النهار تحتج بالأبيض على أزمة الصحافة اللبنانية

الصحيفة الأعرق في لبنان تصدر بثماني صفحات بيضاء احتجاجا على تردي الوضع السياسي والاقتصادي في البلاد مع اقتراب شبح الإغلاق على غرار صحف كبرى أخرى.

بيروت - صدرت صحيفة النهار الأعرق في لبنان الخميس بثماني صفحات بيضاء احتجاجا على تردي الوضع السياسي مع تعثر الفرقاء في تشكيل حكومة منذ نحو خمسة أشهر، في وقت تغرق البلاد في سلسلة أزمات اقتصادية وبيئية ومعيشية.

وقالت رئيسة تحرير النهار نايلة تويني في مؤتمر صحافي مخاطبة القوى السياسية "الشعب تعب والنهار تعبت من كتابة حججكم ووعودكم المكررة الفارغة"، مضيفة "نتفرج على لعبة تقاسم الحصص والله يعلم كم سننتظر لنرى اليوم الأبيض" في إشارة إلى تشكيل الحكومة اللبنانية.

وأوضحت أن صدور الصحيفة بهذا الشكل هو "لحظة تعبير مختلفة عن شعورنا الأخلاقي العميق بالمسؤولية كمؤسسة إعلامية تجاه وضع البلد الكارثي".

ولم تكتف الصحيفة التي تأسست في العام 1933، بإصدار نسختها الورقية بصفحات بيضاء، بل فعلت الأمر ذاته على موقعها الالكتروني وحساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي.

وعلى هامش المؤتمر، أوضحت تويني لوكالة فرانس برس أن الصحيفة منذ تأسيسها "دائما كان لها دور في التغيير في مراحل سياسية معينة" مؤكدة أن "صرختنا اليوم ليست مع طرف ضد طرف آخر".

ولعبت النهار خلال عقود دورا بارزا في الحياة السياسية اللبنانية. لكنها تعاني منذ سنوات من أزمة مالية كبرى.

ويشهد قطاع الصحافة في لبنان أزمة متمادية ترتبط بشكل أساسي بتوقف التمويل الداخلي والعربي إلى حد كبير، عدا عن ازدهار الصحافة الرقمية وتراجع عائدات الإعلانات، ما دفع مؤسسات عدة بينها صحف ودور نشر عريقة إلى الإغلاق أو الاستغناء عن صحافيين وموظفين كما فعلت النهار، إلى جانب إغلاق جريدة السفير منذ عامين وصحيفة دار الصياد المحلية مؤخرا.

وقررت صحيفة النهار الاستثمار في موقعها الإلكتروني لانتشال الصحيفة من أزماتها، فأطلقت في أبريل 2017 تصميما للموقع إلى جانب خدمة "بريميوم" التي تؤمّن محتوى ومواد متنوعة للقراء مقابل رسم اشتراك مالي من أجل التمكّن من الإطلاع عليها وقراءتها. وتوفّر هذه الخدمة للمشتركين قراءة مقالات النسخة الرقمية من جريدة النهار، وتصفّح نسخة الصحيفة بصيغة "بي.دي.أف"، وقراءة التحليلات والملفات الخاصة في الموقع، والاستفادة من محتوى الجريدة كافة.

ويرى متابعون أن أزمة الصحافة اللبنانية لا تتعلق فقط بتراجع التمويل والإعلانات، إذ أن مسألة التوريث وضعت صحفا عريقة في أيدي أشخاص لا علاقة لهم بالإعلام، وآخر العراقيل إطار قانوني هش لا يضمن حقوق الصحافيين بقدر ما يحمي حقوق المالكين.

صحيفة السفير
على خطى السفير؟

ويزيد الجمود السياسي والاقتصادي الذي يتخبط به لبنان منذ سنوات، من أزمة الصحافة. ورغم تسوية سياسية أدت إلى انتخاب ميشال عون رئيسا للبلاد في تشرين الأول/أكتوبر 2016، وأتت بسعد الحريري رئيساً للحكومة ثم انتخاب برلمان جديد في أيار/مايو، إلا أن ذلك لم يضع حداً للازمات.

ولم يتمكن الحريري منذ أشهر من تشكيل حكومة جديدة، وتراوح الاستشارات التي يجريها مكانها نتيجة خلافات حادة على توزيع الحصص الوزارية.

ويقف عدم تشكيل الحكومة حائلا أمام حصول لبنان على منح وقروض بمليارات الدولارات تعهد بها المجتمع الدولي دعما لاقتصاده المتهالك، كما يثير الخشية من تدهور أكبر قد ينعكس أيضاً على الليرة اللبنانية.

وفي لبنان ذي الموارد المحدودة، لا يمكن تشكيل الحكومة من دون توافق القوى السياسية الكبرى إذ يقوم النظام السياسي على أساس تقاسم الحصص والمناصب بين الطوائف والمجموعات السياسية.

وتشهد البلاد منذ سنوات أزمة نفايات لم تجد الحكومة حلا نهائيا لها بعد. ويفيد مواطنون منذ أيام على مواقع التواصل الاجتماعي عن مياه آسنة تصل منازلهم للاستخدام اليومي. وينشر ناشطون صوراً تظهر حقول خضار غارقة في مياه آسنة.