النيجر تطوي صفحة الاستغلال الفرنسي لثروات البلاد
نيامي - أغلقت السلطات النيجرية مكاتب ثلاث شركات فرنسية وصادرت معداتها، في تصعيد جديد يعكس إصرار المجلس العسكري الحاكم على قطع العلاقات الاقتصادية مع القوة الاستعمارية السابقة التي اضطرت تحت الضغط لسحب قواتها العسكرية من البلد، فيما تبدو الشركات الروسية في طريق مفتوح لتعويض المستثمرين الفرنسيين، بعد أن تمكنت موسكو من استمالة دول الساحل الأفريقي.
وشملت القرارات مكاتب "سماير'' و'كوميناك' و”أورانو مينينغ النيجر'' التي تعمل تحت مظلة مجموعة أورانو، وفق موقع "أخبار شمال أفريقيا" الذي أوضح أن سلطات النيجر منعت عمال الشركات من دخول المقرات.
وأعلنت الشركة الفرنسية أنها فقدت الاتصال بموظفيها منذ تنفيذ الإجراءات النيجرية، في خطوة من شأنها أن تؤجج التوتر بين نيامي وباريس.
ويأتي هذا التطور بعد نحو خمسة أشهر من سيطرة المجلس العسكري الحاكم في النيجر على شركة "سوماير" التابعة لمؤسسة "أورانو" الفرنسية المتخصصة في تعدين اليورانيوم، ما فاقم الخسائر الاقتصادية لفرنسا في البلد الأفريقي.
وأكدت مصادر مسؤولة أن نيامي تسعى إلى فرض سيطرتها على سلاسل الإنتاج في قطاع التعدين، ضمن مساعيها لإنهاء عقود من الهيمنة الفرنسية على هذا المجال.
وأرسلت المباحثات التي أجرتها موسكو الشهر الماضي مع وزراء خارجية مالي وبوركينا فاسو والنيجر التي تشكل تحالف دول الساحل إشارات واضحة على أنها تسعى إلى تعزيز نفوذها في المنطقة من بوابة التعاون الاقتصادي والعسكري.
وتقدم روسيا نفسها على أنها جدار لصد ما تصفه بـ"الاستعمار الجديدة" مستفيدة من تنامي العداء تجاه فرنسا التي تواجه اتهامات باستغلال الثروات الطبيعية في أفريقيا، فيما يبدو أن موسكو استوعبت الدرس بحرصها على إبرام اتفاقيات على أساس المنافع الاقتصادية المتبادلة.
وتسعى موسكو عبر توسيع نطاق حضورها إلى كسر احتكار القوى الغربية التقليدية للنفوذ في أفريقيا، فيما تركز على الوصول إلى الموارد الطبيعية في منطقة الساحل، مثل المعادن والنفط والغاز كما تتطلع إلى فتح أسواق جديدة لمنتجاتها.
وتستعد شركات روسية للاستثمار في بلدان الساحل من بينها شركة "يادران" الروسية التي تعتزم بناء مصفاة للذهب ومصنع لتجهيز القطن في مالي، فيما بدأت مؤسسات أخرى في بناء محطة للطاقة الشمسية في البلد الافريقي، كما أبرمت "روساتوم" للطاقة الروسية اتفاقيات لبناء محطات للطاقة النووية والتدريب في مالي وبوركينا فاسو، فيما تشير تقارير إلى أنها تسعى للحصول على أصول اليورانيوم في النيجر.
وتعكس زيارات كبار المسؤولين الروس إلى بلدان الساحل الأفريقي رغبة موسكو في تمتين العلاقات وإظهار التزامها بدعم المجالس العسكرية في أعلى المستويات، كما تسعى روسيا إلى استثمار موقعها في المحافل الدولية، مثل الأمم المتحدة، لتوفير غطاء دبلوماسي للمجالس العسكرية في المنطقة والترويج لأجندتها الجيوسياسية الخاصة.
ويشير التمدد الروسي ليشمل دولًا أخرى مثل تشاد وتوغو إلى زيادة ترسيخ نفوذ روسيا، فيما يرى مراقبون أن موسكو تراهن على إعادة رسم الخريطة الجيوسياسية لغرب إفريقيا، مما يخلق كتلة من الدول المتحالفة مع روسيا.