الهيبة الآفلة

لم يعد منصب الولي الفقيه باق في برجه العاجي كما كان أيام الخميني.

عندما يتذكر المتابع أيام كان الخميني المرشد الاعلى في إيران ويقارن بين المكانة والهيبة التي كان يحظى بها وبين نظيرتها لخليفته خامنئي، فإن الفرق يبدو شاسعا خصوصا بعد أن صار منصب الولي الفقيه في مرمى ليس الشعب الايراني فقط وإنما حتى دولا إسلامية مجاورة لإيران لا زالت تعاني من أوضاع صعبة وتواجه مشاكل مختلفة. وهذا يعني بأن مكانة وهيبة منصب المرشد الاعلى أو"الولي الفقيه"، قد صارت آفلة!

أثناء إنتفاضة عام 2009، حيث تم إطلاق شعارات تنادي بالموت لخامنئي وتم تمزيق وحرق صوره من قبل المتظاهرين، وتم تكرار ذلك والتأكيد عليه في انتفاضة 28 ديسمبر/كانون الاول 2017، الى جانب إن قادة ومسٶولين إيرانيين صاروا يلمحون في تصريحات لهم الى المرشد الاعلى حيث المطالبة بقيادة جماعية أو تحديد فترة ولايته أو الجمع بين منصبي الولي الفقيه ورئيس الجمهورية، كل ذلك قد كان بمثابة صفعات سياسية قوية موجهة لشخص خامنئي. ولكن وبعد أن ردت الحكومة الافغانية تصريحات المرشد الإيراني علي خامنئي التي مدح فيها ميليشيات "فاطميون" الشيعية الأفغانية التي تم تدريبها وإرسالها للحرب السورية على يد الحرس الثوري الإيراني، فإنه قد صار هناك بعدا جديدا لمسألة أفول هيبة خامنئي خصوصا عندما تٶكد وزارة الخارجية الأفغانية في بيان لها، بأنه قد "استغلت الحكومة الإيرانية الفقر والمشاكل الاقتصادية للاجئين الأفغان بغية استقطابهم إلى مراكز التدريب العسكرية ومن ثم إرسال الكثير منهم إلى الحرب في سوريا"، وبطبيعة الحال فإن هذا الرد له معناه ومغزاه إذ إنه إضافة الى كونه ردا مباشرا على خامنئي فإنه يمثل أيضا نوع من التحدي لنظام ولاية الفقيه وإستغلالها للمشاعر الطائفية من أجل تحقيق أهداف وغايات محددة لها.

لم يعد منصب الولي الفقيه باق في برجه العاجي كما كان أيام الخميني، بل إنه أصبح جدارا لم يعد صعبا تسلقه وإجتيازه، وهذه مشكلة كبيرة جدا قد صارت بمثابة هاجس لجناحي النظام، إذ أن كلا الجناحين لايهمهما خامنئي بقدر مايهمهما النظام وإستمراره ولاسيما وإن هناك مصالح متشعبة لأقطاب الجناحين ليس من السهل التخلي عنها أو حتى تركها وحتى يمكن وصف البعض من هذه المصالح بشبكات أقرب منها للمافيا حيث إن تداخل المصالح وتشابكها تجعل من الصعب على أحدهم أن يترك الساحة من تلقاء نفسه، ومن هنا فإن سقوط هيبة المرشد الاعلى كمنصب وكشخصية في حد ذاتها، تدفع بالنظام شاء أم أبى للبحث في طريقة أو حتى طرق من أجل معالجة هذا الخلل والذي يعني في خطه العام بأن ثمة ثغرة كبيرة قد تم فتحها في أهم وأخطر جدار للنظام!