الهجرة غير النظامية ملجأ لبنانيين فرارا من الأزمة الخانقة

قوارب الهجرة غير الشرعية في لبنان تزداد بوتيرة سريعة مع تدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية التي بلغت ذروتها بانفجار مرفأ بيروت.
وفد قبرصي في بيروت لبحث سبل وقف قوارب الهجرة القادمة من لبنان

بيروت - بوتيرة سريعة تزداد قوارب الهجرة غير الشرعية في لبنان، فيما تبدو أن مغادرة البلاد بحثا عن حياة أفضل باتت ملجأ كثير من اللبنانيين، فرارا من واقع مزر وتغيير أوضاعهم في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية التي بلغت ذروتها بانفجار مرفأ بيروت قبل أكثر من شهر.

ومؤخرا أعادت السلطات القبرصية الرومية 115 مهاجرا غير نظامي على متن 6 قوارب وصلوا إليها من لبنان، وفق وسائل إعلام محلية.

والإثنين أعلنت قبرص الرومية أنها سترسل إلى بيروت وفدا لبحث سبل منع قوارب محمّلة بطالبي لجوء من الإبحار نحو شواطئها من السواحل اللبنانية.

غداة ذلك أعلن الجيش اللبناني إحباط عملية تهريب أشخاص إلى قبرص الرومية، وقال بيان آنذاك "تمكنت القوات البحرية من إحباط عملية تهريب أشخاص عبر البحر إلى قبرص (الرومية) بطريقة غير شرعية".

ومنذ 4 أغسطس/آب الماضي، زاد انفجار مرفأ بيروت الوضع سوءا في بلد يعاني منذ أشهر، أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه الحديث، واستقطابا سياسيا حادا، في مشهد تتصارع فيه مصالح دول إقليمية وغربية فضلا عن الانقسامات الطائفية والسياسية في الداخل.

ورفع انفجار المرفأ من إحباط وغضب الشباب في لبنان، الذي يشهد منذ 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019 احتجاجات شعبية ترفع مطالب اقتصادية وسياسية.

رسائل العائدين

يقول أحد الشباب العائدين من قوارب الهجرة التي لم ترس على شواطئ الوطن الجديد، مفضلا عدم ذكر اسمه، "الفقر هو السبب الرئيسي للتفكير في الهجرة غير النظامية. أعمل 14 ساعة يوميا مقابل 20 ألف ليرة (نحو 13 دولارا) وهي غير كافية".

ويضيف "أنا وأقراني لا نريد سوى الخروج من هذا البلد، وسنعاود محاولات الخروج مجددا على القارب.. هذا البلد ليس لنا وإنما للسياسيين وحدهم".

فيما يقول مهاجر آخر "أستطيع توفير المأكل والمشرب، ولكني قررت الهجرة لتوفير مستقبل أفضل لأبنائي، فلا مستقبل لهم هنا في لبنان".

غضب شعبي من تدهور الأوضاع في لبنان
غضب شعبي من تدهور الأوضاع في لبنان

رحلة شقاء

ويروي أحد الشباب العائدين من قوارب الهجرة حجم المعاناة والشقاء التي استمرت نحو 80 ساعة ذهابا وإيابا في عرض البحر.
ويقول مفضلا عدم ذكر اسمه، "وصلنا قبرص (الرومية) ومكثنا هناك 5 أيام، وبعد ذلك قالوا لنا إنهم سيخضعون الجميع لفحوص طبية، لكننا فوجئنا بأنهم وضعونا في سفن وأعادونا إلى لبنان".

ويوضح لبناني آخر "دفعت 5 ملايين ليرة (نحو 3400 دولار) لأحد المهربين نظير الوصول إلى قبرص (الرومية) لكني فشلت في ذلك وفي استرداد المبلغ أيضا".

فيما يؤكد شاب سوري أنه دفع 13 مليون ليرة (حوالي 8 آلاف دولار) نظير الهروب بحرا إلى شواطئ قبرص الرومية.
ويضيف، مفضلا عدم ذكر اسمه: "أنا وحيد في لبنان، أهلي جميعهم في سوريا ولا أستطيع الذهاب إليهم".

ويقول حسين مصطفى (صياد من طرابلس/شمال) "أوافق على الهجرة غير النظامية تماما.. لو أملك المال الكافي هل أهاجر بهذه الطريقة وأخاطر بعائلتي وبنفسي لكي أعيش حياة كريمة؟".

ويشهد لبنان أزمة خانقة بلغت ذروتها مع انفجار مرفأ بيروت، مخلفا 191 قتيلا وأكثر من 6 آلاف جريح، وعشرات المفقودين، بجانب دمار مادي هائل وخسائر بنحو 15 مليار دولار، بحسب تقدير رسمي غير نهائي.

ودفع الانفجار حكومة حسان دياب إلى الاستقالة، بعد أن حلت منذ فبراير/شباط الماضي محل حكومة سعد الحريري، التي أجبرتها احتجاجات شعبية ترفع مطالب اقتصادية وسياسية على الاستقالة، في أكتوبر 2019.

وكلّف الرئيس اللبناني ميشال عون، في 31 أغسطس/آب الماضي، مصطفى أديب تشكيل حكومة اخصائيين خلفا لحكومة دياب، لكن الأخير كمّن يسير في حقل ألغام ولا بوادر تلوح في الأفق حول نجاحه في مهمة تواجه تعطيلا من حزب الله وحلفائه في لبنان.