النجف وطهران.. التنافس على مناصب الحشد العليا

أقوى فصائل الحشد الشعبي مثل بدر والعصائب وكتائب حزب الله ترتبط بايران إلا أن شرعية الحشد تستند إلى فتوى السيستاني.

بغداد- يبدو أن التنافس بين النجف وطهران على فرض النفوذ داخل هيئة الحشد الشعبي قد بلغ أشده هذه الأيام، فقد أثار خبر تعيين عبد العزيز المحمداوي، اعتراضات حادة وفورية من قبل الفصائل التابعة المرتبطة بالعتبات الدينية والمقربة من "المرجعية" في النجف.

وكثيرا ما اعترضت تلك الفصائل على "التهميش" الذي كانت تتعرض له منذ بدء الحرب على تنظيم داعش، كما أنها لم تنتظر توقيع رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي على أمر تعيين المحمداوي خليفة للمهندس لإعلان معارضتها لتلك الشخصية.

يذكر أن عبد العزيز المحمداوي، هو أحد أعضاء هيئة الشورى في كتائب حزب الله العراقية، وهو قيادي ميداني اشترك في الكثير من معارك تلك الكتائب، كما أن هناك اعتقادا واسعا بأنه يدير أحد معتقلات كتائب حزب الله في جرف الصخر.

تناقلت وكالات الأنباء المحلية، خبر "تعيين" المحمداوي، المعروف أيضا بـ"أبو فدك المحمداوي"، رئيسا لأركان الحشد الشعبي، خلفا لأبو مهدي المهندس، بعد اتفاق هيئة شورى الحشد الشعبي على تعيينه. والفصائل المعترضة هي لواء أنصار المرجعية ولواء علي الأكبر وفرقة العباس القتالية وتشكيلات فرقة الإمام علي القتالية.

تدير العتبات الدينية "مراقد الأئمة" تلك الفصائل بشكل مباشر، كما إنها جهزتها بشكل كامل بعد فتوى "الجهاد الكفائي" التي أطلقها المرجع الأعلى علي السيستاني، واستمرت بدفع رواتب منتسبيها وتكاليف تجهيزها لسنوات.

قال بيان هذه الفصائل بأنه "ليس لنا علم بأي تنصيب لمنصب نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي الآن". وأضاف البيان أن اختيار بديل للمهندس "يحتاج لسياقات قانونية، غير متوفرة الآن في ظل حكومتين، إحداهما تصريف أعمال، والأخرى لم يكتمل تكليفها". وتابع أن "القوات المشكلة من قبل العتبات قدمت رؤيتها لرئيس الهيئة (الحشد) وتنتظر الإجابة عليها بشكل رسمي".

يعتبر هذا أول موقف صريح معارض لطريقة تنصيب عبد العزيز المحمداوي خليفة للمهندس في أوساط الحشد الشعبي، في ظل عدم وجود هيكلية رسمية لـ"مجلس شورى الحشد" الذي ينسب اليه قرار الاختيار، من دون معرفة كيفية اختيار أعضائه ومن أي الفصائل التي بلغ تعدادها أكثر من 40 فصيلا كبيرا انضمت كلها إلى الحشد الشعبي.

تتولى كتائب حزب الله العراقية مهمات الاستخبارات والتحقيقات والإدارة داخل هيئة الحشد الشعبي، كما إن مديرية إعلام الحشد خاضعة لنفوذها، وهي تتحدى أحيانا سلطة رئيس هيئة الحشد فالح الفياض على هذه المؤسسات.

في حال مرر تعيين المحمداوي على الرغم من اعتراضات فصائل المرجعية، فهذا سيعني دورا مباشرا أكبر للكتائب في قيادة الحشد، خاصة وإنها تعتبر على نطاق واسع أشرس الميليشيات الشيعية وأكثرها تنظيما وابتعادا عن الإعلام المباشر.

كانت صحيفة "ميدل ايست آي" البريطانية قد كشفت عن تفاصيل الصراع بين النجف وإيران في السيطرة على الهيئة، بالقول إن "قادة بعض الفصائل المسلحة المنضوية في هيئة الحشد الشعبي، ومن خلال اجتماعات متكررة داخل وخارج العراق، توصلوا الى ترشيح أسماء لخلافة أبو مهدي المهندس، وبعد تنافس شديد بين المرشحين، تم عرضها على الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله المكلف من قبل طهران بإدارة حل النزعات بين فصائل الحشد، وافق في النهاية على اختيار شخصية قريبة لتوجهات الحرس الثوري الايراني وهو القيادي في كتائب حزب الله أبو فدك، استنادا الى مواصفات ومعايير تتناسب مع تحديات ومعطيات المرحلة الراهنة".

وأضافت الصحيفة أن "نصر الله بدوره أطلع المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي على الأمر، وحصل على مباركته لترشيح أبو فدك الى هذا المنصب لإدارة هيئة الحشد الشعبي في هذه المرحلة الحرجة، وأن الأمر قاب قوسين أو أدنى، لولا الرفض الشديد الذي أظهرته فصائل العتبات المقدسة المرتبطة بالمرجعية الدينية في النجف للأمر جملة وتفصيلا".

وتشير الصحيفة البريطانية، الى أن "تلك الفصائل اجتمعت برئيس هيئة الحشد فالح الفياض، وطالبته باسناد المناصب العليا الى المسؤولين المدعومين من النجف، لضرورة أن يكون الحشد الشعبي خاضعا للإرادة الوطنية، وبعيدا عن الفساد والمكاسب الاقتصادية والأجندات الإقليمية، وبخلاف ذلك فانها ستنشق عن الهيئة".

نشأ هذا النوع من الصراع بسبب الفراغ الذي تركه اغتيال الرجل القوي في هيئة الحشد الشعبي ونائب رئيسها أبو مهدي المهندس، مع الجنرال الإيراني قاسم سليماني في غارة أمريكية بطائرة بدون طيار قرب مطار بغداد الدولي في 3 كانون الثاني يناير الماضي.

ورغم أن أقوى فصائل الحشد الشعبي مثل منظمة بدر وعصائب أهل الحق وكتائب حزب الله ترتبط بايران، إلا أن شرعية الحشد تستند الى فتوى السيستاني، كونه مصدرا لتشكيل الحشد بعد إصداره فتوى الجهاد الكفائي في العام 2014 والتي دعت العراقيين الى التطوع لمحاربة "داعش" الذي كان قد استولى على ما يقرب من ثلث العراق، ما تسبب بحشد العشرات من الجماعات المسلحة، التي تضافرت جنبًا إلى جنب مع الفصائل القديمة لإنشاء مجموعة الحشد الشعبي، وهي منظمة حكومية يحميها القانون.

نُشر في صفحة العالم الجديد