسه على أنه الضامن للاستقرار بعدما نجح في احتواء التوسع الجهادي.

 نواكشوط - أظهرت النتائج الأولية الصادرة عن اللجنة الوطنية للانتخابات في موريتانيا تقدما مبكرا للرئيس محمد ولد الغزواني مع استمرار فرز الأصوات في الانتخابات الرئاسية التي أجريت أمس السبت.

وقالت اللجنة الوطنية للانتخابات إنه بعد فرز حوالي 6.49 بالمئة من إجمالي الأصوات أو 283 مركز اقتراع من أصل 4503 مراكز، تقدم ولد الغزواني بالحصول على 49 بالمئة في حين حصل منافسه الرئيسي الناشط البارز المناهض للعبودية بيرام الداه أعبيد على 22.68 بالمئة.

وتعهد ولد الغزواني (67 عاما)، وهو ضابط كبير سابق، بتعزيز الاستثمار لتحقيق طفرة في السلع الأولية في الدولة الواقعة في غرب أفريقيا والتي يبلغ عدد سكانها خمسة ملايين نسمة حيث تتأهب لبدء إنتاج الغاز الطبيعي.

وقال بعد التصويت في العاصمة "الكلمة الأخيرة هي للناخبين الموريتانيين. أُلزم نفسي باحترام اختيارهم".

وبدأ الموريتانيون الإدلاء بأصواتهم السبت للاختيار ما بين التغيير والاستمرارية التي يجسّدها الرئيس المنتهية ولايته بعدما نجح في احتواء التوسع الجهادي، خلافا للوضع في دول الساحل المجاورة.

ويخوض ولد الغزواني الاستحقاق الرئاسي أمام ستة مرشحين تعهدوا بإحداث أول تغيير ديموقراطي حقيقي في هذا البلد الصحراوي الشاسع الذي يبلغ عدد سكانه حوالى 4.9 مليون نسمة وشهد العديد من الانقلابات في الفترة من 1978 إلى 2008، قبل أن يسجل في 2019 أول مرحلة انتقالية بين رئيسين منتخبين منذ نيله الاستقلال عن فرنسا. ومن المتوقع  صدور النتائج رسميا الأحد أو الاثنين.

وفي العاصمة نواكشوط، اصطف الناخبون في طابورين أمام مدرسة في وسط المدينة قبل بدء عملية التصويت المقررة من الساعة السابعة صباحا إلى الساعة 19:00 بتوقيت غرينتش.

ويخصص طابور للنساء وآخر للرجال في هذه الجمهورية الإسلامية. ويختار الناخبون مرشحهم من لائحة مدرجة على بطاقة اقتراع واحدة ومتسلسلة وفق أرقام ورموز (ميزان، أسد، حصان، نخلة، ...) قبل إيداعها في صندوق مغلق. وتقع غرفة التصويت خلف ستارة خضراء مثبتة بحبل، في الجزء الخلفي من القاعة.

وقال محمد سالم مسيكة (50 عاما) "جئت لأداء واجبي المدني استكمالاً للعملية الديموقراطية التي بدأت قبل بضعة عقود" وأعرب ناخب آخر هو كرتومة بابا (26 عاماً) عن أمله في احراز "تقدم فيما يتعلق بالتعليم والشباب"، فيما قالت بركة خراتشي (26 عاما) إنها تأمل حدوث "تغيير كبير" و"الاطاحة بالفاسدين".

ويرى مراقبون أن ولد الغزواني هو المرشح الأوفر حظا للفوز بولاية جديدة من الدورة الأولى، وإذا اقتضى الأمر ستتنظم دورة انتخابية ثانية في 14 يوليو/تموز. وجرت الحملات الانتخابية بهدوء نسبي.

ويقدم الرئيس المنتهية ولايته نفسه على أنه الضامن لاستقرار هذا البلد الذي لم يشهد أيّ هجمات منذ العام 2011، بينما تواجه مالي المجاورة ومنطقة الساحل عموماً الكثير من الهجمات.

ومنذ انطلاق الحملة الانتخابية، تعهّد ولد الغزواني بإحراز "انتصار ساحق في الجولة الأولى". وتنتشر صوره مع شعار "الخيار الآمن" في كلّ مكان في العاصمة والأقاليم. وفي وسط نواكشوط، نُصبت خيم يجتمع فيها مؤيدوه حيث يرقصون ويغنّون ويتناقشون.

وأدلى الرئيس المنتهية ولايته بصوته في نواكشوط، وقال للصحافيين "أهنئ الناخبين على مستوى إدراكهم المرتفع وعلى حسهم الديموقراطي"، مشيدا "بمناخ السلم والهدوء" اليوم. وجعل مكافحة الفقر ودعم الشباب أولويته خلال الولاية الثانية التي يطمح إليها. 

ويغادر الشباب الذين تقلّ أعمارهم عن 35 عاماً ويمثلون أكثر من 70 في المئة من السكان، بلادهم بشكل متزايد إلى أوروبا أو الولايات المتحدة، بحثاً عن حياة أفضل.

وبعد ولاية أولى طغت عليها جائحة كوفيد - 19 وتداعيات الحرب في أوكرانيا، يأمل الغزواني في إجراء مزيد من الإصلاحات خلال ولاية ثانية بفضل الآفاق الاقتصادية المواتية.

وخلال الفترة 2024 - 2026، من المتوقع أن يبلغ معدل النمو 4.9 في المئة (3.1 في المئة للفرد)، وذلك بفضل إطلاق إنتاج الغاز في النصف الثاني من عام 2024، حسب تقديرات البنك الدولي.

وانخفض معدل التضخم من ذروته البالغة 9.5 في المئة في 2022 إلى 5 في المئة في 2023، ومن المتوقع أن يواصل تراجعه ليصل إلى 2.5  في المئة في 2024.

وأبزر منافسَين للرئيس هما الناشط في مجال حقوق الإنسان بيرام الداه عبيدي الذي حل ثانياً في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وحمادي ولد سيدي المختار، مرشح حزب "تواصل" الإسلامي، القوة المعارضة الرئيسية في الجمعية الوطنية.

ويدعو كلاهما إلى تغيير جذري و"وضع حد لسوء الإدارة والفساد" وإجراء إصلاح عميق للتعليم والقضاء وأدلى كل منهما بصوته اليوم.

وقال الداه عبيدي إن "اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات تتآمر مع مؤيدي الغزواني وتساعدهم على شراء أصوات الناخبين بالمال العام" داعياً أنصاره إلى "محاربة التزوير" بكافة الوسائل القانونية. وأكد الثاني أنه سيبقى "يقظاً لأي انتهاك". وكانت المعارضة قد شكّكت في الانتخابات التشريعية قبل عام.

من جهتها، شكّلت الحكومة الموريتانية مرصداً وطنياً لمراقبة الانتخابات، الأمر الذي تعتبره المعارضة أداة للتلاعب بالأصوات.

وفي هذه الأثناء، لم يتوجه سوى عدد قليل من المراقبين الدوليين إلى موريتانيا. وأرسل الاتحاد الإفريقي 27 مراقباً لفترة قصيرة، بينما لم يرسل الاتحاد الأوروبي بعثة، بل ثلاثة خبراء انتخابيين فقط.