انتخابات لبنان.. المقاطعة لصالح حزب الله

حزب الله جعل وبمساعدة من تيار المستقبل لبنان مستنقعا إيرانيا ودويلة تخضع لسياسات ولاية الفقيه ولم يعد بإمكان الطبقة السياسية الحالية فعل الكثير فهي تنازلت بما يكفي وخسرت ما يكفي.

بقلم: جيري ماهر

بفضل الأحزاب السياسية وقياداتها غير المسؤولة وغير المتمرسة سياسياً خسر لبنان موقعه وخسر نفسه ووقع في مستنقع إيران، وقدم لحزب الله الإرهابي انتصاراً لم يكن ليحققه لولا كم التنازلات التي قدمها تيار المستقبل من جهة وغيره من الأحزاب التي سعت لزيادة عدد نوابها في مناطق نفوذها على حساب المصلحة الوطنية.

في السادس من أيار ٢٠١٨ استيقظ الشعب اللبناني وتوجه بكافة أطيافه إلى صناديق الاقتراع وبعد ساعات خرجت تقارير إخبارية تتحدث عن ضعف الإقبال على الانتخابات وعن مقاطعة واضحة من فئة رفضت سياسات تياراتها ونتحدث هنا بالدرجة الأولى عن تيار المستقبل الذي قاطعه عدد كبير من الناخبين بسبب تقاربه يوماً مع التيار الوطني الحر الذي لم يتوقف يوماً عن التأكيد على تحالفه مع حزب الله، وبسبب هذا التحالف وصل لبنان إلى الحضيض وغرق بالنفايات وبقي بلا رئيس أو حكومة لأشهر وخسر علاقاته بأشقائه العرب وتعامل أكثر وأكثر مع من حرض على قصف الرياض ومكة وعدة مدن سعودية وشارك في التحريض على مملكة البحرين ودول الخليج العربي.

 أما السبب الثاني للمقاطعة فهو رفض ما سمي بالتحالف الرباعي ولاحقاً بالتحالف الخماسي الذي ضم "حزب الله المستقبل التيار الوطني الحر، الحزب التقدمي الاشتراكي وحركة أمل، وهذا التحالف ساهم بدق المسمار الأخير في نعش قوى الرابع عشر من آذار ومشروع رفيق الحريري.

اليوم رفع الناخب البيروتي بشكل خاص الكرت الأصفر بوجه سياسييه، وقال لهم كفى ورفض استمرارهم بالخضوع والتنازل لحزب الله بحجج واهية عنوانها العيش المشترك والوحدة الوطنية التي لم يقدمها هؤلاء إلا مقابل تنازلات عمياء قاتلة لحزب إيران وحلفائه الذين استفادوا من تيار المستقبل ليزيدوا عدد نوابهم وتسببوا له بخسارة أكثر من عشر نواب في كافة المناطق اللبنانية، إضافة إلى الضربة القاضية في بيروت العاصمة والتي حصل فيها تحالف حزب الله على ٤ مقاعد نيابية وكانت نسبة الأصوات التي حصل عليها أحد مرشحي الحزب أكبر من تلك التي حصل عليها سعد الحريري نفسه في بيروت الثانية وهو ما يظهر حجم الامتعاض لدى جمهور تيار المستقبل من استمرار تيارهم بالتنازل لتيار عون وصهره باسيل الذي اعتبره الرئيس الحريري صديقه ودعى أنصاره لإعطائه صوتهم التفضيلي ما ارتد عليه سلباً في باقي المناطق وظهر ذلك جلياً بخسارة التيار لهذا العدد الكبير من النواب.

لقد جعل حزب الله ومن خلفه إيران وبمساعدة مقصودة أو غير مقصودة من تيار المستقبل لبنان مستنقعا إيرانيا، لا يختلف عن الجحيم وحولوه إلى دويلة تخضع لسياسات ولاية الفقيه ولم يعد بإمكان الطبقة السياسية الحالية فعل الكثير فهي تنازلت بما يكفي وخسرت ما يكفي، وقدمت للخصوم ما يريدون، قانون انتخاب على قياس أحلامهم وتطلعاتهم، تجاهل سلاحهم وإرهابهم وتحريضهم على الخليج، تدريبهم للحوثيين في لبنان، خطف قرار السلم والحرب في لبنان، التحكم بمصير البلد وتحديد من يمكنه أن يصبح رئيساً ومن يمكنه أن يصبح رئيساً للوزراء وأكثر من ذلك، شيطنوا البلد وجعلوه خصماً لأشقائه العرب من المحيط الى الخليج وكأنهم يقولون للعلم أجمع "نحن جزء من الجمهورية الإرهابية الإيرانية".

جيري ماهر

كاتب لبناني